الدكتور محمد طالب عبيدات

محمد عبيدات يكتب لقاء وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات

نبض البلد -

كان لقاء معالي الأخ وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور محمد خير أبو قديس مع رؤساء الجامعات الرسمية والخاصة تباعاً يحمل بين ثناياه معانٍ كثيرة في الرؤية والتشاركية والتطوير والإنتقال للتعليم الإلكتروني وأشياء أخرى؛ حيث منهج الحوار الهادف والبناء على سبيل بلورة خطط عمل تنفيذية واضحة للتغيير والمضي قُدماً بالإنجاز والبناء على ما تم إنجازه؛ فكانت رسالة اللقاء هادئة وتفصيلية وإستراتيجية لتبني على إستقلال الجامعات والعدالة بينها دونما تعدٍ على قرارات مجالس حاكمية الجامعات على سبيل دعمها صوب تعليم نوعي ذي جودة ومخرجات يشار لها بالبنان:
١. الرسالة الأولى في اللقاءات المتتابعة لمعالي الدكتور أبو قديس مع رؤساء الجامعات كانت فحواها أن التعليم العالي يتطلع للجامعات على أنها جامعات وطن ولا فرق بين جامعة رسمية أو خاصة إلا بالإنجاز والمخرجات والجودة؛ فكلاهما يشكلان مصدر فخر وإعتزاز للأردنيين كونهما يعنيان في تأهيل الكوادر البشرية الكفؤة والمدربة والمنتجة.
٢. الرسالة الثانية كانت تؤكد على إستقلالية الجامعات وضرورة إحترام قرارات مجالس حاكميتها وفق القوانين المرعية ومصفوفة الصلاحيات؛ مع ضرورة إحكام المتابعة للقرارات الجامعية مع التمنيات لعدم الوصول لمرحلتي المساءلة أو المحاسبة؛ وفي ذلك أريحية لبيئة إبداعية أساسها التشاركية والفصل بين قرارات الحاكمية في الجامعات والتعليم العالي.
٣. الرسالة الثالثة جاءت لتؤكد على تحديات المرحلة لقطاع التعليم العالي والتي تتمثل في تخطي جائحة كورونا بتعليم ذي مخرجات وجودة ومواءمة المخرجات مع سوق العمل وضرورة إيجاد فرص عمل لشباب الوطن بالتنسيق مع الجهات المختلفة؛ مع التأكيد على أن مخرجاتنا تتقدم ببطء مقارنة مع دول أخرى؛ ولهذا فالتعايش مع الجائحة مطلوب فوراً وكذلك ضرورة إيجاد بدائل وسيناريوهات أخرى بديلة في ظل الجائحة كوضع إمتحانات عن بُعد دوماً على سبيل الإحتياط.
٤. الرسالة الرابعة جاءت بشأن التعليم عن بُعد والذي يجب أن نتعايش معه ليكون تفاعلياً؛ كما هنالك ضرورة لإنشاء بنية تحتية حاسوبية تشمل الأجهزة والبرمجيات وتدريب الأساتذة والطلبة والمواد التعليمية والمختبرات الإفتراضية والمختبرات الجافة والتقنيات اللازمة وتدريب أعضاء هيئة التدريس والطلبة لغايات إنتاج تعليم إلكتروني مبني على نظام إدارة تعلّم متكامل؛ والتوجه نحو التعليم المدمج والهجين وفق تشريعات ناظمة؛ وضرورة إيجاد مرجعية للتعليم الإلكتروني من خلال تشكيل مجلس أو منتدى خاص بذلك؛ وهنالك ضرورة للتنسيق مع وزارة الريادة والإقتصاد الرقمي لغايات إستكمال تغطية شبكة الإنترنت في المناطق النائية والأطراف.
٥. الرسالة الخامسة جاءت لتدعم الطلبة غير القادرين على إمتلاك المعدات والأدوات التكنولوجية لتقدّم لهم الوزارة والجامعات جزءاً من المسؤولية المجتمعية لغايات ذلك سواء حواسيب متنقلة أو تقسيط الرسوم المتراكمة على الطلبة أو الحصول على قروض بنكية دون فوائد لهم تماشياً مع ظروف جائحة كورونا.
