ملتقى الغذاء العالمي الثالث "مسارات التحول في نظم الغذاء: تمكين المرأة وتعزيز ريادة الأعمال"

نبض البلد -
توصيات الملتقى.. خارطة طريق لتعزيز مكانة زيت الزيتون الأردني والعربي عالميًا

الخريسات: شجرة الزيتون تمثل رمزا للصمود والعطاء وجزء من الهوية الوطنية
د. الحياري: الاستثمار بتمكين المرأة استثمار باستدامة الغذاء والأمن الاقتصادي للأجيال القادمة

اكد الملتقى العلمي الثالث ليوم الغذاء العالمي "مسارات التحول في نظم الغذاء: تمكين المرأة وتعزيز ريادة الأعمال" على ضرورة تعزيز تمكين المرأة الريفية في قطاع الزيتون، وتطوير سياسات تضمن استدامة هذا القطاع ودوره في تحقيق الأمن الغذائي، ودعى الملتقى في توصياته الختامية التي قدمتها الخبيرة الاقتصادية الدكتورة مسنات الحياري إلى توحيد الجهود لتسويق زيت الزيتون البكر الممتاز، وتطوير استراتيجية تسويقية متكاملة تستند إلى الجودة والهوية التراثية، وإشراك وزارة الصحة والمراكز الطبية الوطنية في حملات توعية حول الفوائد الصحية لزيت الزيتون.
كما شددت الحياري على إدراج موضوع الزيتون في المناهج الدراسية، ودعم الأبحاث العلمية والطبية التي تبرز دوره الوقائي والعلاجي، وتطوير برامج للتكيّف الزراعي لمواجهة التغيرات المناخية وتشجيع استخدام تقنيات ري حديثة، مؤكدة على أهمية اعتماد مواصفات وطنية للتعبئة والتغليف الصديق للبيئة، وتفعيل الرقابة على الأسواق ومصانع التعبئة لمكافحة الغش التجاري، ودعم إنشاء تعاونيات نسائية وتكتلات إنتاجية لتعزيز الريادة وتمكين المرأة الريفية، مشيرة الى ان هذه التوصيات تمثل خارطة طريق لتعزيز مكانة زيت الزيتون الأردني والعربي عالميًا، وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية للمرأة في القطاع الزراعي، معتبرة أن "الاستثمار في تمكين المرأة هو استثمار في استدامة الغذاء والأمن الاقتصادي للأجيال القادمة".

الخريسات: شجرة الزيتون رمز للصمود والعطاء

الملتقى الذي عقد تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت علي، نظّمته الشبكة النسائية الأردنية لزيت الزيتون، بمشاركة رسمية وعربية واسعة، من بينها وزير الزراعة الدكتور صائب الخريسات، ورئيس المكتب الإقليمي للمنظمة العربية للتنمية الزراعية لدول الشرق العربي المهندس رائد فايز حتر، وممثلة المجلس الدولي للزيتون الدكتورة إيمان الطرابلسي، وعدد من ممثلات الشبكة النسائية العربية لزيت الزيتون من فلسطين وسوريا والجزائر.
وقال الوزير الخريسات أن "شجرة الزيتون في الأردن تمثل رمزا للصمود والعطاء، وهي جزء من الهوية الوطنية ومصدر فخر للأردنيين"، مشيرًا إلى أن الوزارة تولي أهمية كبرى لتمكين المرأة في القطاع الزراعي وتسهيل وصولها إلى الأسواق والتمويل.
من جانبه، قال المهندس رائد فايز حتر إن جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتنمية الزراعية تعتبران دعم المرأة العربية في قطاع الزيتون ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، مشيدًا بدور الشبكة النسائية الأردنية والعربية لزيت الزيتون في توسيع مجالات التعاون الزراعي والاقتصادي.
وأعلنت رئيسة الشبكة، المهندسة نهاية المحيسن، عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية لتأطير عمل الشبكة النسائية العربية لزيت الزيتون في عشر دول عربية، بهدف تنسيق الجهود وتبادل الخبرات في مجالات الإنتاج والتصنيع والتسويق.
بدوره قال الدكتور منذر جرادات المستشار الإعلامي للشبكة، أن هذا الحدث لم يكن محطة بروتوكولية عابرة بل لحظة فكرية وإنسانية أعادت تعريف التنمية بوصفها فعلاً يلامس الأرض والإنسان معًا، وأكد أن تمكين المرأة الريفية ليس شعارًا أمميًا بل استعادة لدورها الأصيل في صون الهوية الغذائية وحماية التراث الزراعي، فالمرأة الزيتونية ليست رمزًا فحسب بل جذرٌ في الأرض وروحٌ في الوعي تشبه شجرة الزيتون في ثباتها وعطائها، مشددا على أن الإعلام حين ينحاز للمرأة وللأرض يتحول من ناقلٍ للخبر إلى صانعٍ للوعي وضميرٍ يحفظ ذاكرة الأمم.
 
