الشباب المتدربون ... خبرة مهنية ام استغلال مجاني ؟

نبض البلد -

أبو نجمة : استخدام المؤسسات برامج التوظيف كوسيلة للحصول على عمالة منخفضة التكاليف

الحياري : المتدربون يتجنبون تقديم الشكاوى خوفًا من فقدان فرصهم في البقاء ضمن المنشأة

الانباط – شذى حتاملة

مع تنامي حاجة الشباب لفرص العمل وتزايد اعتماد الشركات على برامج التدريب والتجربة قبل التوظيف تبرز قضية الموظف المتدرب "تحت التجربة"، حيث يقضي أسابيع أو شهورًا في أداء مهام وظيفية كاملة تفوق قدرته دون ضمان بالحصول على وظيفة دائمة.

ورغم ما توفره هذه البرامج من فرص تساعد الشباب على اكتساب الخبرات العملية ، إلا أن عدم توظيف المتدرب في نهاية فترة التجربة يطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية حول مدى التزام بعض المؤسسات بالمعايير العادلة، وأثر ذلك على استقرار القوى العاملة في السوق .

وكشفت مجموعة من الشباب عن تجارب صعبة ومحبطة عاشوها في المؤسسات ، حيث تم استغلالهم تحت غطاء "فترة التدريب" أو "التجربة"، دون الحصول على مقابل مادي أو ضمانات وظيفية .

وقالت الشابة " سارة"إنها التحقت بالتدريب في أحد المواقع الإخبارية لمدة ثلاثة أشهر، وكانت تأمل في الحصول على وظيفة دائمة بعد انتهاء الفترة، خاصة أنها تمتلك خبرة تفوق زملاءها.

وأضافت " أنني انصدمت عندما تم توظيف المتدربين الآخرين الذين كانوا معي، رغم أنني لم أتقاضَ أي أجر خلال فترة التدريب، وكنت أعمل بجدية كاملة، لكنني لم أحصل على فرصة " .

وفي شهادة مشابهة قال " شادي" إنه عمل في إحدى الإذاعات لمدة شهر، دون أن يذكرفي إعلان الوظيفة أو المقابلة أي شرط أو بند متعلق بالتدخين.

وأوضح" قمت بتغطيات ميدانية طوال الشهر، لكن بعد أن عرفوا أنني مدخن رغم أنني ذكرت ذلك في طلب التوظيف عقدوا اجتماعًا طارئًا وأبلغوني بأنهم نسوا هذا الأمر، وتم طردي مباشرة دون دفع أي أجر عن الشهر الذي عملت فيه " .

أما " محمد" فأشار إلى أنه عمل في شركة إنتاج لمدة شهر ونصف ضمن فترة تجريبية، وصفها بأنها كانت "عملية استغلال بحتة" ، قائلًا "كنت أتحمل مسؤوليات كبيرة دون مقابل وبعد أن تم تعييني فوجئت بأن الراتب أقل من الحد الأدنى للأجور، ولا توجد أي عقود رسمية أو ضمان وظيفي" .

في حين روى " قصي " الذي التحق بمنصة تعليمية لمدة أسبوع، أنه تعرض للفصل بعد تحميله مسؤولية خطأ تسبب به زميل آخر خلال فترة غيابه ، متحدثا "رغم أنني كنت حديث بالعمل، تم تحميل المشكلة لي، وإنهاء خدماتي دون تحقيق أو توضيح حقيقي لما حدث" .

قال رئيس مركز بيت العمال المحامي حمادة أبو نجمة، إن ضعف فاعلية العديد من برامج التدريب الوظيفي يعود إلى غياب التزام واضح ومسبق من قبل جهات العمل بتوظيف المتدربين بعد انتهاء البرنامج، و هذا الخلل يجعل من التدريب منفصلاً عن المسار الوظيفي الحقيقي، مشيراً إلى أن بعض المؤسسات تستخدم هذه البرامج كوسيلة للحصول على عمالة منخفضة التكاليف دون وجود نية حقيقية لتوظيف الخريجين بشكل دائم.

