نبض البلد - عبر مقال في صحيفة اليوم ..
في مقاله المنشور في صحيفة اليوم السعودية، قدّم الكاتب السعودي محمد الهاجري قراءة معمقة لتحديات الكتاب في زمن التكنولوجيا المتسارعة، متسائلاً: كيف يمكن أن نحافظ على مكانة الكتاب، ونعيد إلى الأجيال الجديدة شغف القراءة وسط زخم الشاشات الرقمية ومقاطعها السريعة؟
واستهل الهاجري مقاله بالتأكيد على أن الكتاب منذ فجر التاريخ كان الحارس الأمين لذاكرة البشرية، وبه شُيّدت الحضارات وتأسست العلوم، مشيراً إلى أن الكتاب لم يكن يوماً مجرد أوراق مطبوعة، بل رفيقاً يُؤنس الوحدة، ودليلاً في رحلة البحث عن الحقيقة، ونافذة تفتح على عوالم بعيدة.
وأوضح أن كثيرين يرون في التقنية خصماً للكتاب، بينما هي في جوهرها جسر جديد للمعرفة، إذ جعلت المكتبات الرقمية والكتب الصوتية والتطبيقات الحديثة ملايين العناوين في متناول القارئ بضغطة زر. وبيّن أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في الوسيلة، بل في القدرة على تنمية الرغبة وإحياء الشغف وربط القراءة بلغة العصر.
وطرح الكاتب مجموعة من الحلول الواقعية لإعادة الاعتبار للكتاب، من أبرزها:
القدوة الأسرية: حين يرى الطفل والديه يقرآن، يدرك أن القراءة أسلوب حياة وليست واجباً مدرسياً.
التكامل مع التقنية: عبر تحويل الكتب إلى تطبيقات ومواد تفاعلية تشد انتباه الأجيال الرقمية.
المبادرات المجتمعية: مثل الأندية الثقافية والمكتبات العامة والفعاليات التي تصنع عادة القراءة.
الارتباط بالهوية: باعتبار الكتاب وعاءً للقيم والجذور والذاكرة الوطنية.
دور المؤسسات التعليمية: من خلال مشاريع ممتدة تجعل القراءة صديقاً دائماً للطالب والباحث.
وأكد الهاجري أن أول كلمة نزلت من السماء على النبي محمد صلى الله عليه وسلم كانت: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»، لتكون القراءة مفتاح النور وبداية الحضارة الإنسانية، ورسالة خالدة بأن الكتاب ليس ترفاً بل أداة لتشييد الغد المشرق وفهم الذات والآخر.
واختتم مقاله بالتشديد على أن القراءة في زمن الرقمنة ليست معركة بين الورق والشاشة، بل سعيٌ لإيجاد التوازن بين الأصالة والمعاصرة، مؤكداً أن مسؤوليتنا اليوم هي تعليم الجيل الجديد أن الكتاب، ورقيًا كان أو إلكترونياً، هو البوصلة التي تحفظ للإنسان وعيه وعقله وكرامته.