نبض البلد -
نبض البلد -- فرح موسى
أفواج من خريجي الجامعات والكليات المتوسطة، ينتظرهم مستقبل غامض في ظل عدم توفر وظائف، وان توفرت فهي لا تلبي سوى نسبة بسيطة من الاعداد الكبيرة للخريجين والذين لا توجد احصائية دقيقة ولكنهم بالالاف ان لم يكن بعشرات الالاف ما يؤدي الى مزيد من الآثار السلبية والنفسية والاجتماعية للشباب الذين يعتبرون الفئة الرئيسية من المجتمع لعدم توفر المكان المناسب لاستيعابهم.
ويصل اعداد الخريجين الى نحو سبعين ألف خريج، تحتاج الحكومة الى حوالي ما بين سبعة الاف الى ثمانية آلاف موظف فقط، وهذا يعني عدم حاجة القطاع العام للموظفين، وبالتالي ضرورة تغيير الثقافة المجتمعية، تجاه التعليم، وتجاه الوظيفة العامة. وفق الدكتور سامح الناصر رئيس ديوان الخدمة المدنية.
حديث الناصر يعني ان اكثر من 50 الف خريج سيينضمون الى طوابير العاطلين عن العمل اذا ماتمكن نحو 10 الاف من ايجاد فرص عمل لهم لذى القطاع الخاص.
وهنا يحمل مدير البرامج والمشاريع في مؤسسة تآلف للحوار والدراسات الانسانية محمد لطفي العزام، الطلاب انفسهم جزءا من المسؤولية في اختيارهم لتخصصاتهم، وقال العزام لـ"الانباط": بداية يجب ان نكون منصفين فالطلاب انفسهم يتحملون المسؤولية في اللحظة التي يختارون من خلالها تخصصاتهم، واضاف، نعلم أن ديوان الخدمة المدنية حدد التخصصات الراكدة، والمشبعة، والمطلوبة، فلماذا يتجه الطلبة للتخصصات الراكدة والمشبعة، وهم يعلمون أن فرصة تعيينهم تكاد تكون معدومة.
وتابع، بالنسبة لمحافظة إربد، هناك تقصير من الحكومة، والمطلوب عقد شراكات فاعلة مع القطاع الخاص من شركات ومصانع، لكي يتم استيعاب عدد كبير من الباحثين عن العمل، قبل اكثر من (١٥) عاماً، تم التوجه لإقامة مناطق تنموية في عدد من المحافظات، وكان هناك واحدة في إربد، لكن أين أصبحت هي الآن.
رئيس ديوان الخدمة المدنية، قال، طالب بضرورة تغيير الثقافة المجتمعية، تجاه التعليم، وتجاه الوظيفة العامة، موضحا، لقد بلغ مخزون الديوان من المسجلين ما مجموعه أربعمائة وأربعة وثلاثين ألف طلب لغاية هذا الشهر، وفي نهاية هذا الشهر سنتوقف عن استقبال طلبات التوظيف لهذا العام، حتى يتم جدولة الدور والترتيب التنافسي.
واضاف الناصر لـ"الانباط"؛ لا تختلف إربد عن باقي المحافظات، إذ تتدفق الطلبات الى الديوان على نفس الوتيرة منذ عدة سنوات على الرغم من النصائح، والارشادات التي يقدمها الديوان للمقبلين على التعليم الجامعي، وفي أكثر من مناسبة وضحنا أن ما يقرب من (50) % من المهن تعليمية، وباقي التخصصات تتوزع على السوق، وبين أن العمل المحلي حالياً، يحتاج الى تخصصات تقنية، وفنية، ومهنية، ويجب على الجميع تغيير توجهاتهم، لتتواكب مع متطلبات العصر. لذلك يجب ان نتوجه وبشكل أكثر ضرورة؛ نحو التعليم التقني، والمهني، ولهذا يجب أن يكون هناك (70) % من الطلبة توجهاتهم تقنية مثل بقية الدول التي تتعامل بنظام التعيين في الوطن العربي.
المواطن أحمد بني ياسين من اربد، قال: الأمر بالنسبة للخريجين أصبح مخيفاً، ومصيرهم بات مجهولاً، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ لما تخفيه الأيام القادمة لهم، اذا بقي الحال على ما هو عليه، "شهادات وخريجين ولكن بلا عمل، يعني فقدان الأمل بالمستقبل، وضياع أجيال حالية وقادمة"، ما يعني فقر وبطالة وازمات وبالتالي زيادة في الانحرافات والسلوك السيء بسبب الإحباط، والفراغ القاتل.
