لم نشك يوما بأن قطر كانت ستتجاوز فكرة انجاح بطولة كأس العالم 2022 إلى أرض الواقع، إلا أن أحدا من العالم لم يكن يتوقع أن يكون هذا النجاح بهذا الحجم الكبير، رغم التحديات التي واجهت الدولة الشقيقة، ومحاولات الانتقاص من قدرتها، بل الذهاب في بعض الأحيان إلى تأكيد أن المونديال لن يقام في هذه الدولة العربية.
لقد حققت هذه الدولة التي تبلغ مساحتها 11 ألف كيلو متر مربع معجزة كبيرة، حيث أثبتت للعالم أن المسألة لا تتعدى وجود الإرادة والتحدي، والوثوق بالذات، والإيمان بأنها تملك مقومات النجاح التي تستطيع توظيفها بنجاح وحسن ادارة مما وفقها في تنظيم هذا الحدث العالمي، وهو الأمر الذي فرض احترام وتقدير قطر في العالم أجمع.
ومما يثلج الصدر حقا، هو قدرة قطر على فرض العادات والتقاليد الاسلامية والعربية على كل الزوار والمشاركين إذ الزمتهم باحترامها وتقديرها، رغم الصعوبات الجمة التي عصفت بهذا الملف، ما اضطر الجميع للانصياع لرغبة وشروط ومعايير الدولة المستضيفة للحدث العالمي، ووضع الكل أمام الأمر الواقع، فلا تنازل عن المبادىء والعادات، والأعراف، والدين، من أجل بطولة لن تتجاوز مدتها 28 يوما.
العرب جميعهم مدينون لهذه الدولة، والإسلام أصبح أقرب إلى العالم أكثر من أي وقت مضى، خصوصا أن الإعلام الغربي زرع في عقول الشعوب أن الدين الاسلامي هو دين تطرف وعنف، فبات ملايين الأشخاص يعيشون اليوم مؤفتا في دولة اسلامية عنوانها السلام، والمحبة، والتسامح، وفي ذلك أكبر رسالة تسويقية اسلامية للمجتمع العالمي بحقيقة الاسلام مفادها ان ما خوفتكم منه أدوات الإعلام الغربية، وزرعت بسببه الرعب في قلوبكم يخالف الواقع الذي شاهدوه في قطر. قطر قالت كلمتها في هذا الحدث العالمي لكل من حضر إليها او تابع على وسائل التواصل الاجتماعي قالت انتم في دولة اسلامية مثال للدول الإسلامية أساسها الأمن والآمان، والمساواة، وأنه لا فرق بين الناس على أساس معتقداتهم وألوانهم وأفكارهم وانتماءاتهم.
صحيح أن قطر أنفقت مليارات الدولارات على هذا الحدث، وهناك من ظن أن هذه الأرقام كبيرة ومبالغ فيها، لكن في حقيقة الأمر لا يقاس حدث عالمي كالمونديال في قطر بحجم الانفاق، وإنما بحجم الفائدة المتحققة منه، واعتقد أن المنجز يساوي ماليا مبالغ تفوق تلك التي انفقت، أو ستنفق لاحقا، لأن العالم العربي أجمع كان بحاجة ماسة لمثل هذه المناسبة ليعكس الشعب القطري ممثله للعالم قاطبة هويته، ورسالته.
لا يمكن أن نعطي قطر حقها في الاشادة، فما صنعته يفوق ذلك بكثير، يكفيها أنها رسمت خريطة جديدة للعالم، بألوان عربية اسلامية، حتى لو كان ذلك لمدة شهر فقط، لكن نتائجه ستستمر وستستمر طويلا، وستحدث حقا فرقا لا يمكن نسيانه عالميا.