نبض البلد -
خليل النظامي
من الواضح أن حكومة الدكتور بشر الخصاونة وجميع الحكومات التي سبقتها لم يدركوا حقيقة لغاية هذة اللحظة الغاية والهدف الرئيس من علم الإتصال والعلوم التي تفرعت عنه مثل الصحافة والاعلام والتسويق والدعاية والعلاقات العامة، ولم يلتفتوا لهذه العلوم من النافذة العلمية والمهنية، الأمر الذي جعل هذه العلوم ومخرجاتها من الموارد البشرية على هامش السلم العلمي وهامش السلم المهني بين المهن والعلوم الأخرى.
وما يثبت دقة حديثي هذا أن الحكومات جميعها بما فيها حكومة الخصاونة الحالية، قد قدمت كل اشكال وانواع الدعم المادي والمعنوي واللوجستي لكل المهن والتخصصات العلمية، وعملت على تطويرها وتدريب وتأهيل مخرجاتها، وشبك نقاباتها مع المنظمات الدولية ودول العالم المتقدمة، وحرصوا على إبقاء هذه المهن على سلم اولوياتهم، بإستثناء مهنة وعلم الصحافة والاعلام الذي يدرس في عدد من الجامعات ويدرب ويمارس في وسائل الاعلام المختلفة.
فمن ناحية التطوير العلمي لتخصص الصحافة والاعلام، لم نرى الحكومة وما سبقها من حكومات أن وجهت لـ تطوير مناهج تخصص الصحافة والاعلام والعلوم التي تفرعت عنه، خاصة في ظل تطور وتسارع تكنولوجي مخيف، حيث ما زالت تدرس مناهج مجلوبة من العصور الوسطى في معظم الجامعات الأردنية التي تدرس هذا التخصص، ولم توجه الحكومة عمل أي دراسة تبحث في امكانية تطوير هذه المناهج واستحداث مناهج جديدة رقمية وتكنولوجية لتواكب وتنسجم مع تطورات العصر وما يتطلبة.
اما من ناحية التدريب والتأهيل، فلم نرى الحكومة وما سبقها من الحكومات أن قامت بدمج واضافة الصحافة على قائمة المهن التي تقوم بدعمها من خلال الصناديق التمويلية الحكومية في برامج التدريب والتأهيل، ولم نراها قدمت الدعم المادي واللوجستي لوسائل الاعلام التي تكبدت خسارات فادحة بسبب جائحة الكورونا المستجد وما قبلها من ازمات عصفت بها، ولم نراها قدمت الدعم والتأهيل لتدريب مخرجات تخصص الصحافة والاعلام من الجامعات المختلفة، وكل ما رأيناه مجرد وعود خطت على الورق كـ توصيات خرجت من اجتماع لم يدم لأكثر من ساعة على طاولة وزير متحمس.
ومن ناحية التشغيل، فلم نرى الحكومة الحالية وما سبقها من حكومات أن وفرت فرصة واحدة لخريجي تخصص الصحافة والاعلام، حتى أننا لم نرى يوما أن ديوان الخدمة المدنية طلب خريجي هذا التخصص البائس، بل على العكس من ذلك، فكل ما وجدناه وساطات لا نظير لها من قبل العديد من المسؤولين والنخبويين واصحاب السلطة لـ تشغيل دخلاء هذه المهنة وهذا العلم في وسائل الاعلام المختلفة خاصة الحكومية، فمن تعيين الكتاب الصحفيين الذين ليسوا بكتاب، وتعيين الصحفيين الذي لم يدرسوا الصحافة يوما، وتعيين المذيعين والمذيعات الذين لم يخضعوا لدراسة هذا العلم وممارسة هذا التخصص بشكلة العلمي والمهني، والكثير الكثير حيث باتت معظم وسائل الاعلام الكبيرة والصغيرة مرتعا لدخلاء الاعلام وابناء وخريجي هذا التخصص والذي يزيد تعدادهم عن 6000 خريج متعطلين عن العمل وبالعربي "سواقين فرشة".
وفي المقابل، نرى العديد من الارتباطات التي تجمع الكثير من المسؤولين وبعض الجهات مع من يطلقون عليهم بـ نشطاء و "ناشتات" منصات التواصل الاجتماعي، والذين أوهموا الناس أنهم مؤثرين وهم في الحقيقية لا ينفكوا عن نشر التلويث السمعي والبصري لإذهان المواطنين بشكل مقزز، وعلميا ومهنيا لا يوجد تصنيف مهني يطلق عليه اسم "ناشط اجتماعي او ناشط اعلامي"، الأمر الذي جعلهم يتسيدون المشهد خاصة بعد تلقيهم كل اشكال وانواع الدعم التقني والمادي واللوجستي ايضا، في الوقت الذي تم اسكات الصحفي والوسيلة الاعلامية التي يعمل بها بالعديد من الادوات المباشرة وغير المباشرة عن ممارسة مهنته بشكلها الحقيقي بعيدا عن المحاباة والتحيز، ومحاصرته بالعديد من القوانين والتشريعات التي تحد من ممارسته المهنية لكل فرضية يريد اثباتها او معلومة يرغب بالحصول عليها لإكتشاف الحقيقة وتحقيق العدالة وما يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
والأهم اخيرا، لم نرى الحكومة ولا من سبقها من حكومات أن قامت بدعم الصحف الورقية التي لم تنتظر لحظة للدفاع عن هذا الوطن وعن شعبه الأصيل، وكل ما رأيناه من الحكومات الوعود والعهود التي لم تنفذ وكانت مجرد حبر على ورق، والجميع يعلم أن الصحف الورقية الاربعة في الاردن احوالها لا تسر عدو ولا صديق، ومع ذلك تستمر الحكومة في نهجها بعدم دعم هذه الصحف وتقديم الامتيازات لها لتبقى بندقية تدافع عن الوطن وحائط صد لهجمات الاعداء والمتربصين، خاصة ان الحكومة والجميع يعلم أن الحرب اليوم اعلامية ولم تعد حربا بالأسلحة كما كانت في القرون السابقة، فماذا تنتظر الحكومة ...!!!!!!!!