عاجل

“الأنباط”.. عشرون عاماً من الحرف النزيه والكلمة الوازنة حين يكون الوفاء للكلمة هو عنوان المسيرة

نبض البلد - اللواء المتقاعد 
محمد بني فارس
"الأنباط”.. عشرون عاماً من الحرف النزيه والكلمة الوازنة
حين يكون الوفاء للكلمة هو عنوان المسيرة

"في زمنٍ تتكاثر فيه الأصوات، تبقى الحقيقة صوتًا واحدًا لا يعلو عليه شيء.”

عشرون عامًا مضت، وصحيفة الأنباط تشق طريقها بثبات في دروب الصحافة الأردنية، تحمل على عاتقها أمانة الكلمة، وضمير المهنة، ورسالة الوطن. لم تكن مجرد صفحات تُطبع، بل منبرًا نزيهًا لم يُهادن على الحقيقة، ولا غلّف المواقف بورق المجاملة، ولا تنكّر لصوت الناس حين خفتت الأصوات أو علت الضوضاء.

لقد كتبت الأنباط، على مدى عقدين، للأردن كلّه، بكل أطيافه وألوانه، فكانت مرآةً للشارع، وضميرًا حيًا للواقع، وحبرًا نقيًا لا تلوثه الأجندات. كانت ـ وما تزال ـ صحيفة تنتمي لوطنها قبل أي انتماء، وتنحاز للحقّ دون تردد.

وقد استطاعت أن ترسّخ لنموذج إعلامي يحتكم إلى العقل، ويخاطب القارئ باحترام، ويبتعد عن الإثارة المجانية، فتشكّلت لها مكانة مرموقة بين الصحف، وولاء صادق من قرائها، وثقة تُبنى على كل عدد جديد.

وفي زمنٍ تشعبت فيه المنابر وتداخلت فيه الأصوات، بقيت الأنباط عنوانًا للثبات، وواجهةً للمهنية، لم تغرها الموجات العارضة، ولا أخذتها مصالح اللحظة عن أهدافها الكبرى. بل واصلت مهمتها في ترسيخ ثقافة الحوار، وإعلاء قيمة الكلمة، وتقديم المعلومة بمسؤولية ووعي.

وما أجمل أن يحتفل المرء بمسيرته، حين يكون زاده فيها النزاهة، ودليله فيها المبدأ، ورضا الناس فيها شهادة صدقٍ وتقدير. وهذا ما تجلّى اليوم في احتفاء قرّائها بها، ومحبة الميدان لها، وثقة المهنيين بما تكتب وتقدّم.

نبارك لإدارة الصحيفة، وهيئة التحرير، والإداريين، وجميع العاملين في الأنباط، هذا الإنجاز الإعلامي اللافت، الذي بات علامة فارقة في المشهد الصحفي الأردني. فإن ما تحقق لم يكن وليد صدفة، بل هو ثمرة تفانٍ طويل، وإيمان راسخ برسالة الصحافة المسؤولة، وجهود متراكمة نُسجت بخيوط من المهنية، والحب الصادق للكلمة والرسالة.

إننا إذ نُهنئكم، نُعلي في ذات الوقت شأن الصحافة الجادة التي تلتزم بالمصداقية، وتُراكم الثقة مع قرّائها، وتبقى حارسة للوعي الجمعي.

فامضوا في درب الكلمة… وابقوا منبرًا للحقيقة، وسطرًا مضيئًا في سجل الكلمة

اللواء المتقاعد 
محمد بني فارس