نبض البلد -
نبض البلد -يقع على عاتق البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر الأردنية اليوم، التأكد من وصول الخدمات والمنتجات والمفاهيم المالية كافة، للعملاء بشكل مفهوم و واضح، وتمكينهم من إدارة حساباتهم، وتنفيذ معاملاتهم، و اتخاذهم قرارات مالية صائبة، وذلك من خلال نشر أسعار الخدمات والمنتجات المالية التي تقدمها، وتبسيط المفاهيم المالية المختلفة، كما عليها تبني استراتيجيات واضحة، تهدف لمحو الأمية المالية لعملائها على اختلاف شرائحهم .
وعليها أيضا، إدراك الفروقات في قدرات عملائها مستخدمي الخدمات المالية، وخصوصا الرقمية منها وذلك بإصدراها ارشادات تفصيلية، تتعلق باستخدام الخدمات المالية حمايةً لحقوق العملاء من الاحتيال، أو إساءة الاستخدام، وتوعيتهم من مخاطر استخدام القنوات الالكترونية بشكل خاطىء، وتحذيرهم من الرسائل الإلكترونية والروابط المزيفة التي تصلهم بهدف الاحتيال .
وباعتقادي ستزيد المنفعة لطرفي المعادلة ( البنك أو مؤسسة التمويل الأصغر كمقدمي خدمة مالية Supply Side) و ( العميل كمتلقٍّ للخدمة المالية Demand Side ) , ومن الجدير ذكره أن البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر تسعى اليوم للوصول إلى الشرائح المستهدفة بإمكانياتها كافة، مستغلة توجه النظام المالي والمصرفي العام نحو رقمنة كافة العمليات، وتوفر القنوات الإلكترونية المتعددة وحرصه على تبني التكنولوجيا المالية والتي تتطلب ثقةً وفهما كافيا من العملاء، والتي من خلالها يمكن لمقدمي تلك الخدمات تتبع وفهم سلوك المستخدمين من عملائها بهدف تقديم خدماتٍ ومنتجاتٍ مالية، تلبي طموحاتهم وحاجاتهم. ولما تفرضه المنافسة الشرسة في الأسواق اليوم، أصبح لزاما عليها طرح باقة جديدة من الخدمات المالية الرقمية وغير التقليدية .
شرعت كثيرٌ من البنوك تقديم جزء من خدماتها عبر تطبيقات الهاتف المحمول، وشبكات الصراف الآلي المنتشرة، وجميع القنوات الإلكترونية المتاحة، مثل خدمة فتح الحساب عن بعد، وإجراء عمليات التسوق الإلكتروني والشراء، و تنفيذ المدفوعات، وعمليات التحويل المالي ... الخ . وتحرص على تقديم تلك الخدمات والمنتجات بشكل مفهوم، ومبسط و واضح؛ ليتسنى للعملاء استخدامها. وهنا علينا أن نسأل: هل قامت البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر بقياس الوعي المالي والمصرفي لعملائها قبل تقديمها لتلك الخدمات ؟ وما مستقبل الخدمات المالية التقليدية خلال العشرة سنوات القادمة؟ وما شكل التعاملات المصرفية والمالية في المدى المنظور مع استعداد المشغلين لإطلاق الجيل الخامس من الاتصالات ؟
ومن خلال مسح إحصائي أجريته على عينة عشوائية من عملاء البنوك، وجدت أنه كلما زاد عمر العميل، قلت ثقته في استخدام الخدمات المالية الرقمية والعكس بالعكس، وقد أشارت النتائج إلى أن فئة الأعمار من عملاء البنوك من 60 سنة فأكثر هي الفئة الأقل تكرارا في استخدام تطبيقات الهاتف المحمول والقنوات الإلكترونية لتنفيذ عملياتهم المصرفية، يليها الفئة العمرية من 50-60 سنة، ثم تلتها الفئة العمرية من 40-50 سنة، وهكذا وصولا للفئة العمرية من 20-30 سنة والتي كانت الفئة الأكثر تكرارا في استخدام الخدمات المالية الرقمية، مما يؤشر إلى أن فئتي الشباب من 20-40 سنة هما الفئتان الأكثر تجاوبا مع الخدمات المالية الإكترونية، وهو ما يفسر تصميم البنوك اليوم على طرح منتجات ماليةٍ، تحاكي تطلعات تلك الفئة وحاجتها لخدمات أكثر نوعية وابتكارا، وقد يعزى ذلك أيضا لمهاراتهم اللغوية و شغفهم في تجربة كل ما هو جديد .
ولضبط السلوكيات المالية الخاطئة لتلك الفئة ورفع قدراتهم المالية في مواضيع التخطيط المالي و إدارة الحسابات المالية والمصرفية يقع على عاتق الجهات ذات العلاقة:
أولا : تطوير أدوات لقياس الوعي المالي للمواطنين، وتحديد الشرائح المستهدفة من ذلك، ومعرفة واقع إدراكهم بالمعرفة المالية، ثم إعداد إستراتيجية وطنية تهدف إلى تعزيز الوعي والمعرفة، ومحو الأمية المالية عند المواطنين.
ثانيا : تكثيف الخطط والبرامج التي تهدف لتوعية المواطنين؛ من خلال الجهات ذات العلاقة، وإصدار إرشاداتٍ تفصيلية، تتعلق باستخدام الخدمات المالية المختلفة بدرايةٍ، ووعي ماليّ مرتفع.
ثالثا : توجيه البنوك ومؤسسات التمويل الأصغر بوضع إستراتيجيات ذوات أهداف كمية ونوعية قابلة للقياس، تهدف إلى رفع الوعي المالي لدى متلقي الخدمات فيها، ولحماية حقوقهم وممتلكاتهم من الاحتيال، أو إساءة الاستخدام.
بقلم الدكتور اكرم القرالة
خبير اقتصادي
دكتوراه إدارة استراتيجية