عابدي: فرصة للاعتراف بالتحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية

وأدارت الجلسة النقاشية الأولى الخبيرة الاقتصادية وعضو مؤسس الشبكة النسائية الأردنية لزيت الزيتون الدكتورة مسنات الحياري، التي قدمت التوصيات الختامية للملتقى، مركزة على تطوير مسارات التحول في نظم الغذاء وتمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا ضمن منظومة مستدامة.
وأكدت المهندسة الزراعية ضحى عابدي، رئيسة الشبكة النسائية الفلسطينية لزيت الزيتون، أهمية الملتقى والذي تزامن مع اليوم الدولي للمرأة الريفية ويوم الغذاء العالمي، وقالت عابدي إنّ الملتقى شكّل فرصة حقيقية للاعتراف بالتحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية في قطاع الزيتون، وأشارت إلى الدور الحيوي الذي تؤديه المرأة الفلسطينية في قطاع الزيتون، فهي ليست فقط من تزرع الحقول أو تشارك في مراحل الإنتاج، بل هي من تزرع الحياة وتحمل رسالة وطنية تلتقي فيها مع رمزية شجرة الزيتون كعنوان للعطاء والصمود.
وبيّنت الدكتورة غادة قطمة، الباحثة ورئيسة قسم بحوث الزيتون وعضو مؤسس في الشبكة النسائية السورية لزيت الزيتون، أن نسبة الريفيات المشاركات في سلسلة إنتاج وتسويق المنتجات الزراعية في سوريا ارتفعت في السنوات الماضية نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد وتغيّب وهجرة شريحة واسعة من الشباب، فأصبحت المرأة في كثير من الأحيان هي المعيل الأساسي أو المساهم الأكبر في تأمين مورد رزق الأسرة، وأوضحت أن الريفية السورية تعمل في مشاتل إنتاج غراس الزيتون، وورشات القطاف، وتصنيع زيتون المائدة ومنتجات غذائية أخرى، وتسهم بتسويقها بنفسها في الأسواق والمعارض والمهرجانات. وأضافت أن المنظمات الدولية التي تُعنى بالبرامج التنموية ساهمت في تمكين المرأة الريفية وتأسيس مشاريع صغيرة.
ومن الجزائر، قدّمت الدكتورة شافية عبد النور، مديرة مخبر تحاليل الجودة والنوعية للمواد الزراعية والغذائية، مداخلتها بعنوان "زيت الزيتون يوميًا... حليف قوي للصحة وكبار السن"، مؤكدة أن زيت الزيتون يمثل مصدرًا أساسيًا للدهون الصحية في النظام الغذائي المتوسطي، مشيرة إلى دوره الفعّال في الوقاية من الأمراض المزمنة والخرف لدى كبار السن.
كما دعت إلى تعزيز التثقيف الغذائي ونقل المعرفة العلمية للجمهور حول فوائد زيت الزيتون، مستندة إلى خبرتها الأكاديمية في التحاليل الحسية والجودة، ومشاركتها في الشبكة النسائية الجزائرية لزيت الزيتون.
واكدت الدكتورة إيمان الطرابلسي، ممثلة المجلس الدولي للزيتون، أن المجلس هو المنظمة الحكومية الدولية الوحيدة في العالم المكرسة لزيت الزيتون وزيتون المائدة، مشيرة إلى دور المرأة في هذا القطاع كـ صانعة أجيال وضامنة للاستدامة ورافعة للابتكار. وتحدثت عن أهمية تثمين البحث العلمي، وتفعيل نتائجه ميدانيًا، ومواكبة التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتيك وإنترنت الأشياء لتحسين الإنتاجية والجودة، إلى جانب تطوير مفهوم سياحة زيت الزيتون كرافعة للتنمية الريفية المستدامة.

