مشروع الدويلات الصهيونية.. مخطط لتقسيم المنطقة

نبض البلد -

خبراء: الخطر الصهيوني سيطال الجميع إن لم نستيقظ قبل فوات الأوان

ضرورة تحرك عربي جماعي يعيد التأكيد على وحدة وسيادة الدولة السورية

 

أيوب: "إسرائيل الكبرى" خطة استعمارية أوروبية تنفذ بالتدرج وتستهدف تمزيق الأمة

الشوبكي: ينبغي على الدول العربية مراجعة سياساتها ومواقفها بشكل حاسم

حسين: الكيان الدرزي أداة للاحتلال ضمن خطة لتفكيك المشرق وتحويله إلى فسيفساء طائفية

 

الأنباط - رزان السيد

 

تشير تطورات الأحداث في المنطقة، خاصة في جنوب سوريا، إلى تصاعد مخاوف حقيقية من مشروع جيوسياسي قديم جديد، يقوم على إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط عبر إنشاء دويلات طائفية وعرقية صغيرة تخدم مصالح الاحتلال الصهيوني تحت غطاء الحماية والأقليات.

النموذج الأحدث لهذا السيناريو يبرز في محافظة السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية، حيث ظهرت دعوات من بعض أبناء الطائفة الدرزية داخل وخارج سوريا للتدخل الصهيوني بدعوى الحماية من النظام السوري، وهو ما اعتبره محللون "بروفة" فعلية لمخطط إنشاء دويلة درزية تابعة للاحتلال، والتي قد تكون بداية لتقسيم سوريا والعراق إلى كيانات طائفية وظيفية تخدم الأمن القومي الإسرائيلي وتضعف الروابط العربية.

المشروع، كما يرى محللون، لا يهدف فقط إلى حماية الكيان الإسرائيلي جغرافيًا بخلق أحزمة عازلة، بل يتعداه إلى استخدام هذه الكيانات في تفتيت الهويات الوطنية القائمة، وتعزيز الطائفية والمذهبية، وفتح المجال أمام ما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى"، حيث يتم ذلك تحت مبررات إنسانية أو حقوقية مثل حماية الأقليات، بينما الجوهر الحقيقي هو إعادة رسم المنطقة بما يضمن سيطرة الاحتلال سياسيًا وأمنيًا على المشرق العربي.

الأردن، وبحسب التحليلات، في قلب هذا الخطر، خصوصًا أن أي دويلة درزية محتملة ستكون على حدوده الشمالية، ما يعرضه لعزلة جغرافية وخطر أمني مباشر، خاصة مع اشتداد الاضطرابات في جنوب سوريا، كما أن تمدد هذا النموذج قد ينتج موجات جديدة من النزوح واللاجئين، إضافة إلى احتمال إشعال حروب أهلية على خلفية رفض مشاريع التقسيم.

وفي هذا السياق، أكد الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور سمير أيوب، لـ"الأنباط" أن مشروع "إسرائيل الكبرى" هو مشروع استعماري أوروبي متدرج التنفيذ، وأن كل عربي وطني حريص على مستقبله ومستقبل أولاده وواقعه يجب أن يضع هذا المشروع نصب عينيه، مشيرًا إلى أن من لا يضع هذا العنوان أمامه، فإنه يفرّط عامدًا متعمدًا بواقعه ومستقبله.

وأوضح أيوب أن إسرائيل الحالية تمثل تجسيدًا عمليًا للتلمود اليهودي، الذي يزعم أن الله اختار اليهود "شعبًا مختارًا"، ويمنحهم حسب معتقدهمشرعية الكذب والسرقة وقتل الأبرياء بمن فيهم النساء الحوامل والأطفال، ويرى بقية البشر كعبيد لهم.

وأشار إلى أن السكان في كيان الاحتلال ينقسمون إلى فئتين، الأولى تلمودية، وهي التي تنفذ تعليمات التلمود بكل ما فيها من تطرف وادعاء برسالة توسعية تمتد من الفرات إلى النيل، والثانية استثمارية مكونة من أصحاب رؤوس الأموال، والذين جاؤوا بدافع اقتصادي بعدما قيل لهم إن فلسطين مكان آمن للاستثمار، مضيفًا بأن هؤلاء المستثمرين هم أول من يفر عند وقوع الخطر، فيما تبقى الفئة التلمودية في مواجهة الفلسطينيين.

