نبض البلد -
أحمد الضرابعة
في مقابلته على شبكة BBC، قال جلالة الملك عبد الله الثاني: "إذا أصبحنا نجوب غزة في دوريات مسلحة، فهذا وضع لا ترغب أي دولة في الانخراط فيه".
هذا التصريح الملكي جاء في ظل سعي الولايات المتحدة الأميركية لتشكيل قوة دولية ونشرها في قطاع غزة للقيام بالترتيبات الأمنية التي حددتها خطة ترمب قُبيل بدء المرحلة الثانية منها، والتي لا تُعرف النتائج السياسية التي قد تُفضي إليها حتى الآن، ولذلك فإن الأردن حريص على ترسيم حدود موقفه تجاه قضية غزة على النحو الذي يُجنّبه الانزلاق في مسارات سياسية أو عسكرية غامضة سيتحمل تبعاتها الميدانية كل من يقبل الانخراط فيها، وهو ما سيخفض كلفة التعامل المباشر مع واقع غزة المعقد بالنسبة لإسرائيل.
سبق لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن صرح قبل أكثر من عام: "لن ننظف وراء نتنياهو، ولن نرسل قوات إلى غزة لتكون بديلاً عن قوات الاحتلال الإسرائيلي".
رفض الأردن التورط العسكري في الأزمة التي أوجدتها إسرائيل في قطاع غزة كان استباقياً؛ وهو يأتي في سياق حماية الدور الأردني تجاه القضية الفلسطينية من أي شبهات، وهذا ينسجم مع ثوابت السياسة الأردنية وموقفها تجاه القضية الفلسطينية، وما يجري في قطاع غزة على وجه التحديد. لذلك فإن الجهد الميداني الوحيد الذي يلتزم به الأردن تجاه قطاع غزة بصرف النظر عن الترتيبات السياسية والأمنية في التعامل معه، هو تقديم الدعم الإنساني للغزيين من الناحيتين الإغاثية والطبية عن طريق القنوات الرسمية المعتمدة، وبالتنسيق مع الجهات الدولية ذات الصلة، بعيداً عن أي دور سياسي أو عسكري قد يشوه صورته ويضعف مصداقيته أمام الرأي العام، العربي والدولي
في مثل هذه الظروف، تُظهر الدولة الأردنية صورتها المؤسسية، وتُبرهن على دقة حساباتها العقلانية في التعامل مع الأزمات الإقليمية والدولية، ولعل انتقائها المسار الإنساني في التعامل مع قضية غزة كان ملائماً لثوابتها الوطنية التي تأبى الانخراط في أي ترتيبات سياسية أو عسكرية مشبوهة.