وحول قانون العمل الأردني بين أبو نجمة أن القانون ينظم العلاقة مع كل من الموظف تحت التجربة والمتدرب المهني بأحكام واضحة، وفيما يتعلق بفترة التجربة نصت المادة (35) " على إمكانية إخضاع العامل لفترة تجربة لا تزيد على ثلاثة أشهر يمكن خلالها لأي من الطرفين إنهاء العلاقة دون إشعار" ، مضيفا انه فيما يتعلق بعقد التدريب المهني فإن القانون يفرد فصلا خاصا لعقد التدريب يلزم أصحاب العمل بعقود تدريب مكتوبة على نماذج معتمدة من قبل مؤسسة التدريب المهني ، ويشترط أن تكون البرامج التدريبية ومراحلها منسجمة مع ما تقره المؤسسة ويلزم القانون أيضا بمنح المتدرب في المرحلة الأخيرة من التدريب أجرا لا يقل عن الحد الأدنى للأجور.

ولفت إلى أن التطبيق على أرض الواقع لا يزال بحاجة إلى تعزيز من حيث الرقابة والتوثيق والالتزام بالتعليمات ، موضحا أن القانون لا يلزم بأن ينتهي التدريب بالتشغيل، والفرق الجوهري يكمن في التخطيط والالتزام، إذ أن برامج التدريب المنتهي بالتشغيل تبنى على احتياجات حقيقية لدى جهات العمل وتخطط بتنسيق مسبق معها مع وجود التزام معلن بتشغيل نسبة من الخريجين بعد انتهاء البرنامج.

واشار أبو نجمة إلى أن البرامج التدريبية التي لا تنتهي بالتشغيل غالبًا ما تفتقر إلى التخطيط المسبق، أو تعتمد على مهارات لا تتوافق مع احتياجات السوق، مما يقلل من فعاليتها في تحسين فرص المتدربين في الحصول على عمل ،مبينا أنه " في كل الأحواليجب أن يتضمن عقد التدريب المبرم بين المتدرب وصاحب العمل توضيحًا صريحًا حول ما إذا كان التدريب سينتهي بالتوظيف أم لا ، إلا أن الإشكالية تكمن غالبًا في عدم توقيع عقود تدريب " .

وشدد على أن العامل تحت التجربة يتمتع بجميع حقوق الموظف الدائم بموجب قانون العمل بما في ذلك الحد الأدنى للأجر ، وساعات العمل ، والإجازات ، والضمان الاجتماعي، ولكن القانون يسمح بإنهاء خدمته خلال فترة التجربة دون إشعار أو مبرر، ما يجعل حماية العامل في هذه المرحلة محدودة مقارنة بالعامل بعد تثبيته، والقانون يمنع تكرار فترة التجرية أو تمديدها.

واختتم حديثه بأن برامج التدريب الوظيفي تواجه العديد من التحديات على عدة مستويات فمن حيث التخطيط لا تبنى جميع البرامج على بيانات محدثة حول حاجات سوق العمل أو على تنسيق فعّال مع القطاع الخاص، مضيفا أن من حيث التنفيذ قد لا توفر البرامج التدريب الكافي أو المناسب للمهنة المستهدفة، أما من حيث المتابعة فغالبا ما تغيب آليات رصد دقيقة لنتائج التدريب مما يضعف القدرة على تقييم الأثر والتحسين المستمر.

وقال الخبير العمالي محمود الحياري إن فشل العديد من برامج التدريب في تأمين فرص عمل حقيقية يعود إلى كون هذه البرامج مؤقتة وغير متجذرة، ولا توفر التأهيل الكافي الذي يمكن الشباب من امتلاك المهارات اللازمة لدخول سوق العمل الأردني ، موضحا أن "البرامج الطارئة لا تحقق التمكين الوظيفي المطلوب، ولذلك نلاحظ تعثر معظم برامج التدريب، بما في ذلك أيام التدريب الوطني " .

وأضاف الحياري أن العلاقة بين صاحب العمل والمتدرب غالبًا ما تكون قائمة على عقد تجريبي، مؤكدًا ضرورة أن تكون هذه العلاقة واضحة من خلال عقود موقعة تضمن حقوق الطرفين ، مشيرا إلى أن بعض أصحاب العمل لا يلتزمون ببنود هذه العقود، مما يتطلب تعزيز دور وزارة العمل في الرقابة بالتعاون مع مؤسسة الضمان الاجتماعي، خصوصًا في حال تعرض المتدرب لإصابة عمل ،ففي كثير من الحالات، لا يتم تغطية علاج المتدرب المصاب لتجنب تحميل المنشأة مسؤولية عدم التزامها بشروط السلامة العامة.