وأضاف أيوب أن "إسرائيل الكبرى" هي هدف تلمودي مغروس في وجدان اليهود، مبينًا أن اليهود هم من اخترعوا فكرة الصهيونية، وسعوا لتمويلها وتبنيها دوليًا حتى وجدوا الراعي في بريطانيا، التي منحتهم وعد بلفور بما يخدم مصالحها، لتتخلص من خطر اليهود داخلها، ولتقيم لهم قاعدة استعمارية في مشرق عربي كان يبشر بوجود ثروات نفطية هائلة.

وأكد أن الولاء الصهيوني انتقل من بريطانيا إلى الولايات المتحدة بعد حرب السويس عام 1956، وأن الصهاينة اليوم يراهنون على قوى صاعدة كالهند والصين وروسيا، بعدما شعروا بضعف الحليف الأمريكي.

وشدد أيوب على أن استراتيجية الصهاينة تقوم على ثلاث ركائز، بناء القوة الذاتية الإسرائيلية، الاستعانة بحلفاء أقوياء، وتفتيت الخصم، أي العرب كأمة وشعوب.

وأوضح أنه من أبرز أدوات التفتيت التي استخدمت كانت اتفاقية سايكس-بيكو، التي قسمّت الوطن العربي إلى دويلات صغيرة متناحرة، وبعضها تحالف مع الكيان الصهيوني علنًا أو سرًا، كما أن خلق الفتن بين الشعوب العربية كان وسيلة فعالة، بحسب وصفه.

وقال أيوب إن إسرائيل لا تخلق هذه الأمراض الاجتماعية، لكنها توظفها ببراعة، مستفيدة من الانقسامات العرقية والدينية والثقافية، مثل البوليساريو، والبربر، والكلدان، والبلوش، والاختلافات الحزبية.

وتابع: "إذا تأملنا حالة التمزق الفكري والديني، نجد انقسامًا بين الإخوان المسلمين، حزب التحرير، السلفيين، الوهابيين، وكذلك البعث السوري والعراقي واليمني، كل جماعة تُجزأ، وكل جزء يُفتت"، وأضاف: "قسموا السودان إلى شمال وجنوب، ولبنان وسوريا إلى طوائف، وهم لا يتوقفون عن إيجاد مبررات جديدة للتقسيم".

وأضاف أن مشروع التقسيم الجغرافي والسياسي مستمر، حيث تم تدمير العراق، ليبيا، السودان، ولبنان، وقال إن سوريا اليوم تمر بمرحلة إعادة تقسيم مشابهة، مشيرًا إلى وجود مخطط لتقسيم سوريا إلى دولة درزية، ودولة علوية، ودولة كردية، على غرار ما حاول أن يفعله أنطوان لحد في لبنان بإنشاء كانتون ماروني في الجنوب بدعم من الاحتلال الإسرائيلي.

وتابع أيوب: "في لحظات الخوف، قد تبرر بعض الطوائف الاستعانة بالعدو، هذه هي سيكولوجية الخائف الذي يلجأ حتى للشيطان"، وذكّر بتاريخ التحالف بين ستالين الشيوعي وتشرشل الرأسمالي خلال الحرب العالمية الثانية، مؤكدًا أن الفروقات تذوب عندما يكون الوجود مهددًا.

وختم بالتحذير قائلًا: "الخطر الصهيوني طاعون قادم، وسيطال الجميع إن لم نستيقظ قبل فوات الأوان"، مضيفًا أن إسرائيل الكبرى ليست وهمًا، بل مشروع أوروبي استعماري قيد التنفيذ التدريجي، تمامًا كما صُنعت أمريكا، ثم صُنعت إسرائيل، وقد لاقى هذا المشروع هوى عند الحركة الصهيونية التلمودية.

من جانبه، أوضح المحلل الأمني والسياسي، محسن الشوبكي في حديث له مع "الأنباط"، أن منطقة جنوب سوريا، وعلى وجه الخصوص محافظة السويداء، تشهد تطورات سياسية وأمنية حادة تحمل في طياتها إسقاطات جيوسياسية عميقة، فقد برزت مؤشرات تدعو للتفكير في إمكانية إنشاء كيان طائفي، يُستهدف به استغلال الورقة الدرزية، كجزء من مشروع تقسيمي أوسع يهدف إلى تفكيك الوحدة الوطنية وإعادة رسم الخريطة السياسية للمشرق العربي لصالح تحالفات خارجية وإقليمية، مشيرًا أنه قد يتزامن ذلك مع سياسات صهيونيه تاريخية تسعى إلى استغلال الانقسامات الداخلية في دول الجوار لتأمين حدودها وتعزيز نفوذها الاستراتيجي.

