هل تكون دمشق جزءًا من صفقة إقليمية كبرى؟

نبض البلد -
تساؤلات حول زيارة ترامب للشرق الأوسط.. ماذا يحمل في جعبته؟

قمحاوي: مطلب أميركا بمرور السفن عبر قناة السويس مجانًا "بلطجة"
المعايطة: تسارع بالمفاوضات بين حماس و"الكيان" بوساطة مصرية قطرية

الأنباط – الاف تيسير

في ظل تسارع التطورات الإقليمية وتزايد التعقيدات في الملفات الساخنة بالمنطقة، تتجه الأنظار إلى الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، وسط توقعات وتساؤلات بشأن ما ستحمله هذه الزيارة من صفقات أو ضغوطات سياسية أو تسويات.
وبين عدوان الاحتلال الصهيوني على غزة، والتطورات المتلاحقة في اليمن، والضغوط الناعمة على الإدارة الأميركية، تظهر مؤشرات تعكس محاولة بعض الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها السعودية، خلق زخم إيجابي قبل وصول ترامب.
وفي وقتٍ يبدو فيه الملف السوري يسير نحو إعادة تشكيل هويته الجغرافية والسياسية، تبقى التساؤلات مطروحة حول غزة بالدرجة الأولى، فهل ستشهد انفراجة حقيقية قبل الزيارة؟ وبالدرجة الثانية يأتي الملف السوري، فهل تكون دمشق جزءًا من صفقة إقليمية كبرى ضمن "النهج الإبراهيمي"؟
مراقبون ومحللون تحدثت إليهم "الأنباط" رجحوا وقوع الخيارين السابقين، فيما توقع آخرون أن تركز الزيارة على ملفات الخليج وإيران، تاركةً الأزمات الأخرى على هامش المشهد.
جميع ما سبق تساؤلات وتوقعات مشروعة تتقاطع مع تحركات دبلوماسية مكثفة، وقنوات اتصال نشطة خلف الكواليس، ما يجعل من زيارة ترامب حدثًا محوريًا قد يعيد رسم ملامح المستقبل في المنطقة.
وكان البيت الأبيض أعلن، في بيان له الأسبوع الماضي، أن ترامب سيزور منطقة الشرق الأوسط في جولة تشمل السعودية والإمارات وقطر خلال الفترة ما بين 13 - 16 مايو (أيار) المقبل.

ضغوط ومفاوضات لإنهاء العدوان

وتوقع الباحث والمفكر السياسي الدكتور لبيب قمحاوي أن تطلب السعودية من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنازلًا معينًا لخلق زخم إيجابي للزيارة، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بما يحدث في غزة، كما أن العمليات العسكرية الجارية في اليمن تهدف، بحسب قمحاوي، إلى "تنظيف" النفوذ "الحوثي" في اليمن، كجزء من تاريخ العلاقة السعودية الإيرانية اليمنية، مؤكدًا أن التطورات الجارية في غزة والضفة الغربية هي العنصر الوحيد الذي يمتلك قيمة حقيقية عربيًا في هذه المرحلة.
وذهب قمحاوي إلى أن هذين الملفين يفرضان ضرورة الضغط المباشر من الرئيس ترامب، للضغط على "نتنياهو"، بهدف التوصل إلى صفقة سياسية متكاملة قبل قيام ترامب بزيارته المرتقبة إلى المنطقة.

