مجرم حرب وقاتل اطفال وأيقونة الإرهاب الرسمي في الكيان

نبض البلد -


جزارون في كيان الدم ( 4 ) ...

 

بن غفير .. .. وجه " إسرائيل" الحقيقي الذي لا تريد ان يراه العالم

 

يتزعم حزب "عوتسما يهوديت" وريث منظمة كاخ المتطرفة

 

 

الانباط – عبد الرحمن ابو حاكمة

منذ ما قبل إعلان قيام "إسرائيل" عام 1948، مارست العصابات الصهيونية كافة أشكال العنف والإرهاب لترسيخ مشروعها الاستيطاني في فلسطين، وسط صمت دولي، خاصة من القوى الكبرى التي تُعرّف نفسها بـ"العالم الحر". لكن العدوان الإسرائيلي غير المسبوق، الذي وصل إلى مستويات من الوحشية لا تُقارن بفظائع ما قبل الحرب العالمية الثانية، لم يكن حادثًا عرضيًا، بل هو امتداد لعقيدة سياسية وأيديولوجية ترى في القوة والإبادة أدوات مشروعة لترسيخ السيطرة. وقد تجسدت هذه العقيدة عبر شخصيات يمينية متطرفة، أبرزها وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، الذي تحوّل من ناشط متطرف إلى أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في الساحة السياسية الإسرائيلية.

 

من ازعر شوارع إلى مكاتب الحكم

 

زعيم حزب "القوة اليهودية" (عوتسما يهوديت) ووزير ما يسمى ب الأمن القومي إيتمار بن غفير أحد أكثر الأسماء إثارة للجدل في الكيان اليوم، والذي تحول من أزعر شوارع إلى رتبة عضو كنيست ليدخل في شراكة سياسية مع من يماثله في زعامة الحزب بتسلئيل سموتريتش، يقود مشروعًا استيطانيًا توسعيًا يهدف إلى إحكام السيطرة على الضفة الغربية مجسدًا بذلك تحول الفكر الصهيوني نحو مزيد من التطرف الديني والقومي وذلك في تكريس عملي لأخطر المرتكزات الصهيونية للاستيلاء على فلسطين وتهويدها تحت عناوين متعددة... فمن الاعتداءات على القرى والبلدات الفلسطينية والشروع بهدم المخيمات في شمال الضفة وتهجير سكانها الى تسليح المستوطنين والتحريض على ابادة الفلسطينيين الى الاقتحامات المتكررة للمسجد الاقصى والدعوات لهدمه وبناء ما يسمى بـ"الهيكل" واقتحام الحرم الابراهيمي مرورا بالالحاح على عدم ادخال المساعدات الى قطاع غزة وقصف المواد الغذائية وتدمير مولدات مستشفياته بالاضافة الى جرائم القتل المنظمة في الاراضي العربية المحتلة عام 1948 وغيرها.

 

من محامٍ للمستوطنين إلى مشرع للقتل

 

قبل دخوله الكنيست، عُرف بن غفير كمحامٍ يترافع عن المستوطنين المتهمين بجرائم إرهابية ضد الفلسطينيين، من أبرزها جريمة إحراق منزل عائلة دوابشة في قرية دوما عام 2015، والتي راح ضحيتها طفل رضيع ووالداه. هذه الخلفية القانونية التي ارتكزت على الدفاع عن المتطرفين، تحولت لاحقًا إلى أجندة رسمية بعد توليه حقيبة الأمن القومي.

جريمة احراق عائلة دوابشة يجسدها احد الصحفيين الصهاينة في تقرير جاء فيه: "اشتعلت الموسيقى الصاخبة، واندفع الرجال للرقص في نشوة، وفجأة رفع أحد ضيوف الزفاف صورة لطفل رضيع، فقام آخر مستخدما سكين وطعن الصورة مرارا وتكرارا، وسط صيحات الحضور.. كان الرضيع صاحب الصورة هو "علي دوابشة"، الذي ألقى مشعلو الحرائق الصاينة قنابل حارقة على منزل عائلته في قرية دوما بالضفة، ما أدى إلى احتراقه مع والديه حتى الموت وإصابة شقيقه 4 سنوات بجروح خطيرة"، ويضيف: "كان بن غفير هو محامي المتهم الرئيس في جريمة الحريق قبل دخوله البرلمان، وكان المحامي الرئيسي لمعظم الإرهابيين والمستوطنين، وكأنه "محامي الشيطان". حيث يلعب الدور نفسه ببراعة، ففي ربيع 2021، وبعد شهر من دخوله البرلمان، ظهرت اشتباكات في حي الشيخ جراح بالقدس، حيث كان من المتوقع أن تُصدر المحكمة العليا الإسرائيلية حكما حاسما في مايو/أيار من ذلك العام بعد معركة قانونية خاضها الفلسطينيون لخمسة عقود للحفاظ على منازلهم في حي الشيخ جراح من المستوطنين الذين يريدون سرقتها، ظهر بن غفير في الشيخ جراح بشكل استفزازي، وافتتح مكتبا لنفسه وضع عليه لافتة ضخمة تعلن عن وجوده عضوا في الكنيست وبجوارها علم "إسرائيل"، بهدف توفير الأمن للعائلات الصهيونية الموجودة هناك. ولكن الأمر تحول إلى اشتباكات عنيفة، وبحسب مجلة "نيويوركر"، تلقى بن غفير اتصالا ينصحه بترك المنطقة وإلا سيكون سببا في إشعال الحرب، لكن يبدو ان الأمر لم ينتهِ إلا بحرائق في "تل أبيب" بسبب صواريخ المقاومة في 7 اكتوبر.