وتابع الشوبكي أن فكرة إنشاء كيان درزي أو مشروع للانفصال عن الدولة السورية لا تقتصر على مجرد تصور نظري، بل تحمل بعض العلامات الدالة على نشوء توجه استراتيجي في بعض الأوساط السياسية الدرزية، رغم وجود تحفظات داخل المجتمع الدرزي نفسه.

وأشار إلى أن التاريخ السوري المتشابك مع قضايا الهوية والانتماء، يعكس أن الذين ينتمون إلى الطائفة الدرزية لديهم علاقة وثيقة بالدولة رغم تحفظاتهم على بعض السياسات، وتقسيم سوريا إلى كيانات طائفية يواجه رفضًا من غالبية القيادات الدرزية التي تؤكد على وحدة سوريا وتشدد على أهمية الانتماء الوطني، مما يطرح تساؤلات حول مدى جدية المشروع على الأرض.

كما لفت الشوبكي إلى أن الكيان الصهيوني يلعب دورًا محوريًا في السياسات الإقليمية عبر استراتيجية الاعتماد على دعم الأقليات والمجموعات الطائفية في الدول المحيطة بها، ويمكن تلخيص دوافع الكيان، من خلالإنشاء حدود عازلة تخفف من التهديدات العسكرية المحتملة وتضع الدولة المجاورة في موقف هش، بحيث تصبح هناك فجوات تُمكّن التحركات الأمنية والعمليات الاستراتيجية دون مخاطر مباشرة على الكيان، كما يتبنى الكيان رؤية استراتيجية طويلة الأمد ترتبط بفكرة "إسرائيل الكبرى"، حيث تعمل على تفكيك الدول العربية إلى كيانات أصغر متنازعة على النفوذ؛ إذ يصبح من الأسهل إدارة الصراعات الداخلية والاستفادة منها على المدى البعيد في خلق توازنات أمنيّة تصب في صالحها.

وأضاف أن الدعم للكيانات الطائفية يعد جزءًا من استراتيجية أوسع للتحوط ضد تدخل قوى إقليمية أخرى كإيران وتركيا، حيث تُستخدم هذه الخطوات لتقويض الوحدة السورية وتعطيل مشاريع إعادة الإعمار الوطني.

وأكد الشوبكي أن أي خطوة نحو فصل أو تقسيم أجزاء من الدولة السورية ستترك آثارًا عميقة على مسار إعادة بناء سوريا، خاصة في ظل التاريخ الطويل من الصراعات والانقسامات وخروج أي مكون من المكونات الاجتماعية أو الطائفية عن الإطار الوطني قد ينذر بمرحلة جديدة من الانقسام الداخلي، مما يضعف من قدرة الحكومة المركزية على فرض سيادتها وإعادة الاستقرار بعد سنواتٍ من النزاع، مشيرًا أن تقسيم الدولة السورية قد يؤدي إلى ظهور نزاعات على السلطة وحصص النفوذ، مما يزيد من احتمالية اندلاع صراعات محلية جديدة وتفاقم الأوضاع الأمنية، وهو ما يُشعل فتيل التدخلات الخارجية ويضع سوريا مرة أخرى في دائرة عدم الاستقرار.

كما لفت الى أن الأردن يعد من الدول الأكثر تأثرًا بالتطورات في سوريا، نظرًا لموقعه الجغرافي الحساس وقربه من مناطق الصراع ، وإقامة كيان طائفي أو درزي على الحدود الشمالية مع الأردن قد تؤدي إلى زيادة التدفقات غير النظامية، سواء من حيث اللاجئين أو من حيث الأنشطة الأمنية غير المعهودة، مما يُضع الأردن تحت ضغوط إضافية، مضيفًا أن الأردن قد يواجه تحديات تتعلق بتأمين الحدود، وإلى احتمال استغلال هذه التغيرات لصالح أطراف خارجية قد تسعى إلى زعزعة استقرار المملكة واستهداف مصالحها الوطنية، وتبرز أهمية تنسيق المواقف والدعم السياسي العربي لمواجهة مثل هذه المشاريع التي تفكك مكوّنات الوطن العربي، إذ إن التفكك الداخلي لا يفيد أي جهة؛ بل يجعل الأردن في موقف المواجهةأمام تدخلات خارجية متصاعدة.