واضاف، كل ذلك يأتي بسبب عدم توفير الوظيفة للخريج من قبل الدولة، وهذا يعني أن الشاب سيبقى يفكر بأمور مخالفة للدين، والتقاليد، إذا بقي بلا عمل لسنين طويلة. واوضح ان الجلوس بلا عمل يعني أيضاً زيادة نسبة العنوسة عند الفتيات، وارتفاع سن الزواج الى ما فوق (30) عاماً، وهذه امور كلها مرتبطة بالوظيفة، وما يفكر به الشباب الذين يرغبون بالزواج.
وأضاف: هل يعقل أن ينتظر بعض الخريجين (20) عاماً حتى يحصل على وظيفة وفي هذه المدة يكون فقد شبابه، ونسي التخصص الذي درسه، وانهارت معنوياته، عتبنا على حكوماتنا لتوفير فرص العمل، والوظائف المناسبة للشباب، وهذا من صلب عملها.
وقال؛ لقد وصل شبابنا الى مرحلة الإحباط، واليأس، وهم ما زالوا على مقاعد الدراسة في الجامعات، وحالهم يقول، ما فائدة الشهادة بدون عمل... نعم "العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم. "
وقال محمد ارشيدات، كلنا أمل بحكوماتنا أن تعمل على العناية بجيل الشباب، وخاصة الذين تخرجوا من الجامعات، ومنحهم ما يستحقوه من اهتمام، وتوفير المشاريع، وتشجيع الاستثمار، وفتح المصانع، وتوفير فرص العمل لكي يتم استيعاب أكبر عدد من خريجي الجامعات، وتخفيف البطالة.
وبين الطالب عمر عودة، سنة ثالثة في كلية الآثار بجامعة اليرموك، أنه في ظل الظروف الحالية التي أصبح على المواطن تحمل تكاليف حياة صعبة، وشاقة، فإنه عندما يذهب الى الجامعة يومياً، يذهب ليس رغبة بالدراسة، لأنه يعلم بأن الوظيفة لن تكون جاهزة بعد التخرج، وينصح بتعدد الخيارات لأن الحياة المهنية؛ ربما تكون أكثر جدوى من الحياة الوظيفية الصعبة.
ويرى أنه لحل هذه المشاكل الكبيرة، على الحكومة أن تجد حلولاً جذرية عن طريق عقد شراكات مع مؤسسات محلية، ودولية، وتقديم الدعم الحكومي للقطاع الخاص، مثل إعفائهم من الضرائب، والتخفيف عنهم لتوظيف عدد منهم، وتمنى على الحكومة أن تضع قوانين تحد من عمل الوافدين من وجه نظره، ويقول، ان الحل يكمن عند الطالب والجامعة فقط، بل هو عمل مشترك ما بين الحكومة، والقطاع العام، والخاص.
الطالبة رزان عمر من كلية الشريعة - تخصص أصول الدين، قالت؛ على الطالب الذي يريد أن يعمل أن يجلس مع نفسه، وأن يفكر ملياً قبل الدخول الى الجامعة، وينظر الى سوق العمل الذي أصبح مشبعاً، والتخصصات متوفرة وبكثرة، لأن ان يجد فرصة عمل بشهادته فكرة أصبحت مستحيلة في هذه الأوقات، وعليهم ان يكونوا ايضا اصحاب حرفة، لأن صاحب الحرفة والمهنة، هو الذي يعمل.
وقال الطالب علي البطاينة، خريج من كلية الاقتصاد، الأرزاق بيد الله جل وعلا، وأنه حينما اختار تخصصه في كلية الاقتصاد والعلوم الادارية، كان عن رغبة منه، ويقول؛ هناك فلسفة مجتمعية، وفكر مجتمعي يؤكد على أن طالب الجامعة، أو الشهادة هي فقط للوظيفة، وهذه الفكرة خاطئة، لأن الوظيفة شيء، والشهادة شي آخر، صحيح ان الشهادة ممكن أن تؤمن الوظيفة، لكن ليس بالضروره أن تعمل في مجال تخصصك.
بدورها، قالت أمل غوانمة، إن إربد مدينة ثقافية بامتيار، ويوجد فيها أهم خمس جامعات أردنية، لكننا نلاحظ أن نسبة البطالة مرتفعة، وللأسف لا يوجد اهتمام بالخريجين، وبالتالي ترتفع نسبة البطالة بينهم أكثر وبالذات في إربد.
وقالت؛ أتمنى لو قام القطاع الحكومي بتسهيل الطريق أمام القطاع الخاص حتى يستثمر في إربد، وبالتالي يتوفر فرص عمل للشباب، وخصوصاً في هذه المحافظة الفقيرة بالمشاريع التنموية، والخدماتية، والغنية بالأيدي العاملة