تحت نيران السياسات العنصرية

 

في نيسان/ أبريل الماضي، أغلق بن غفير مكاتب "صندوق ووقفية القدس"، في سياق هجمة شرسة على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني في المدينة المحتلة لم تكتف باستهداف هذه المؤسسات المقدسية، بل تجاوزت ذلك باستهداف الشخصيات العامة والدينية في محاولة منها لفرض سيادتها على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، بهدف تهجير أهلها وفرض أمر واقع جديد على المدينة المقدسة.

وواصل اقتحاماته الاستفزازية للمسجد الأقصى، منها بمشاركة عضو الكنيست تسفي سوكوت الذي أدى طقوسًا دينية في ساحاته وسط حماية أمنية مشددة، في تصعيد خطير لمطالب هدم المسجد وبناء "الهيكل" المزعوم. كما كان ل الحرم الإبراهيمي نصيب من اقنحامات بن غفير حيث ألقى كلمة في جموع المستوطنين المقتحمين للحرم، وأدى رقصات تلمودية في باحاته.

 

تغوّل على الداخل الفلسطيني

 

في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، شهدت معدلات الجريمة المنظمة تصاعدًا حادًا، تجاوز خلال النصف الأول من 2024 حاجز 100 جريمة قتل، في ظل تجاهل واضح من وزارة الأمن القومي التي يترأسها بن غفير. وبدلًا من التصدي لهذه الظاهرة، ركّز الوزير على تعزيز تسليح المستوطنين، ورفض إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، معتبرًا أن "منع دخول غرام واحد من الطعام هو ورقة ضغط على حماس"، وفق تصريحاته.

 

من الهامش إلى قلب المؤسسة

 

ولد بن غفير عام 1976 في القدس المحتلة، ونشأ في بيئة يمينية متشددة، حيث يحمل أفكار منظمة كاخ المدرجة على قوائم الإرهاب. ويصف قادة "عوتسما يهوديت" أنفسهم بأنهم تلاميذ لمؤسس منظمة كاخ المتطرفة، الحاخام مائير كاهانا عام 1971، وهي منظمة وضعتها الولايات المتحدة في قائمة المنظمات الإرهابية.

بعد أن مُنع من أداء الخدمة العسكرية بسبب آرائه، انخرط في العمل السياسي مستفيدًا من تصاعد اليمين، ليصل إلى الكنيست عام 2021 ضمن تحالف مع نتنياهو، ومن ثم إلى وزارة الأمن القومي في حكومة تعتبر الأكثر تطرفًا في تاريخ الاحتلال.

ورغم تحذيرات الداخل "الإسرائيلي" من انفلات الأوضاع، فإن سياسات بن غفير تبدو مصممة على كسر كل الخطوط الحمراء، مدفوعة بخطاب ديني متطرف يستند إلى أساطير "الخلاص"، ويعتبر الحروب إبادة مقدسة واستعادة لـ"وعد إلهي".

وكتب المحلل الإسرائيلي "غدعون ليفي" محذرا بأن المفاجأة التالية ستأتي من داخل الضفة التي تغلي بسبب اعتداءات المستوطنين المتكررة، بعد أن تحولوا إلى عصابات ترتدي الزي العسكري وتطلق النار على السكان الفلسطينيين. ولكن ليفي يقول إن العدو هذه المرة لن يكون الفلسطينيين، بل سيكون المستوطنين المتطرفين الذين سينقضّون على "دولة إسرائيل" نفسها قريبا.

من جانبها كشفت صحيفة "هآرتس" ان بن غفير يعتمد في قراراته نصائح بن تسيون غوبشتاين، رئيس جماعة "لهافا" العنصرية الإرهابية. الذي قدَّم له مقترحات تبناها بالفعل. من أبرزها تنفيذ اعتقالات واسعة وجمع أسلحة بمدينة القدس المحتلة، وتنفيذ اغتيالات انتقائية وإغلاق أحياء كاملة في القدس الشرقية.

 

وجه الكيان الحقيقي

 

قد لا يكون إيتمار بن غفير استثناءً داخل المنظومة السياسية الإسرائيلية، لكنه بالتأكيد تجسيدٌ صارخٌ لتحول المجتمع نحو التطرف، وهو ما لا يريد العالم رؤيته. فالرجل الذي طالما اعتُبر هامشيًا، بات في موقع القرار، لا فقط كوزير، بل كأيقونة لمرحلة مظلمة تطغى فيها لغة العنف على السياسة، والمجازر على القانون، حتى وصل الامر برئيس الوزراء الاسبق "إيهود أولمرت" للتحذير من ذلك الرجل، قائلا "إن بن غفير خطر وشيك على (إسرائيل) أكثر من إيران المسلحة نوويا"، لكن ما لم يذكره أولمرت هو أن بن غفير لم يعد ظاهرة شاذة او سياسي منبوذ فالرجل اليوم هو وجه الكيان الذي لا يريد العالم رؤيته او الاعتراف به بل هو وجه التحول الذي حصل في المجتمع الصهيوني على مدار 50 عاما.