قطاع الزيتون الأردني من ركائز الأمن الغذائي

وأدار الجلسة النقاشية الثانية المهندس مازن أبو قمر، مدير عام مركز إكساب للتنمية المستدامة، مؤكدًا أهمية مناقشة التحولات في نظم الغذاء وأثرها على التنمية المستدام.
وشارك في الجلسة عدد من الخبراء، من بينهم المهندس جمال البطش الذي تحدث عن أهمية قطاع الزيتون الأردني باعتباره ركيزة من ركائز الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني، موضحًا التطورات الكبيرة التي شهدها القطاع خلال العقدين الأخيرين في مجالات الزراعة والإنتاج والتسويق، مشيرًا إلى ضرورة توعية المستهلكين بشراء الزيت من مصادر موثوقة والتمييز بين الأصلي والمغشوش.
وتحدث الدكتور باسم أبو بكر عن خطة التدخل التغذوي للوقاية من الأمراض غير السارية، مبينًا أن زيت الزيتون يشكل عنصرًا أساسيًا في نمط الحياة الصحية، مؤكدًا أهمية الدمج بين التغذية السليمة والوعي الصحي المجتمعي.
كما ناقش المهندس عامر أبو نواس مفهوم البدائل الغذائية وأهميتها في تحقيق التوازن بين الصحة والاقتصاد، ودعا إلى تعزيز ثقافة الاستدامة وتشجيع ريادة الأعمال في قطاع الغذاء بدعم الابتكار والتوعية.
وأشار المهندس عمار الشامي إلى أهمية الربط بين التسويق الإلكتروني وسلاسل الإمداد في تطوير القطاع الزراعي، موضحًا دور تقنيات البلوك تشين في تعزيز الشفافية والتتبع، وعرض مبادرة فريسكوا والفريسكوين كنماذج رقمية حديثة لتطوير المنصات التجارية الزراعية الذكية وربط السوق الأردني بالأسواق العالمية.
واختتمت المهندسة رانيا البابلي مداخلاتها بالحديث عن الغذاء الوظيفي ودوره في تعزيز الصحة العامة ودعم الاقتصاد المحلي، مشددة على أن الابتكار في تطوير المنتجات الغذائية الصحية يمثل خطوة محورية في التحول نحو نظم غذاء مستدامة، وأكدت أهمية بناء القدرات للشباب والنساء في هذا القطاع.

محاضرات علمية وتوصيات ختامية
تضمنت الجلسات العلمية محاضرة للدكتورة إيمان فهمي رئيسة جمعية الغذاء والتغذية الأردنية وأستاذ مساعد في جامعة البترا، بعنوان "زيت الزيتون والصحة النفسية"، استعرضت فيها أحدث الأدلة العلمية التي تربط التغذية بالصحة العقلية، موضحة أن زيت الزيتون البكر الممتاز يمتلك خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات تساعد في حماية الدماغ والذاكرة والوقاية من الاكتئاب والخرف.
كما قدّم الدكتور عادل جبر من مصر محاضرته بعنوان "الزيت العربي: من التحديات إلى الريادة"، التي استعرض فيها رؤية شاملة لتحويل التحديات الحالية في صناعة الزيت العربي إلى فرص ريادية، من خلال نموذج متكامل قائم على الجودة، التتبع الرقمي، والاقتصاد الدائري.
واختتم الأستاذ الدكتور صدام العوايشة، خبير الأغذية الوظيفية، بمحاضرته "زيت الزيتون: صيدلية الطبيعة"، حيث قدّم عرضًا علميًا شاملًا عن فوائد الزيت الصحية والوقائية في تعزيز صحة القلب والمناعة ومكافحة الالتهابات والشيخوخة.
وقدّمت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة مسنات الحياري التوصيات الختامية للملتقى، مركزة على تعزيز تمكين المرأة الريفية في قطاع الزيتون، وتطوير سياسات تسويقية وصحية وتعليمية تضمن استدامة هذا القطاع الحيوي ودوره في تحقيق الأمن الغذائي.
ودعت إلى توحيد الجهود لتسويق زيت الزيتون البكر الممتاز محليًا ودوليًا، وتطوير استراتيجية تسويقية متكاملة تستند إلى الجودة والهوية التراثية، وإشراك وزارة الصحة والمراكز الطبية الوطنية في حملات توعية حول الفوائد الصحية لزيت الزيتون.
كما شددت على إدراج موضوع الزيتون في المناهج الدراسية، ودعم الأبحاث العلمية والطبية التي تبرز دوره الوقائي والعلاجي، إضافة إلى تطوير برامج للتكيّف الزراعي لمواجهة التغيرات المناخية وتشجيع استخدام تقنيات ري حديثة.
وأكدت أهمية اعتماد مواصفات وطنية للتعبئة والتغليف الصديق للبيئة، وتفعيل الرقابة على الأسواق ومصانع التعبئة لمكافحة الغش التجاري، ودعم إنشاء تعاونيات نسائية وتكتلات إنتاجية لتعزيز الريادة وتمكين المرأة الريفية.
وختمت الحياري بالتأكيد على أن هذه التوصيات تمثل خارطة طريق لتعزيز مكانة زيت الزيتون الأردني والعربي عالميًا، وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية للمرأة في القطاع الزراعي، معتبرة أن "الاستثمار في تمكين المرأة هو استثمار في استدامة الغذاء والأمن الاقتصادي للأجيال القادمة".