وبين أن الساحة العربية تحتضن اليوم تحديات عدة، من ضمنها اختلاف الرؤى السياسية والحاجة الملحة لوضع رؤية موحدة تجاه التدخلات الخارجية والتهدّدات على وحدة الوطن العربي، ونظرًا للتباين بين الآراء والمواقف داخل الدول العربية وعدم وجود جبهة موحدة للتصدي لتجاوزات بعض الأطراف الخارجية، فإن فرص صد مثل هذه المشاريع تبدو محدودة، مؤكدًا بأنه ينبغي على الدول العربية مراجعة سياساتها ومواقفها بشكل حاسم، والعمل على تشكيل تحالفات استراتيجية تتخطى الخلافات الداخلية، لتقديم جبهة موحدة ضد محاولة تفكيك النسيج العربي.

ونوه الشوبكي إلى أنه وفي ضوء المعطيات الراهنة، يظهر أن فكرة إنشاء كيان درزي في جنوب سوريا ليست مجرد تخيّل نظري، بل تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية وسياسية قد تنسجم مع توجهات خارجية تسعى لإعادة رسم الخريطة الإقليمية وفقًا لمصالح خاصة‘ لذا فإن السياسة الخارجية للكيان تعتمد منذ زمن طويل على دعم الأقليات واستخدام الانقسامات الداخلية كأداة لخلق فجوات أمنية واستغلالها، وهو ما قد يثري مخطط مشروع "إسرائيل الكبرى".كما أن التحركات الصهيونية تشكل تهديدًا لوحدة الدولة السورية، ويضع الأردن في موقع حساس يستوجب إعادة تقييم السياسات الأمنية والداخلية ،ويبقى مستقبل المنطقة معلقًا بمدى قدرة الأطراف العربية على تجاوز الخلافات وإيجاد رؤية شاملة تضمن عدم التفكك والحفاظ على وحدة الوطن العربي ودوله.


خبراء: الخطر الصهيوني سيطال الجميع إن لم نستيقظ قبل فوات الأوان

مشروع الدويلات الصهيونية.. مخطط لتقسيم المنطقة

 

ضرورة تحرك عربي جماعي يعيد التأكيد على وحدة وسيادة الدولة السورية

 

أيوب: "إسرائيل الكبرى" خطة استعمارية أوروبية تنفذ بالتدرج وتستهدف تمزيق الأمة

الشوبكي: ينبغي على الدول العربية مراجعة سياساتها ومواقفها بشكل حاسم

حسين: الكيان الدرزي أداة للاحتلال ضمن خطة لتفكيك المشرق وتحويله إلى فسيفساء طائفية

 

الأنباط - رزان السيد

 

تشير تطورات الأحداث في المنطقة، خاصة في جنوب سوريا، إلى تصاعد مخاوف حقيقية من مشروع جيوسياسي قديم جديد، يقوم على إعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط عبر إنشاء دويلات طائفية وعرقية صغيرة تخدم مصالح الاحتلال الصهيوني تحت غطاء الحماية والأقليات.

النموذج الأحدث لهذا السيناريو يبرز في محافظة السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية، حيث ظهرت دعوات من بعض أبناء الطائفة الدرزية داخل وخارج سوريا للتدخل الصهيوني بدعوى الحماية من النظام السوري، وهو ما اعتبره محللون "بروفة" فعلية لمخطط إنشاء دويلة درزية تابعة للاحتلال، والتي قد تكون بداية لتقسيم سوريا والعراق إلى كيانات طائفية وظيفية تخدم الأمن القومي الإسرائيلي وتضعف الروابط العربية.

المشروع، كما يرى محللون، لا يهدف فقط إلى حماية الكيان الإسرائيلي جغرافيًا بخلق أحزمة عازلة، بل يتعداه إلى استخدام هذه الكيانات في تفتيت الهويات الوطنية القائمة، وتعزيز الطائفية والمذهبية، وفتح المجال أمام ما يسمى بـ"إسرائيل الكبرى"، حيث يتم ذلك تحت مبررات إنسانية أو حقوقية مثل حماية الأقليات، بينما الجوهر الحقيقي هو إعادة رسم المنطقة بما يضمن سيطرة الاحتلال سياسيًا وأمنيًا على المشرق العربي.

