اصبح هناك فساد مذموم.. وفساد محمود.. وزغرتي يا هلاله..

نبض البلد -
محمود الدباس

قبل فترة من الزمن جمعتني احدى اللقاءات بصديق قديم.. وعند الحديث عن الحال والأحوال.. والسؤال المعتاد "وين أيامك؟!".. تحدث بحرقة والم وبدا بالنصح والارشاد..

وقبل ان اسرد عليكم ما قاله صديقي.. والذي لا اصفه بالفاسد بالمعنى الحرفي.. ولكن للاسف ما هو عليه حينها.. هو نتاج لعملية فساد.. فاقول وكلي ثقة.. بانني لا مع الفساد المذموم ولا الفساد المحمود على حد تصنيفه في اي بلد عربي او اجنبي.. وانني مع الحق.. والحق دوما ابلج..

واتمنى منكم ايها الأحرار الشرفاء.. قراءة الامثلة ومن عنده مثلها فليخبرني.. او ينشرها.. لعلنا نسلط الضوء عليها..

يقول صديقي.. لقد تمت تسميتي لأشغل منصبا عن طريق احد المعارف.. والذي أعجِبَ بأدائي في احدى الشركات الكبرى اثناء زيارته الرسمية للبلد التي كنت اعمل فيه..
واستمزج رأيي حينها اذا ما كنت ارغب بالعودة والعمل في بلدي الأم؟!..
فكان جوابي.. بعد هذه السنوات اتمنى العودة.. ولكن المشكلة تكمن في طريقة التعيينات وحتى اسس المُفاضلات والمقابلات..
فرد عليَّ قائلا.. اذا نويت العودة.. انا بدبرها.. وانت بتستاهل..

طبعا نويت واخبرته.. وتم تعييني في منصبي.. والحمد لله انا على قدر هذا المكان.. فخبراتي ومؤهلاتي تنطبق تماما على الوصف الوظيفي.. والحمد لله منذ ان استلمت ادارته والامور تتسارع نحو الافضل.. وكل شيء يسير بخطط استراتيجية واهداف واضحة..

واستطرد قائلا.. اعلم انك تقول هذا الذي جاء عن طريق الواسطة والمحسوبية يريد ان يُنَظِر عليَّ.. ويعطيني دروسا في الاخلاق والمهنية.. ولكنني اقولها.. للاسف هناك فساد مذموم وعلى مستويات.. كبير ومتوسط وصغير.. وهناك فساد محمود.. اي مثل حالتي وما حصل معي.. فانا صحيح اتيت بالباراشوت.. ولكنني على قدر هذا المكان.. ولا يوجد اي تنفيعات لمن اتى بي.. وهدفه المصلحة العامة..

وقال لي.. من معايشتي لمن هم في مستوى مركزي.. اود ان اقول لك امثلة على الفساد المذموم..
فهناك مسؤول يعين ابنه او اخيه في مكان مسؤولية وبدرجة عليا.. وليس كموظف عادي.. ولا يكون على قدر ذلك المكان.. ويقوم هذا الشخص بالعبث.. ويعيث فسادا في ادارته وصلاحياته.. فلا هو ممسك بزمام الامور.. ولا هو متواجد ليعلم ما يجري من موظفيه.. وهمه الاول والاخير نفسه وسفراته.. فأثر الفساد هنا ليس على مستوى ذلك الفرد الذي تم تعيينه.. وانما على مستوى ادارة باكملها..

وتجد مسؤولا يعين طرطورا تحت جناحه.. ليشغل مكانا لا يريد ان يأتي اليه شخص قوي.. ويريد من ذلك الطرطور ان يكون على قدر اليد.. فلا ينبِس ببنت شفة.. الا بأمرِ مَن عينه في ذلك المكان الذي يكبره كثيرا.. وهنا كارثة من العيار الثفيل..

وتجد مسؤولا تضج ببطولاته الدونكيشوتية مواقع التواصل الاجتماعي.. ويكون اكبر همه دهان رصيف.. وازالة قفل عن باب مغلق ليبقى مفتوحا.. وتغيير انارة.. ولا يهتم لان تقف خدمة مؤسسته لوقت يعد في عرف هكذا عمل بالكارثي..

وتجد مسؤولا يرتشي بعلبة شوكولاتة ليُنَسب موظفا للسفر الى خارج البلد في مهمة لا جدوى منها.. ويكلف مؤسسته اموالا بدل تلك السفرة او التنفيعة..
ويرتشي بسندويشة فول لينتدب موظفا للعمل في مهمة قريبة من مكان سكنه.. ليوفر عليه مواصلاته.. ولا يهتم بمدى الكلفة التي كلف بها مؤسسته جراء هذا الفعل..

وتجد مسؤولا همه الاول الايقاع بموظفيه الجيدين.. ليبعدهم عن مكان مسؤوليته وصلاحيته.. ويبقي الضعاف من الموظفين حوله.. ويبث الفرقة والشحناء بينهم.. حتى يبقى في نظر ادارته انه هو الافضل.. ولا ينكشف ضعفه.. ولا ينظر لمستوى اداء ادارته الذي يتدنى يوما فيوم.. ومدى الخدمة التي يقدمها..

هنا قلت له بالله عليك توقف.. فيكفيني جرعاتك السلبية هذه.. ولا تصدر هذه الافكار للاردن.. ودع لي شيئا من الايجابية اعود بها الى بلدي..
ولا بارك الله في الفساد المحمود قبل المذموم..
ابو الليث..