وليد حسني
يبلغ عمر الاتحاد البرلماني العربي 45 سنة ، فقد تأسس من عشر دول عربية ، الأردن من بينها بالطبع ، وعقد أول مؤتمراته في شهر حزيران سنة 1974، في العاصمة السورية دمشق.
وبالأمس عقد الاتحاد اجتماع دورته التاسعة والعشرين التي سيرأسها الأردن ممثلاً برئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة ، وهو منجز جيد ما دامت القصة بكاملها لا تحتاج للكثير من النضال والقسوة في تجذير الديمقراطية ومبدأ التمثيل البرلماني الحر في أقطار العالم العربي.
بالأمس بداً المؤتمر يتلمس هويته التمثيلية ، أنت كمراقب لن تحتاج كبير وقت لتتأكد بأنك تغطي مؤسسة رسمية عربية لا تختلف بالمطلق عن أنظمة الحكم السياسية في العالم العربي.
ولست بحاجة للكثير من العناء لتخلص لنتيجة مؤداها أن هذا الإتحاد هو جزء لا يتجزأ من خارطة التفسخ العربي، ومن حالة الهيمنة السياسية للنظم الحاكمة على ذلك الإتحاد الذي يفترض فيه أن يمثل الأمة العربية ، لا أن يمثل أنظمة الحكم العربية ، وتلك مفارقة لازمت عمل هذا الإتحاد منذ ولادته الاولى في دمشق ، وحتى عودة دمشق إليه بعد قطيعة دامت سبع سنوات متواصلة كان الإتحاد فيها بوقاً سيء التفاصيل لخلافات وعواطف الحاكم العربي المتقلبة.
أقر الإتحاد البديع سنة 2011 تجميد عضوية سوريا فيه ، ولم يقرر البرلمانيون العرب الذين يمثلون برلماناتهم في الإتحاد التمرد على الحاكم العربي، ورفض مثل ذلك القرار، باعتبار أن الاتحاد يمثل الناس والشعوب، ولا يمثل الأنظمة ، لكن هذا لم يحدث فمثل كل تلك المؤسسات العربية من هذا القبيل رهن بخواتم أنظمة الحكم ، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بما يعنيه المفهوم البرلماني التمثيلي.
البرلمانيون العرب في عمان أمس كانوا على موعد مع ممثلي مجلس الشعب السوري الذي عاد إلى مقعده بدعم وتأييد وتحشيد أردني لا ينكره أحد، وحل الأشقاء السوريون في مقاعدهم بعد غياب استمر نحو سبع سنوات ظل الإتحاد البرلماني العربي رهين محبسيه ، محبس السلطان ، ومحبس التبعية وفقدان الاستقلال.
والسؤال الأهم الذي يتوجب طرحه هذا الأوان على هامش انعقاد دورة المؤتمر في عمان والتي ستسدل ستائرها اليوم ما الذي قدمه هذا الإتحاد للعمل العربي المشترك؟ وهل ساهم على وجه اليقين في تكريس الديمقراطية العربية؟ وهل أدى أي دور له في إصلاح النظام السياسي العربي ومصالحته مع نفسه ومع شعبه؟ وهل قام بأي دور في تكريس مبادئ حرية الإنتخاب والإختيار والترشح والتمثيل؟ وهل قام بأي دور في دفع أنظمة عربية بعينها لانتهاج الديمقراطية مبدأ وقيمة حياتية ؟ وهل قام بأي دور في إقناع أنظمة عربية من التحول لنظام الإنتخاب الحر المباشر، بدلاً من التعيين والتوظيف وصناعة الزبائنية السياسية والبرلمانية؟.
هي أسئلة تدور حول محيط هذه المؤسسة التي بلغ عمرها اليوم 45 سنة، وعقدت 29 مؤتمراً، وصرفت الملايين من الدولارات، وتقلب على رئاستها العشرات، وتليت في مؤتمراتها العتيدة مئات آلاف الكلمات، لكنها على أرض الواقع ظلت وعلى مدى عمرها المديد مجرد هيكل ميت لا حراك فيه، ولم ينجح بتقديم أية فكرة يمكنها إنقاذ العربي الكسيح ، وظل على مدى عمره الميمون مجرد منصة خطابة ومنتدى يتمدد فيه النظام الرسمي العربي تحت يافطة تمثيل الشعب والناس..
هي أسئلة.. مجرد أسئلة لا تلغي هذه المأساة التي ستنهي أعمال مؤتمرها البديع اليوم..//