الأردن، وبحسب التحليلات، في قلب هذا الخطر، خصوصًا أن أي دويلة درزية محتملة ستكون على حدوده الشمالية، ما يعرضه لعزلة جغرافية وخطر أمني مباشر، خاصة مع اشتداد الاضطرابات في جنوب سوريا، كما أن تمدد هذا النموذج قد ينتج موجات جديدة من النزوح واللاجئين، إضافة إلى احتمال إشعال حروب أهلية على خلفية رفض مشاريع التقسيم.

وفي هذا السياق، أكد الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور سمير أيوب، لـ"الأنباط" أن مشروع "إسرائيل الكبرى" هو مشروع استعماري أوروبي متدرج التنفيذ، وأن كل عربي وطني حريص على مستقبله ومستقبل أولاده وواقعه يجب أن يضع هذا المشروع نصب عينيه، مشيرًا إلى أن من لا يضع هذا العنوان أمامه، فإنه يفرّط عامدًا متعمدًا بواقعه ومستقبله.

وأوضح أيوب أن إسرائيل الحالية تمثل تجسيدًا عمليًا للتلمود اليهودي، الذي يزعم أن الله اختار اليهود "شعبًا مختارًا"، ويمنحهم حسب معتقدهمشرعية الكذب والسرقة وقتل الأبرياء بمن فيهم النساء الحوامل والأطفال، ويرى بقية البشر كعبيد لهم.

وأشار إلى أن السكان في كيان الاحتلال ينقسمون إلى فئتين، الأولى تلمودية، وهي التي تنفذ تعليمات التلمود بكل ما فيها من تطرف وادعاء برسالة توسعية تمتد من الفرات إلى النيل، والثانية استثمارية مكونة من أصحاب رؤوس الأموال، والذين جاؤوا بدافع اقتصادي بعدما قيل لهم إن فلسطين مكان آمن للاستثمار، مضيفًا بأن هؤلاء المستثمرين هم أول من يفر عند وقوع الخطر، فيما تبقى الفئة التلمودية في مواجهة الفلسطينيين.

وأضاف أيوب أن "إسرائيل الكبرى" هي هدف تلمودي مغروس في وجدان اليهود، مبينًا أن اليهود هم من اخترعوا فكرة الصهيونية، وسعوا لتمويلها وتبنيها دوليًا حتى وجدوا الراعي في بريطانيا، التي منحتهم وعد بلفور بما يخدم مصالحها، لتتخلص من خطر اليهود داخلها، ولتقيم لهم قاعدة استعمارية في مشرق عربي كان يبشر بوجود ثروات نفطية هائلة.

وأكد أن الولاء الصهيوني انتقل من بريطانيا إلى الولايات المتحدة بعد حرب السويس عام 1956، وأن الصهاينة اليوم يراهنون على قوى صاعدة كالهند والصين وروسيا، بعدما شعروا بضعف الحليف الأمريكي.

وشدد أيوب على أن استراتيجية الصهاينة تقوم على ثلاث ركائز، بناء القوة الذاتية الإسرائيلية، الاستعانة بحلفاء أقوياء، وتفتيت الخصم، أي العرب كأمة وشعوب.

وأوضح أنه من أبرز أدوات التفتيت التي استخدمت كانت اتفاقية سايكس-بيكو، التي قسمّت الوطن العربي إلى دويلات صغيرة متناحرة، وبعضها تحالف مع الكيان الصهيوني علنًا أو سرًا، كما أن خلق الفتن بين الشعوب العربية كان وسيلة فعالة، بحسب وصفه.

وقال أيوب إن إسرائيل لا تخلق هذه الأمراض الاجتماعية، لكنها توظفها ببراعة، مستفيدة من الانقسامات العرقية والدينية والثقافية، مثل البوليساريو، والبربر، والكلدان، والبلوش، والاختلافات الحزبية.

وتابع: "إذا تأملنا حالة التمزق الفكري والديني، نجد انقسامًا بين الإخوان المسلمين، حزب التحرير، السلفيين، الوهابيين، وكذلك البعث السوري والعراقي واليمني، كل جماعة تُجزأ، وكل جزء يُفتت"، وأضاف: "قسموا السودان إلى شمال وجنوب، ولبنان وسوريا إلى طوائف، وهم لا يتوقفون عن إيجاد مبررات جديدة للتقسيم".

