مظهر محمد ياسين.. حين تقف الحروف احترامًا

نبض البلد -

كاتب وأديب تفيض تجربته بالحكايات الإنسانية

الأنباط – آية شرف الدين

حين يتحدث، تشعر أن اللغة تنصت له قبل أن تنصت له الأذن. وحين يكتب، تقف الحروف احترامًا لما يبوح به من أفكار ومواقف، تلامس وجدان الناس، وتلتقط نبض المجتمع العربي وهمومه.
إنه الدكتور مظهر محمد ياسين، الكاتب والأديب وصاحب الحضور الاجتماعي اللافت، الذي تفيض تجربته بالحكايات الإنسانية، وتنبض كلماته برائحة الورد والياسمين. لم نُرِد أن نُقدِّمه بأكثر من كلماته، فكان حوار "الأنباط" معه أقرب إلى رحلة داخل عالمه الأدبي والفكري.

الكلمة.. مفتاح الدخول لعالم الأدب
ويروي ياسين بداية علاقته بالكلمة، قائلًا: "أمضيت حياتي مشدودًا للكلمة، سواء قرأتها في كتاب أو جريدة أو حتى على واجهة محل. الكلمة الجميلة، حين تُوضع في سياقها الطبيعي، تُمسكني من روحي".
ومن هذا التعلّق وُلد كتابه الأول "أعذب الكلام"، الذي شكّل البوابة التي عبر منها نحو عالم الأدب. ويضيف: "أدركت منذ ذلك الحين متعة أن تمسك قلمًا، وتملأ بياض الورق بفكرة إنسانية، تبني من الكلمات جسرًا إلى الحقيقة".

لا يخطط للتشويق.. بل يكتب ما يعيشه
ويرى ياسين أن التشويق ليس هدفًا بحد ذاته في الكتابة، بل قد يأتي نتيجة حتمية للحالة الصادقة. ويوضح: "أنا لا أكتب للتشويق، بل أكتب ما أعيشه وأتخيله. المشهد يتحرك في داخلي، وأدع الواقع يتدخل حين يشاء".
ويؤكد أن كتاباته ليست مجرد حكايات، بل هي مساحات تحفظ حضور الإنسان، وتمنح القارئ فرصة للتأمل في الزمن، وفي الذات، وفي التفاصيل المنسية.

الواقع والخيال.. على مسار واحد
في رؤيته للكتابة، يرفض ياسين الفصل بين الواقع والخيال. يقول: "كلاهما في صنف واحد. الواقع يمتد إلى الخيال، والخيال يعبر إلى الواقع. أحيانًا يتداخلان إلى حد لا أستطيع التمييز بينهما. لكن في النهاية، الحالة تفرض نفسها، وتملي عليَّ الشكل الذي ستأخذه الكتابة".

القصة.. مساحة للتعبير عن المسكوت عنه
عن سبب اختياره للقصة وسيلة للتعبير، يقول ياسين: "أكتب ما لا يمكن قوله مجاهرةً في الواقع. القصة هي مساحة أستطيع عبرها بناء شكل واضح للتعبير عن أفكاري ومواقفي. إنها نشاط جميل يمنحني المعنى والدلالة والرشاقة في اللغة".
ويضيف أن الكتابة بالنسبة له ليست ترفًا، بل مسؤولية تحتاج إلى قوة داخلية قادرة على التقاط الحياة وتحويلها إلى نص نابض.

المرأة.. الدم الذي يسري في الشريان
لا تغيب المرأة عن كتابات ياسين، كما لا تغيب عن وجدانه. يقول عنها: "هي الآخر الذي لا يغيب، وهي الشمس التي لا تغرب. تحضر دائمًا في رواياتي، وهي شريكة أساسية في بناء المشهد القصصي".
ويصفها بأنها الوجه الأجمل للحياة، والمصدر الدائم للدهشة والحنين.

أحلام لا تتوقف
ولا يرى ياسين في الحلم رفاهية، بل استمرارية. "أحلامي لن تتوقف حتى أتوقف عن التنفس"، يقول بثقة، مضيفًا أن طموحه دائمًا ما يقترن بفعل ما يفيد الناس والمجتمع والوطن.

الفلسفة التي تقوده
ولا يؤمن ياسين بإضاعة الوقت، بل يعتبر كل لحظة فرصة للإنجاز. يقول: "الفلسفة التي أسير بها هي أن أعمل في كل الاتجاهات، وأستثمر كل ثانية في شيء مفيد. الإنجاز لا يُقاس بالزمن بل بكمّيته وجودته".

الكتاب.. أستاذه الأول
ويعترف ياسين بأن الكتاب كان معلمه الأول، مبينًا: "الكتاب علمني كيف أنقل المعرفة وأبلور الوعي الثقافي. هو من أسّس البوصلة الأدبية التي أتحرك بها، إلى جانب الموهبة والثقافة".

الكلمة لسان الناس
ويؤمن بأن الكلمة الحقيقية لا يجب أن تبقى في وادٍ والناس في وادٍ آخر. "الكلمة لسان حال الناس، وإذا لم تسهم في التخفيف عنهم ومساندتهم، فقدت معناها"، يؤكد ياسين، مشددًا على أن مهمتها الأسمى هي جمع القلوب والتعبير عن الألم الإنساني بصدق.

من "زنابق المطر" إلى "ذكريات".. مدن من الحب والحنين
من أبرز أعماله الأدبية مؤخرًا، كتب ياسين "زنابق المطر" و*"ذكريات"*، حيث تتقاطع المشاعر القديمة مع دفء الحنين، وتتجلّى القيم والمبادئ والرومانسية في لغة مفعمة بالشوق وطقوس الزمن الجميل.

الحب.. قيثارة الحياة
وفي ختام حديثه، يقول إن الحب هو "القدرة التي تجعله يبدع، وهو قيثارة موسيقاه الخالدة"، بينما تبقى فلسطين في قلب أحلامه، يتمنى أن تعود لأبنائها وتتحرر.