ترجمة واقعية لرؤية التحديث الاقتصادي: برنامج أوروبي جديد لتأهيل الشباب في الدراسات الأوروبية

نبض البلد -

 
برعاية الرؤية الملكية الهاشمية.. نحو مستقبلٍ مزدهر
فيصل عربيات

جاء في مقدمة رؤية التحديث الاقتصادي لجلالة الملك عبد الله الثاني،
”نريدُه مستقبلاً نستعيدُ فيه صدارتَنا في التعليم، وننهضُ فيه باقتصادِنا، وتزدادُ فيه قدراتُ قطاعِنا العامّ وفاعليّته، ويزدهرُ فيه قطاعُنا الخاص، فتزدادُ الفُرص على مستوى متكافئ، ونواجهُ الفقرَ والبطالةَ بكلّ عزم، وينطلقُ شبابُنا في آفاقِ الرّيادة والابتكار".
 
من هذا المنطلق، جاء التعاون الأردني–الأوروبي الجديد ترجمةً عملية للرؤية الملكية في تطوير كفاءات القطاع العام، وتمكين الكوادر الشابة من اكتساب خبرات دولية متقدمة تسهم في رفع كفاءة الأداء الحكومي وتعزيز الإصلاح الإداري والمؤسسي.
 
مذكرة تفاهم لتدريب الشباب
 
أطلقت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية مبادرة نوعية تمثلت في توقيع مذكرة تفاهم تمهد الطريق أمام برنامج تدريبي جديد في الدراسات الأوروبية يستهدف الموظفين الحكوميين الشباب في الأردن
وقد وقع المذكرة كلٌّ من أيمن الصفدي، وزير الخارجية وشؤون المغتربين، وفيديريكا موغيريني، رئيسة كلية أوروبا، في خطوة تعكس عمق التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة في مجالات التطوير وبناء القدرات.
 
برنامج لتعزيز الكفاءة والانفتاح على التجربة الأوروبية
 
البرنامج، الممول من الاتحاد الأوروبي، يأتي ثمرةً لشراكة مع كلية أوروبا، وهي من أعرق المؤسسات الأكاديمية في الشؤون الأوروبية
وفي هذا السياق، قدّم نزار عوض – مسؤول مشاريع تطوير القطاع العام في بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن، توضيحًا شاملاً ل"الأنباط" حول تفاصيل البرنامج وأهدافه وآليات تنفيذه، مؤكدًا أن هذه المبادرة تأتي ضمن جهود الاتحاد الأوروبي لدعم تحديث القطاع العام الأردني وتمكين الشباب العاملين فيه
وأوضح عوض أن البرنامج سينفذ بشكل حضوري، حيث ستُعقد الجلسات الأولى في العاصمة عمّان لمدة يومين، تليها اثنا عشر يومًا تدريبياً في الحرم الجامعي الرئيسي لكلية أوروبا في مدينة بروج البلجيكية.
ويجمع البرنامج بين الجانب الأكاديمي النظري والتطبيق العملي القائم على خبرات ميدانية حقيقية يقدمها متخصصون في العلاقات الأوروبية – الأردنية
 
تأهيل الكفاءات وتعزيز التعاون
 
وبيّن عوض أن البرنامج يستهدف تأهيل ستين موظفًا حكوميًا ودبلوماسيًا يتم اختيارهم بالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وفق معايير تشمل العمر، سنوات الخبرة، وطبيعة العمل.
وأشار إلى أن كل دورة تدريبية ستمتد على فترة أسبوعين، وستُنفذ لثلاث مجموعات خلال عامي 2025 و2026، تضم كل مجموعة عشرين مشاركًا من مختلف المؤسسات الحكومية.
 
كما أوضح أن التدريب سيركز على ثلاثة محاور رئيسية هي:
​مؤسسات الاتحاد الأوروبي وآليات عملها
​الدبلوماسية العامة والتواصل الدولي
​السياسات المشتركة للتعاون الثنائي بين الأردن والاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن البرنامج سيتضمن محاكاة مهنية وزيارات ميدانية إلى مؤسسات أوروبية، إلى جانب تقييم قبلي وبعدي لقياس أثر التدريب على الأداء العملي للمشاركين، مع تكييف المحتوى ليتناسب مع خلفياتهم الوظيفية وخبراتهم السابقة
 
برنامج نوعي لبناء قدرات الشباب
 
وأكد عوض أن هذا البرنامج يشكل قيمة مضافة حقيقية في تعزيز العلاقات الأردنية – الأوروبية، مشيرًا إلى أنه
"سيسهم في رفع كفاءة الكوادر الحكومية الأردنية وتعزيز قدراتها في العمل الإداري والدبلوماسي، بما ينعكس إيجابًا على تطوير الأداء المؤسسي وتمتين التعاون مع الشركاء الأوروبيين".
كما لفت إلى أن تنفيذ البرنامج سيتولاه كلية أوروبا مباشرة، نظرًا لما تمتلكه من خبرة عريقة في تصميم وتقديم البرامج التدريبية المتخصصة في عدة دول حول العالم.
 
 
 
د.حازم يوسف الفقهاء ، مستشار دولي في إدارة المنظمات غير الربحية .
تُمثل هذه المبادرة النوعية المتمثلة بإطلاق برنامج تدريبي متكامل في الدراسات الأوروبية، ثمرةً حقيقية لترجمة رؤية التحديث الاقتصادي لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، إلى برامج عملية تعكس التزام الدولة الأردنية بتنمية رأس المال البشري، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب الأردني، وبخاصة العاملين في القطاع الحكومي والدبلوماسي.
 
