الأردن في عيد استقلاله: حكاية وطن لا ينحني

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

يُحيي الأردنيون في مثل هذا اليوم من كل عام ذكرى انتقالهم إلى عصر الدولة الوطنية الحديثة ونجاحهم في تقديم نموذج مُتميّز لها في العالم العربي وصولًا إلى مرحلة استقلالها الذي تُوجَّ بإعلان المملكة الأردنية الهاشمية دولة ذات سيادة تامة قبل تسعة وسبعين عامًا. لم يكن هذا الاستقلال حدثًا سياسيًا عاديًا، بل نقطة تحول في مسيرة الدولة الأردنية التي وجدت نفسها مُحاطة بالعديد من التحديات والمخاطر وسط بيئة إقليمية معقدة.

لم يتوقف الكفاح الوطني بعد أن تحقق استقلال الأردن، بل أُعيد توجيهه لتدشين مرحلة البناء والإعمار، حيث انطلقت الدولة الأردنية في مسيرة شاملة، تهدف إلى ترسيخ مؤسساتها وتعزيز سيادتها وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات. أثناء ذلك، واجه الأردن تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، لكنه بفضل حكمة قيادته الهاشمية وإرادة شعبه الصلبة استطاع أن يضع أسسًا قوية لدولة حديثة قائمة على المؤسسات وسيادة القانون أتاحت له إكمال مسيرته الوطنية بنجاح وتعزيز مكانته على الخارطة الدولية. فقد شهدت المملكة تحولات جوهرية نتيجة الإصرار الملكي والشعبي على تحقيق الاستقلال الوطني التام، حيث عُرِّبَت قيادة الجيش العربي الأردني عام 1956 واُلغيَت المعاهدة الأردنية - البريطانية بعد ذلك بعام، مما عزز استقلالية القرار الوطني وأتاح للأردن رسم سياساته الداخلية والخارجية بحرية كاملة.

إن السياق النضالي الذي تراكمت فيه جهود القيادة الهاشمية والقوى الوطنية الأردنية للإجابة عن سؤال المصير، أدّى في نهاية المطاف إلى نجاحها في نقل الأردنيين من مرحلة اللا دولة إلى مرحلة الدولة الوطنية المستقلة، وفي سبيل ذلك، قدّم الأردنيون دماءً رووا به ترابهم، وعرقًا غسلوا به حجارتهم، وغلغلوا مخالبهم في أراضيهم ولم يسمحوا بسرقتها. ولم يكتفوا بذلك، بل زادوا عليه بمراكمة جهودهم السياسية والدبلوماسية لنيل استقلالهم الوطني، وهو ما نجحوا في تحقيقه.

بالقليل من الموارد والكثير من الحكمة والعزم انتزع الأردنيون بقيادة الملوك الهاشميين وطنًا في حجم بعض الورد من أنياب القوى الاستعمارية، وحققوا استقلاله الوطني وبنوا مؤسساته وحافظوا على استقراره، ليصبح الأردن نموذجًا ملهمًا في الصمود والبناء.