بين أطلال الأجداد وخطى الأحفاد: نداء التراث الأردني

نبض البلد -



علي سواغنة

في زمنٍ تتسارع فيه مظاهر الحداثة وتغزو التكنولوجيا كل تفاصيل الحياة، يظلّ التراث الأردني صرخةً هادئة تنادي أبناءه: "احفظوني، فبي تعرفون من أنتم."

بين حجارة القلاع القديمة وساحات البيوت الطينية التي تفوح منها رائحة الزمن الجميل، يقف التاريخ الأردني شاهدًا على حضارةٍ صنعتها سواعد الأجداد، وأمانةٍ تنتظر أن يحملها الأحفاد.

في مدينة إربد، كما في السلط وعجلون والكرك ومادبا، تتناثر حكايات الماضي على جدران البيوت العتيقة، وتروي الأزقة الضيقة قصص المحبة والتعاون التي كانت تجمع أهل الحارة. غير أن هذه الحكايات بدأت تبهت مع مرور الزمن، بعدما غابت عنها أصوات الجدّات اللواتي كنّ يسردن الحكايات حول "الكانون” في ليالي الشتاء الطويلة.

"التراث مش بس مباني أو أزياء، هو روح الناس، طريقتهم بالكلام، حتى أهازيجهم في الفرح والحزن. إذا ما حافظنا عليه، رح نضيع هويتنا شوي شوي."



ورغم الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة والهيئات المحلية في تنظيم المهرجانات والمعارض التراثية، إلا أن التحدي الحقيقي يبقى في إشراك الجيل الجديد، الذي يعيش بين العالم الرقمي وذكرياتٍ لا يعرفها إلا من الصور.

فجيل اليوم بحاجة لأن يرى في التراث حياةً نابضة لا متحفًا ساكنًا، وأن يفهم أن تلك القطع المطرزة والأبواب الخشبية المزخرفة ليست مجرد "تراث قديم”، بل هي هوية وطنٍ وجذور إنسان.

ولعل الرسالة الأهم التي يوجهها التراث للأجيال القادمة هي:

"أن تبنوا المستقبل دون أن تهدموا الماضي."


فبين أطلال الأجداد التي تروي مجدًا غابرًا، وخطى الأحفاد التي تسير نحو الغد، يبقى التراث الأردني نداءً للذاكرة، ووصيةً من التاريخ بأن لا ننسى من أين بدأنا، كي نعرف إلى أين سنصل.