وأضاف أن مشروع التقسيم الجغرافي والسياسي مستمر، حيث تم تدمير العراق، ليبيا، السودان، ولبنان، وقال إن سوريا اليوم تمر بمرحلة إعادة تقسيم مشابهة، مشيرًا إلى وجود مخطط لتقسيم سوريا إلى دولة درزية، ودولة علوية، ودولة كردية، على غرار ما حاول أن يفعله أنطوان لحد في لبنان بإنشاء كانتون ماروني في الجنوب بدعم من الاحتلال الإسرائيلي.

وتابع أيوب: "في لحظات الخوف، قد تبرر بعض الطوائف الاستعانة بالعدو، هذه هي سيكولوجية الخائف الذي يلجأ حتى للشيطان"، وذكّر بتاريخ التحالف بين ستالين الشيوعي وتشرشل الرأسمالي خلال الحرب العالمية الثانية، مؤكدًا أن الفروقات تذوب عندما يكون الوجود مهددًا.

وختم بالتحذير قائلًا: "الخطر الصهيوني طاعون قادم، وسيطال الجميع إن لم نستيقظ قبل فوات الأوان"، مضيفًا أن إسرائيل الكبرى ليست وهمًا، بل مشروع أوروبي استعماري قيد التنفيذ التدريجي، تمامًا كما صُنعت أمريكا، ثم صُنعت إسرائيل، وقد لاقى هذا المشروع هوى عند الحركة الصهيونية التلمودية.

من جانبه، أوضح المحلل الأمني والسياسي، محسن الشوبكي في حديث له مع "الأنباط"، أن منطقة جنوب سوريا، وعلى وجه الخصوص محافظة السويداء، تشهد تطورات سياسية وأمنية حادة تحمل في طياتها إسقاطات جيوسياسية عميقة، فقد برزت مؤشرات تدعو للتفكير في إمكانية إنشاء كيان طائفي، يُستهدف به استغلال الورقة الدرزية، كجزء من مشروع تقسيمي أوسع يهدف إلى تفكيك الوحدة الوطنية وإعادة رسم الخريطة السياسية للمشرق العربي لصالح تحالفات خارجية وإقليمية، مشيرًا أنه قد يتزامن ذلك مع سياسات صهيونيه تاريخية تسعى إلى استغلال الانقسامات الداخلية في دول الجوار لتأمين حدودها وتعزيز نفوذها الاستراتيجي.

وتابع الشوبكي أن فكرة إنشاء كيان درزي أو مشروع للانفصال عن الدولة السورية لا تقتصر على مجرد تصور نظري، بل تحمل بعض العلامات الدالة على نشوء توجه استراتيجي في بعض الأوساط السياسية الدرزية، رغم وجود تحفظات داخل المجتمع الدرزي نفسه.

وأشار إلى أن التاريخ السوري المتشابك مع قضايا الهوية والانتماء، يعكس أن الذين ينتمون إلى الطائفة الدرزية لديهم علاقة وثيقة بالدولة رغم تحفظاتهم على بعض السياسات، وتقسيم سوريا إلى كيانات طائفية يواجه رفضًا من غالبية القيادات الدرزية التي تؤكد على وحدة سوريا وتشدد على أهمية الانتماء الوطني، مما يطرح تساؤلات حول مدى جدية المشروع على الأرض.

كما لفت الشوبكي إلى أن الكيان الصهيوني يلعب دورًا محوريًا في السياسات الإقليمية عبر استراتيجية الاعتماد على دعم الأقليات والمجموعات الطائفية في الدول المحيطة بها، ويمكن تلخيص دوافع الكيان، من خلالإنشاء حدود عازلة تخفف من التهديدات العسكرية المحتملة وتضع الدولة المجاورة في موقف هش، بحيث تصبح هناك فجوات تُمكّن التحركات الأمنية والعمليات الاستراتيجية دون مخاطر مباشرة على الكيان، كما يتبنى الكيان رؤية استراتيجية طويلة الأمد ترتبط بفكرة "إسرائيل الكبرى"، حيث تعمل على تفكيك الدول العربية إلى كيانات أصغر متنازعة على النفوذ؛ إذ يصبح من الأسهل إدارة الصراعات الداخلية والاستفادة منها على المدى البعيد في خلق توازنات أمنيّة تصب في صالحها.