وتحدث عن نوعين من التدريب الأول على وظائف ومهن تحتاجها المؤسسات فعلًا ويكون عليها طلب حقيقي، والثاني تدريب على وظائف تجريبية، لافتا إلى أن بعض المؤسسات التي تحتاج إلى موظف واحد، قد تخضع عشرة أشخاص لفترة تجربة، مما يعني أن الغالبية لن يحصلوا على فرصة توظيف، فالموظف تحت التجربة لا يتمتع بالمزايا التي يحصل عليها الموظف الدائم، خاصة في حال كان العقد مؤقتًا حقيقيًا.

وأوضح الحياري أن غياب التخطيط الاستراتيجي يشكل أحد أبرز أسباب ضعف برامج التشغيل والتوظيف الوطنية، داعيًا إلى وضع خطة واضحة تضمن الحد الأدنى من التنسيق بين القطاعين العام والخاص، والحكومة ممثلة بوزارة العمل وغرف الصناعة والتجارة، كما دعا إلى تحديد مواسم للتشغيل الوطني، ليكون القطاع الخاص مستعدًا لاستقبال المتدربين وتوظيفهم عند الحاجة.

وفي السياق ذاته أشار إلى أن بعض برامج التشغيل تتيح لأرباب العمل استغلال المتدربين، حيث يتم تعيينهم في وظائف مؤقتة مثل أعمال التجزئة أو المولات أو المصانع الصغيرة لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ثم يتم إنهاء عقودهم دون تجديد.

وحول موضوع إساءة استخدام فترات التدريب، أوضح أن هناك عقوبات تفرض على أصحاب العمل، لكن الكثير من المتدربين يتجنبون تقديم الشكاوى خوفًا من فقدان فرصهم في البقاء ضمن المنشأة ، مضيفا أن هناك صعوبة إثبات أن الشخص كان متدربًا بسبب عدم وجود شهادات رسمية أو سجلات معتمدة يمكن للمتدرب الرجوع إليها.

وشدد الحياري على أهمية فهم اتجاهات سوق العمل الأردني، مستعرضًا تجربة فشلت رغم بدايتها الناجحة، وهي إحلال العمالة المحلية مكان العمالة الوافدة في قطاع الإنشاءات والمقاولات،فقد كانت هناك مبادرة من الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل بالتعاون مع القوات المسلحة الأردنية، هدفت إلى تمكين الشباب من اكتساب حرف ومهارات يحتاجها السوق ومع ذلك اليوم تهيمن العمالة الوافدة على هذا القطاع بشكل كبير.

واختتم حديثه ان القانون العمل الاردني يحدد ثمانية ساعات للعمل ولا يجوز تشغيله اكثر من ثمانية ساعات الا باجر اضافي وبرضى الشخص والحد الادنى للاجور وهذا لا يمنع من ان يكون الاجر اعلى من الحد الادنى للاجور فقانون العمل جاء ينظم العلاقة بين اطراف العملية الانتاجية الحكومة واصحاب العمل والعامل لكن القانون يضمن الحد الادنى من الحقوق ويجوز البناء عليه لذا وجود النقابات العمالية ضرورة للنهوض بالمستوى المعيشي والتنظيمي للقوى العاملة والحد الاعلى من الواجبات بحيث لا يجوز تشغيل العامل اكثر ما هو منصوص عليه في قانون العمل ويتمتع العامل باجازة اسبوعية خلال الاسبوع والعطل الرسمية .

وأكد أن قانون العمل الأردني ينص صراحة على أن الحد الأقصى لساعات العمل اليومية هو ثماني ساعات ولا يجوز تشغيل العامل لأكثر من ذلك إلا بموافقته وبأجر إضافي ، فالقانون يحدد الحد الأدنى للأجور دون أن يمنع أصحاب العمل من تقديم أجور أعلىمشيراً إلى أن الهدف من القانون هو تنظيم العلاقة بين أطراف العملية الإنتاجيةالحكومة، أصحاب العمل، والعمال.

وشدد على أن قانون العمل يوفر الحد الأدنى من الحقوق للعاملين، ويمكن البناء عليه لتعزيز ظروف العمل، ما يجعل وجود النقابات العمالية أمراً ضرورياً لتحسين المستوى المعيشي والتنظيمي للقوى العاملة ، موضحا أن القانون لا يسمح بتكليف العامل بمهام تتجاوز ما نص عليه، كما يكفل له الحق في الحصول على إجازة أسبوعية إلى جانب الإجازات الرسمية المقررة.