فقد أكدت رؤية التحديث الاقتصادي، في مقدمتها الملهمة، على ضرورة إعادة تموضع الأردن في طليعة الدول في مجالات التعليم، والابتكار، والريادة، وربط ذلك بتوسيع الفرص وتعزيز الكفاءة ومواجهة البطالة.
واليوم، نرى هذا التوجه يتحقق واقعياً عبر هذا البرنامج الطموح الذي يجمع بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي، ويفتح المجال أمام المشاركين للاطلاع المباشر على التجربة المؤسسية الأوروبية.
 
فيأتي هذا البرنامج التدريبي بالشراكة مع كلية أوروبا، وهي واحدة من أعرق المؤسسات الأكاديمية الأوروبية، ويتم تنفيذه بدعم وتمويل من الاتحاد الأوروبي، ليكون بمثابة منصة لبناء جيل جديد من الكفاءات الأردنية المؤهلة للتفاعل بفعالية مع الشركاء الأوروبيين، وتطوير أدواتهم في العمل الحكومي والدبلوماسي ضمن معايير عالمية.
 
وما يميز هذا البرنامج ليس فقط محتواه الأكاديمي عالي المستوى، وإنما أيضًا تصميمه العملي الذي يشمل محاكاة مهنية، وزيارات ميدانية إلى مؤسسات صنع القرار الأوروبية، وتقييماً ممنهجاً لأثر التدريب على أداء المشاركين، كما أن آلية الاختيار التي تعتمد معايير مهنية دقيقة تضيف للبرنامج بعداً من النزاهة والعدالة في إتاحة الفرصة للمستحقين من الكوادر الشابة الواعدة.
 
إن أحد أبرز ملامح التحديث الاقتصادي يتمثل في دمج التعليم المهني والتقني في مسارات الإصلاح الوطني، وإعداد الكوادر القادرة على التفاعل مع بيئات العمل الحديثة متعددة الثقافات. وفي هذا السياق، فإن البرنامج لا يخدم فقط الجانب المعرفي، بل يهيّئ المشاركين ليكونوا سفراء للأردن في الفضاء الأوروبي، حاملين لقيم التعاون، والاحترام المتبادل، والمصلحة المشتركة.
 
من جهة أخرى، فإن هذا البرنامج يعكس بوضوح عمق العلاقات الأردنية – الأوروبية، التي لم تعد تقتصر على المساعدات أو التعاون التقليدي، بل باتت تتوسع نحو شراكات استراتيجية في بناء القدرات، وتبادل المعرفة، وتعزيز التفاهم المشترك حول القضايا الإقليمية والدولية.
 
ولأن تمكين الشباب من الركائز الأساسية لأي نهضة تنموية حقيقية، وقد أثبت الأردن دوماً أن الإنسان هو جوهر الإصلاح، ومحور أي تحول اقتصادي أو اجتماعي. وبالتالي، فإن مثل هذه البرامج النوعية لا تُسهم فقط في رفع كفاءة الأداء المؤسسي، بل تضع الأردن على خريطة الدول التي تستثمر في شبابها ضمن رؤية استراتيجية طويلة المدى.
 
إننا أمام مبادرة تحمل في طياتها نموذجًا متقدمًا لتطوير القطاع العام الأردني، وتُجسد بُعداً عملياً من أبعاد الإصلاح الإداري والمؤسسي الذي تسعى إليه الدولة، عبر تأهيل مواردها البشرية على أعلى مستوى، وربطها بمراكز التميز العالمية، ومن ثم إعادة ضخ تلك الخبرات في السياق المحلي لخدمة الصالح العام.
 
وأتقدم بجزيل الشكر والامتنان لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، والاتحاد الأوروبي، وكل من ساهم في بلورة هذه المبادرة وإطلاقها، وفي مقدمتهم معالي السيد أيمن الصفدي، والسيدة فيديريكا موغيريني، على إيمانهم العميق بأهمية بناء الإنسان كمدخل حقيقي لبناء الدولة.
 
نأمل أن تُشكل هذه الخطوة بداية لسلسلة من البرامج والشراكات التي تفتح الآفاق أمام الشباب الأردني، وتضع الأردن في المكانة التي يستحقها، كدولة رائدة في الاستثمار في العنصر البشري، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي على أسس من الكفاءة والندية والمصالح المتبادلة.
 
 
 
 
 
صوت الشباب الأردني
 
ان هذا البرنامج يمثل خطوة مهمة نحو تمكين الشباب الأردني من الانفتاح على التجربة الأوروبية، واكتساب مهارات جديدة في الدبلوماسية والإدارة العامة، بما يعزز حضور الأردن الإيجابي في محيطه الإقليمي والدولي، ويكرّس رؤية القيادة الهاشمية في الاستثمار بالإنسان وبناء القدرات الوطنية.
 
خاتمة تحليلية
 
يشكّل هذا البرنامج مثالًا حيًّا على تجسيد رؤية التحديث الاقتصادي التي ترتكز على الاستثمار في الإنسان الأردني كأهم موارد الوطن، عبر بناء قدراته، وتمكينه من أدوات المعرفة الحديثة، وفتح آفاق التعاون الدولي أمامه
كما ينسجم البرنامج مع الاستراتيجية الوطنية للشباب التي تؤكد على دعم مشاركة الشباب في الحياة العامة، وإتاحة فرص التدريب النوعي لهم، ليكونوا فاعلين في صياغة المستقبل وبناء مؤسسات الدولة بكفاءة واقتدار.
إنها خطوة عملية في طريق طويل نحو إدارة حكومية مبتكرة وعلاقات دولية متوازنة، يقودها شبابٌ أردنيٌّ مؤهل يؤمن بأن التحديث ليس شعارًا، بل مسار مستدام لبناء وطنٍ أقوى وأكثر إشراقًا.