جماعة الإخوان المنحلة: العمل السري كاستراتيجية بقاء

نبض البلد -


أحمد الضرابعة

يُفهم من قيام الأجهزة الأمنية باعتقال مجموعة من الأشخاص التابعين لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة أثناء اجتماعهم في محافظة إربد، أنها تسعى لإعادة التموضع بطرق غير مشروعة سعياً لتحقيق أهدافها التنظيمية، ومن الواضح أنها لا تكترث بشرعيتها القانونية في هذا السبيل. العمل السري هو نهجٌ تتبعه الجماعات الإسلامية سواء كانت تمارس أنشطتها ضمن القوانين الوطنية للدول التي تنتشر فيها أم لا، وهو ما أوقعها في أزمات سياسية أدت لإنهاء وجودها التنظيمي.

في الحالة الأردنية، استفادت جماعة الإخوان المسلمين من تمسُّك الدولة الأردنية بالتوازنات السياسية على المستويين المحلي والإقليمي، لكنها لم تدرك أن الظروف تتغير بشكل دائم لتنتج توازنات سياسية جديدة تتطلب التكيف معها، وهو ما تجاهَلَته؛ حيث إنها لم تُراجع منظومتها الفكرية التي كانت سبباً في انشقاق الكثيرين عنها، ولم تُبدّل أولوياتها السياسية لتكون منسجمة مع الحالة الوطنية الأردنية، واستمر تركيزها على القضايا القومية والأممية

من المتوقع أن تعتمد جماعة الإخوان المسلمين المنحلّة في المرحلة المقبلة على العمل السري لتنفيذ مخططاتها، وهو ما تمرّنت عليه لفترات طويلة قبل حلّها، وقد مارسه المنتسبون لها من مختلف الفئات العمرية، لكنها تمر في مرحلة انكشاف استراتيجي بعد إنهاء وجودها التنظيمي، ومحاصرة شبكاتها الاقتصادية، وتطويق امتداداتها الاجتماعية، ولن تنجح في استئناف أنشطتها السياسية حتى وإن غيرت أساليبها، وهي بذلك تهرب إلى الأمام من الأزمات الفكرية والسياسية التي أوصلتها لهذا الحال

عموماً، إذا كانت استراتيجية جماعة الإخوان المسلمين المنحلّة للتعامل مع الواقع الذي تمر به تعتمد على السرية والتحايل وممارسة أنشطتها تحت غطاء اجتماعي أو خيري، فإنها تجهل أن الأجهزة الأمنية يمكنها كشف ذلك بمنتهى السهولة، وهو ما سيُراكم فاتورة أخطائها وخطاياها السياسية. لا بديل عن الاعتراف بالواقع السياسي ومواجتهه بشجاعة، أما التعامل معه وكأنه لم يحدث، هو قصور في الإدراك، وهروب من المسؤولية، وتكرار لأخطاء أنهت وجود مرتكبيها.