نبض البلد - "يا وزارة التربية… المناهج الجديدة تُسحق الطلبة وتستنزف المعلمين
يشهد العام الدراسي الحالي تصاعدًا واضحًا في شكاوى الطلبة والمعلمين على حد سواء، بعد أن أصبح المنهاج الجديد للتوجيهي، خصوصًا في مادتي اللغة الإنجليزية والكيمياء، فوق قدرة الميدان التربوي على التعامل معه. فالأسبوع تلو الآخر يمرّ، والضغط يزداد، بينما الواقع يؤكد أن المحتوى الموضوع للطلبة لا يمكن إنجازه ضمن الوقت المحدد، ولا يمكن استيعابه بهذه الكثافة المتسارعة.
في مادة اللغة الإنجليزية، برزت وحدات محددة كمصدر رئيسي للأزمة؛ الوحدتان الخامسة والعاشرة تحديدًا. حجم المعلومات فيهما لا يتناسب مع الفصل الدراسي، ولا ينسجم مع مستوى الطالب ولا عدد الحصص المخصصة للمادة. كثير من المدارس لم تتمكن حتى هذه اللحظة من تجاوز أجزاء من الوحدة الثالثة، ما يكشف بوضوح أن الخطة الزمنية ليست مبنية على الواقع اليومي للمدارس. الطلبة منهكون، والمعلمون يستنزفون وقتهم في محاولة لمجاراة كتاب لا يراعي تسلسل التعلم ولا الوقت المتاح. الحلول الطارئة، مثل الحصص الإضافية، لم تعد ذات جدوى، لأن المشكلة ليست في ساعات الدوام بل في حجم المادة نفسها.
أما مادة الكيمياء، فالوضع فيها أكثر تعقيدًا. فالفصل الأول وحده جاء بمحتوى يماثل كتابًا كاملًا يجب تدريسه على فصلين لا فصل واحد. المفاهيم الكيميائية متتابعة ومترابطة بطبيعتها، وتحتاج وقتًا للفهم والتطبيق، لا للاندفاع السريع عبر الصفحات. هذا الضغط جعل الطلبة أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما الحفظ السريع دون فهم، أو التراجع أمام مادة أكبر من قدرتهم الاستيعابية الفعلية. المعلمون بدورهم يجدون أنفسهم في سباق مرهق مع الوقت، وهو سباق نتيجته واحدة: خسارة جودة التعليم.
الميدان التربوي اليوم لا يعاني من نقص في الجهود، بل يعاني من فائض في المحتوى، وعدم توازن بين ما يُطلب تدريسه وما يمكن تدريسه. الهدف يجب أن يكون تعليمًا ذا معنى، لا إنهاء كتاب. وعندما تصبح صعوبة المنهاج عائقًا أمام التعلم بدلاً من أن تكون محفزًا له، يصبح التعديل واجبًا وليس خيارًا.
إن حجم الضغوط التي يعيشها الطالب ومعلمه يستدعي من وزارة التربية التدخل السريع. تخفيف الوحدات الثقيلة في اللغة الإنجليزية، وإعادة توزيع كتاب الكيمياء ليُدرّس على فصلين، وإعادة النظر في الخطة الزمنية… كلها خطوات ضرورية لإعادة العملية التعليمية إلى مسارها الطبيعي.
التوجيهي ليس اختبارًا للقدرة على التحمل، بل مرحلة حساسة تحدد مستقبل الطالب. ومن حق الطلبة أن يتعلموا ضمن ظروف إنسانية وعقلانية، ومن واجب الوزارة الاستماع لصوت الميدان قبل أن يتحول الضغط الدراسي إلى أزمة أعمق تمسّ جودة التعليم ومستقبل أبنائنا
نور الكوري