الدكتور محمد طالب عبيدات

تجسير الثقة بين النواب والناخبين

نبض البلد -
مؤشرات الثقة بين النواب والناخبين تبدأ في الغالب بقمّتها عند بداية أول دورة برلمانية لكنها سرعان ما تتهاوى لتصل في حضيضها عند نهاية مدة مجلس النواب في سنته الرابعة والأخيرة؛ وبالطبع أسباب ومسببات ذلك كثيرة ومتشعبة منها على سبيل الأمثلة لا الحصر شعور الناخبين بعدم قدرة النواب على إيصال رسالتهم ومطالبهم للحكومة؛ وتمرير النواب لتشريعات ضريبية تكلّف المواطن مبالغ مالية باهضة أحياناً؛ وشعور الناخبين بضعف أداء كثير من النواب وتغليبهم المصالح الخاصة على العامة؛ وضعف تقديم الخدمات للناخبين ومناطقهم ومؤسساتها؛ وعدم المصداقية في تطبيق بعض البرامج الإنتخابية لكثير من النواب؛ وتغليب المصالح الخاصة على مصالح الوطن العليا؛ وعدم إضطلاع بعض النواب لأدوارهم التشريعية والرقابية والمساءلة؛ وعدم رجوع معظم النواب لقواعدهم الشعبية للمشورة والتشاركية في إتخاذ القرار تحت القبة؛ وعدم القدرة على إيصال صوت الناخبين وهمومهم وقضاياهم للحكومة؛ وغيرها الكثير:
١. ربما يكون الإتصال والتواصل وإستدامته بين النائب والناخبين أهم موضوع يجسّر الثقة بينهما؛ فالإبقاء على رقم الهاتف والتواصل مع القواعد الشعبية للنائب وإيجاد مكتب في منطقته الإنتخابية وعدم تغيير مكان السكن والإبقاء على وجود النائب بين ناخبيه مواضيع جل مهمة وإن بدت سهلة وبسيطة لكنها في عيون الناخبين كبيرة لترسّخ الثقة الدائمة بين النائب وناخبيه.
٢. المصداقية وثبوت الأقوال وتناسبها مع الأفعال ما بين قبل النيابة وبعدها يمثّل موضوعاً هاماً في مسألة الثقة أيضاً؛ فالشعارات واللقاءات التي وضعها وقالها النائب قبل نيابته يجب ترجمتها على أرض الواقع خدمة لناخبيه؛ وربما لا يستطيع عملها كلها لكن المحاولة فيها على الأقل تجعل منه شخصاً محبوباً ومرغوباً ومحترماً بين ناخبيه؛ حتى ولو جعل من قبة البرلمان حاط مبكى لطلباته وخطاباته التي وعد بها الناس والناخبين.
٣. الرجوع للقواعد الإنتخابية في مسائل مهمة كالثقة بالحكومة والموازنة وغيرها من القضايا المفصلية تجعل العلاقة البينية بين النائب وناخبيه مستدامة وطيبة؛ وربما يتم ذلك من خلال عمل مجلس إستشاري للنائب أو لجان إستشارية في مختلف القطاعات والمناحي من أهل الإختصاص لأن النائب لا يفهم في كل المواضيع بيد أن مستشاريه المختصين يرفدونه بآرائهم حول المواضيع المطروحة.
٤. قيام النواب بدورهم المناط بهم من تشريع ورقابة ومساءلة وفق الدستور يعزز الثقة بين النائب والناخب لا سيما فيما يخص التشريعات التي تنعكس على المواطن سواء مادياً أو معنوياً أو خدمياً؛ وهذه الأدوار للنائب تجعل المواطن يثق بقدراته وهيبته أمام الحكومة لغايات المطالبة بما يخدم المواطن وخصوصاً في التحدي الإقتصادي وإيجاد الإستثمارات اللازمة لخدمة الشباب لإيجاد أماكن لتشغيلهم ودرء شبح البطالة عنهم.
٥. شعور الناخبين بأن النواب يخدمون الوطن كنواب وطن وليس مناطق يعزز أيضاً نظرة الثقة بين الطرفين؛ فالمسائل المهم التي تخدم أبناء الوطن كافة تشكّل قوائم مشتركة بين الناخبين أنّى كانت منطقتهم الإنتخابية وخصوصاً القضايا العامة كالضريبة والتعليم والخدمات والإستثمار والتنمية الإقتصادية والإجتماعية والأمن الوطني وغيرها.
٦. تغليب المصالح العام للنائب على الخاصة تعطي مؤشر إيجابي للناخبين بأن النائب لا يتطلّع للصغائر وفسافس الأمور وأنه رجل وطن دونما تقزيم لنفسه؛ ولذلك فهو ينأى جانباً بالتعامل مع الحالات الفردية ويذهب لخدمة المؤسسات الوطنية خدمة للثوابت الوطنية؛ ويتناول القضايا الوطنية خدمة للشأن العام.
٧. أن يكون النائب دوماً في خندق الوطن وقيادته الهاشمية وأجهزته الأمنية والجيش العربي المصطفي ليكون نهجه وطنياً بإمتياز؛ وهذا الشعور والفعل يجعل الناخبين يحترمون ويقدرون ذلك على سبيل حبهم لنائبهم وإحترامهم له.
بصراحة: بنود تجسير الثقة بين النائب والناخب كثيرة جداً؛ وما تم ذكره هو غيض من فيض العلاقة المتنامية قوة بين الناخب والنائب؛ وأساس الثقة بين النائب والناخب إستدامة التواصل وعدالة المطالَب وإحترام إرادة الناخبين على سبيل الثقة المستدامة والراسخة بينهما.
صباح الوطن الجميل