سوريا بين التفكيك والدمج

وعن انعكاسات الزيارة على الملف السوري، يرى قمحاوي أن الأوضاع واضحة فيما يخص الملف السوري فالاحتلال الصهيوني يسعى إلى إلغاء الدور العربي في سوريا عبر سيناريوهين محتملين: إما تقسيم سوريا إلى دويلات، أو دمجها ضمن مشروع "النهج الإبراهيمي" وصفقة القرن.
وأوضح أن الحكومة السورية الجديدة لا تبدي جدية تُذكر حيال "الاحتلال الصهيوني"؛ حتى أصبح الوضع مطمئنًا لـ"إسرائيل" وذلك باحتلال مساحات شاسعة في الجنوب السوري. مبينًا أن الوضع في سوريا لا يزال قيد التشكل ولم يُحسم بعد.
وأشار إلى أن الوصول إلى نتائج واضحة بشأن الأزمة السورية غير متوقع قبل زيارة ترامب، مضيفًا أن التوافق بين المواقف الأميركية والغربية، إلى جانب مواقف العديد من الدول العربية تجاه الملف السوري، يبدو واضحًا بعدم وجود خلافات بينهم.
وحول آلية الضغط الممارس على ترامب بهدف كبح جماح "كيان العدو"، وبين أنه يتم بطريقة مدروسة وناعمة، تعكس استخدام سياسة "ارتداء القفازات" لتفادي أي صدام مباشر.

قناة السويس بين الضغوط الأمريكية وإعادة كتابة التاريخ

وتابع قمحاوي أن الرئيس ترامب يمارس ضغوطًا سياسية، مستشهدًا بتصريحات أدلى بها صباح أمس الأحد حول "قناة السويس".
وأكد أن "إعادة كتابة التاريخ" ليس بالأمر السهل، متسائلًا عن الدور الأمريكي الحقيقي في شق قناة السويس.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة لم يكن لها أي دور يُذكر في إنشاء قناة السويس، بل اقتصر تدخلها التاريخي السلبي خلال حرب عام 1967، حيث أدى العدوان الإسرائيلي إلى إغلاق القناة لفترة طويلة.
واختتم قمحاوي بأن المطلب الأمريكي الأخير؛ الذي طرحه ترامب والمتمثل برور السفن الحربية والتجارية الأمريكية بشكل مجاني عبر قناة السويس، ما هو إلا "بلطجة".
وأوضح أن الضغوط الناعمة التي يمارسها العرب تجاه الولايات المتحدة تقتصر غالبًا على تقديم التبرعات، وتوسيع الاستثمارات، والشراء الواسع من الأسواق الأمريكية.

زيارة ترامب: تركيز على دول الخليج وتعاون اقتصادي متوقع

من جهته، اعتبر المحلل السياسي والوزير الأسبق سميح المعايطة أن الرئيس ترامب يفضل التوصل إلى حل للأوضاع في غزة وإنهاء العدوان قبل زيارته المرتقبة إلى المنطقة، إلا أن تحقيق ذلك ليس بالضرورة مرتبطًا بموعد الزيارة، مشيرًا إلى أن هناك تسارعًا في المفاوضات الجارية حاليًا بين المقاومة والاحتلال بوساطة مصرية قطرية، موضحًا أن المقترحات مطروحة على الطاولة، لكنها ليست مرتبطة بشكل كامل بملف غزة.
وأضاف المعايطة أن ترامب لن يرغم نتنياهو على القبول بحل لا يريده، معتبرًا أن هذه المسألة لن تمثل عائقًا جوهريًا أو إحدى سلبيات الزيارة المرتقبة.
وفي سياق متصل، تحدث المعايطة عن الملف السوري، مشيرًا إلى وجود قنوات اتصال متعددة بين الإدارة السورية الجديدة و"الإسرائيليين"، حيث جرى بحث قضايا محددة ضمن السياق الإقليمي، مؤكدًا أن هذه القضايا قد تطرح للنقاش، لكنها ليست على رأس أجندة الزيارة ولا تحدد ملامحها الرئيسية، معتبرًا أن الملفات الأمنية والحدودية المعقدة بين سوريا وتركيا و"إسرائيل" تستمر بمعزل عن تأثير الزيارة، متابعًا أن هناك مفاوضات دائرة في الأسابيع الماضية وغير معلن عنها في هذا الملف.
وأوضح المعايطة أن زيارة ترامب ستركز بالدرجة الأولى على دول الخليج، والتعاون الاقتصادي معها، مضيفًا إلى أن الملف الإيراني سيكون حاضرًا بقوة على جدول الأعمال، مشيرًا إلى أنه في حال تطورت الأمور إلى عقد قمة عربية أو إسلامية بحضور ترامب، فقد يتم توسيع أجندة الزيارة وجدول أعمالها.