وأضاف أن الدعم للكيانات الطائفية يعد جزءًا من استراتيجية أوسع للتحوط ضد تدخل قوى إقليمية أخرى كإيران وتركيا، حيث تُستخدم هذه الخطوات لتقويض الوحدة السورية وتعطيل مشاريع إعادة الإعمار الوطني.

وأكد الشوبكي أن أي خطوة نحو فصل أو تقسيم أجزاء من الدولة السورية ستترك آثارًا عميقة على مسار إعادة بناء سوريا، خاصة في ظل التاريخ الطويل من الصراعات والانقسامات وخروج أي مكون من المكونات الاجتماعية أو الطائفية عن الإطار الوطني قد ينذر بمرحلة جديدة من الانقسام الداخلي، مما يضعف من قدرة الحكومة المركزية على فرض سيادتها وإعادة الاستقرار بعد سنواتٍ من النزاع، مشيرًا أن تقسيم الدولة السورية قد يؤدي إلى ظهور نزاعات على السلطة وحصص النفوذ، مما يزيد من احتمالية اندلاع صراعات محلية جديدة وتفاقم الأوضاع الأمنية، وهو ما يُشعل فتيل التدخلات الخارجية ويضع سوريا مرة أخرى في دائرة عدم الاستقرار.

كما لفت الى أن الأردن يعد من الدول الأكثر تأثرًا بالتطورات في سوريا، نظرًا لموقعه الجغرافي الحساس وقربه من مناطق الصراع ، وإقامة كيان طائفي أو درزي على الحدود الشمالية مع الأردن قد تؤدي إلى زيادة التدفقات غير النظامية، سواء من حيث اللاجئين أو من حيث الأنشطة الأمنية غير المعهودة، مما يُضع الأردن تحت ضغوط إضافية، مضيفًا أن الأردن قد يواجه تحديات تتعلق بتأمين الحدود، وإلى احتمال استغلال هذه التغيرات لصالح أطراف خارجية قد تسعى إلى زعزعة استقرار المملكة واستهداف مصالحها الوطنية، وتبرز أهمية تنسيق المواقف والدعم السياسي العربي لمواجهة مثل هذه المشاريع التي تفكك مكوّنات الوطن العربي، إذ إن التفكك الداخلي لا يفيد أي جهة؛ بل يجعل الأردن في موقف المواجهةأمام تدخلات خارجية متصاعدة.

وبين أن الساحة العربية تحتضن اليوم تحديات عدة، من ضمنها اختلاف الرؤى السياسية والحاجة الملحة لوضع رؤية موحدة تجاه التدخلات الخارجية والتهدّدات على وحدة الوطن العربي، ونظرًا للتباين بين الآراء والمواقف داخل الدول العربية وعدم وجود جبهة موحدة للتصدي لتجاوزات بعض الأطراف الخارجية، فإن فرص صد مثل هذه المشاريع تبدو محدودة، مؤكدًا بأنه ينبغي على الدول العربية مراجعة سياساتها ومواقفها بشكل حاسم، والعمل على تشكيل تحالفات استراتيجية تتخطى الخلافات الداخلية، لتقديم جبهة موحدة ضد محاولة تفكيك النسيج العربي.

ونوه الشوبكي إلى أنه وفي ضوء المعطيات الراهنة، يظهر أن فكرة إنشاء كيان درزي في جنوب سوريا ليست مجرد تخيّل نظري، بل تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية وسياسية قد تنسجم مع توجهات خارجية تسعى لإعادة رسم الخريطة الإقليمية وفقًا لمصالح خاصة‘ لذا فإن السياسة الخارجية للكيان تعتمد منذ زمن طويل على دعم الأقليات واستخدام الانقسامات الداخلية كأداة لخلق فجوات أمنية واستغلالها، وهو ما قد يثري مخطط مشروع "إسرائيل الكبرى".كما أن التحركات الصهيونية تشكل تهديدًا لوحدة الدولة السورية، ويضع الأردن في موقع حساس يستوجب إعادة تقييم السياسات الأمنية والداخلية ،ويبقى مستقبل المنطقة معلقًا بمدى قدرة الأطراف العربية على تجاوز الخلافات وإيجاد رؤية شاملة تضمن عدم التفكك والحفاظ على وحدة الوطن العربي ودوله.