٦. مداخلات الزملاء رؤساء الجامعات الخاصة جاءت مركّزة وواضحة وغطّت مفاصل مهمة تمثلت في القبولات الجامعية ومعدّلاتها وشروط الإعتماد والطلبة الوافدين والجامعة الإفتراضية وزمن إستحداث التخصصات ومعدلات قبول الدراسات العليا للطلبة الوافدين وقبولات الفصل الثاني والقبول عن بُعد وإعتماد بعض الدول الشقيقة للجامعات الخاصة وسياسة التجسير والبرامج المشتركة والدولية والسنوات التحضيرية وقبولات الموازي وإمتحان الكفاءة الجامعية وغيرها.
٧. كما أخذ إستقطاب الطلبة الوافدين والسياحة التعليمية جزءاً من الحوار حيث أنها تشكّل تحدي كبير يجب تحويله لفرصة، وذلك من خلال منح تسهيلات لمعادلة الشهادات وترسيخ مبدأ الجودة للبرامج التعليمية ومواءمتها لسوق العمل، وإستحداث التخصصات في الدراسات العليا التي يتم تشبيكها مع جامعات عالمية متميزة، وإيصال الرسالة التعليمية سواء الوجاهية أو عن بُعد بتعليم مكافىء لا يؤثر على الجودة والمخرجات ليساهم ذلك في مأسسة إستقطاب الطلبة الوافدين بيسر وسهولة.
٨. كما أن قرارات التجسير والنفاذية الأخيرة لمجلس التعليم العالي والتي سيتم تطبيقها في العام القادم ستساهم حتماً في الإرتقاء بالنوعية والتوجه نحو التعليم التقني وحاجات سوق العمل صوب المسار المهني ليتناغم مع المسار الأكاديمي وفق الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية وليتم منح شهادات في هذا المسار من البكالوريوس عمودياً صوب الدكتوراة ويتم خدمة له تعديل نظام الخدمة المدنية ليتم منح حوافز مالية تشجيعية لمنتسبي هذا المسار الذي يواءم سوق العمل ويساهم في القضاء على البطالة والفقر.
٨. وحيث أن الإنسان وتعليمه هو رأس مال الأردن فوق الأرض من خلال الإستثمار بموارده البشرية وفق الرؤى الملكية السامية، فإننا نتطلع لليوم الذي تحقق في جامعاتنا كافة معايير الإعتماد والجودة العالمية لتكون في مصاف الجامعات التي يشار لها بالبنان، والحمد لله أن هنالك بدايات طيبة ومقدّرة لبعضها والبقية على الطريق، ونحمده تعالى أن كثير من قرارات مجلس التعليم العالي تساهم في دعم الجامعات لتواكب نهجها الإستراتيجي صوب تحقيق أهدافها ومؤشرات أدائها.
بصراحة: جاءت لقاءات معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع رؤساء الجامعات برسائل قابلة للتطبيق منبثقة عن رؤية عصرية للتعليم عن بُعد وضرورة أن لا يكون بديلاً للتعليم الوجاهي بل مكملاً له؛ وضرورة إيجاد تشريعات ناظمة لذلك مع وجود مراجعات دورية للتشريعات الحالية لتتواءم مع روح العصر، ونفخر بالنهج التشاركي بين أطراف معادلة التعليم العالي الأردني الذي يؤول حتماً لمصلحة تحقيق أهدافنا الوطنية بالتعليم العالي صوب العالمية والجودة والتميز، وقرارات التعليم عن بُعد في زمن كورونا كانت تصبّ في بوتقة ذلك لتحويل التحدي إلى فرص نجاح؛ والحماس عند رأس هرم التعليم العالي متدفّق ومتواءم مع الرؤى الملكية السامية لإستخدام التعليم عن بُعد كخيار لا بدّ منه في ظل جائحة كورونا.
صباح الوطن الجميل