المقاصف المدرسية.. تعزيز للثقافة الاقتصادية والاستثمارية بين الطلبة

نبض البلد -

 

عبيدات: المقصف المدرسي يمثل نموذجًا مصغرًا لشركة يساهم فيها الطلاب

درويش: المقصف أحد وسائل غرس الثقافة المالية لدى الطلبة

 

الأنباط – شذى حتاملة

 

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم، بات من الضروري تعزيز بعض المفاهيم القديمة التي تحمل فرصًا تربوية واقتصادية كبيرة، ومن أبرزها "المقصف المدرسي" بحيث لم يعد المقصف مجرد مكان لتناول وجبة خفيفة، بل أصبح مساحة تعليمية واجتماعية قادرة على غرس مفاهيم اقتصادية هامة مثل الادخار، والتخطيط، وحتى الاستثمار لدى الطلبة.

فحين يدير الطالب مصروفه اليومي لشراء وجبة أو يشارك في تنظيم عمل المقصف، فهو يتعلم عمليًا كيف يحسن الاختيار، ويقدر القيمة، ويتحمل المسؤولية والاستقلالية.

ويؤكد خبراء أهمية المقاصف باعتبارها إحدى الوسائل الأساسية في غرس الثقافة المالية الإيجابية لدى الطلبة، حيث يشارك غالبية الطلبة في شراء الأسهم فيها، وعندما يستفيد الطالب من العائد المالي يتعزز لديه مفهوم الثقافة المالية ما يفيده في مستقبله.

الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات ينظر إلى فكرة المقاصف المدرسية كمبادرة جيدة تنعكس إيجابيًا على الطلبة من عدة جوانب، أبرزها الجانب المالي، حيث يمكن للطلبة تحقيق بعض المكاسب من خلال مشاركتهم في إدارة المقصف، كما تسهم هذه التجربة في تعزيز القيم الاستثمارية لديهم، إذ تمنحهم فرصة للتفكير بمشاريع أكبر توفر لهم دخلًا مستقبليًا، مما ينمي روح الاستثمار لديهم ويعود عليهم بالفائدة المادية.

وأضاف أن المقصف المدرسي يمثل نموذجًا مصغرًا لشركة يشارك فيها الطلبة من مختلف الصفوف، مما يعزز لديهم مفاهيم الشراكة وبناء المشاريع، ويحفزهم على التعاون والحرص على نجاح العمل وتحقيق الأرباح ، مشيرًا إلى أن للمقصف فوائد اجتماعية أيضًا، إذ يتيح للطلبة إقامة مشاريع وعلاقات تعاونية من خلال لجان المقصف، مثل لجنة الشراء والإدارة، ما يسهم في تنمية مهارات التواصل والعمل الجماعي، ويعزز الروابط الاجتماعية بينهم ، كما أن انخراطهم في هذه الأنشطة يعمق انتماءهم للمدرسة، ويمنحهم شعورًا بأنهم جزء فاعل فيها، وهو ما لا يمكن تحقيقه دائمًا من خلال المناهج الدراسية أو الأنشطة التقليدية.

وبين عبيدات أن مشاركة الطالب في مشروع مثل المقصف تجعله أكثر حرصًا على سمعته ونجاحه، وتشجعه على التسويق له بين زملائه، مما ينمي لديه الإحساس بالمسؤولية وحب المدرسة، مؤكدًا أن الطلبة يتعلمون من خلال هذه التجربة بشكل تلقائي، ومن دون الحاجة إلى توجيه مباشر، وذلك نتيجة ممارستهم اليومية وانخراطهم المستمر في أعمال المقصف، داعيًا المدارس إلى دعم فكرة المقاصف من خلال عقد ندوات توعوية حول أهمية الاستثمار وتشجيع الطلبة على تبني مشاريعهم الخاصة.

واختتم حديثه بالإشارة إلى تجربة الطالب عبادة مراد الذي قام بمبادرة تطوعية لتنظيف صفه باستخدام أدوات اشتراها من ماله الخاص، لافتًا إلى أن الأمر شجع طلبة آخرين على المشاركة في تنظيف الصفوف الأخرى، مبينًا أن القيمة التربوية لمثل هذه المبادرات تفوق القيمة الاقتصادية، إذ تعزز روح المبادرة والعمل الجماعي والانتماء لدى الطلبة.

وفي السياق ذاته، أكد الخبير التربوي الأستاذ محمود درويش أن أهمية هذا الموضوع تكمن في تنمية الحس الاقتصادي لدى الطالب، حيث يسهم في بناء قدراته على إدارة المشاريع والشركات مستقبلًا، فالانخراط في مثل هذه الأنشطة يعزز لدى الطالب الطموح ليصبح رائد أعمال أو صاحب مشروع في المستقبل، مضيفًا أن دور المقصف لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يتعداه ليكون نموذجًا للعمل التعاوني، إذ يخصص جزءًا من أرباحه لدعم الطلبة المحتاجين وصندوق المدرسة، مما ينمي لدى الطالب روح العطاء والعمل الخيري.

وأوضح درويش أن المقصف المدرسي يمثل أحد الوسائل الأساسية في غرس الثقافة المالية الإيجابية لدى الطلبة، حيث يشارك غالبية الطلبة في شراء الأسهم فيه، مبينًا أنه عندما يلاحظ الطالب العائد المالي من هذه المساهمة، يتعزز لديه فهمه وإدراكه لأهمية الثقافة المالية في حياته العملية المستقبلية.

وأضاف أن المقصف يمكن أن يكون منطلقًا لمبادرات طلابية بسيطة، مثل إنتاج وبيع منتجات يدوية، أو زراعية، أو مأكولات منزلية، مما يدعم روح المبادرة ويعزز مفهوم ريادة الأعمال، لافتًا إلى أنه يمكن من خلاله تعليم الطلبة مهارات عملية مثل المحاسبة البسيطة، تنظيم الحسابات، والتعامل مع الزبائن.

وذكر درويش مثالًا على ذلك ببعض الطلبة الذين بادروا بجمع اللوز وبيعه داخل المدرسة كمشروع استثماري صغير يعكس فهمهم للمفاهيم الاقتصادية.