نبض البلد -
الطماوي: الملك يقود تحركات مكثفة لتثبيت الحقوق الفلسطينية
العيسوي: القمة ستنتصر للفلسطينيين رغم محاولات العرقلة
الشوبكي: الاجتماع العربي أمام اختبار مصيري لرفض التهجير
حسين: استثنائية وتوقع دعم عربي قوي لموقف الأردن ومصر
الأنباط - رزان السيد
على وقع تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، وتفاقم العدوان الصهيوني في الضفة الغربية، تتجه أنظار العالم إلى القاهرة التي ستجمع القادة العرب بقمة طارئة في 4 آذار المقبل، حيث سيبحثون سبل التصدي للعدوان المستمر منذ عام ونصف العام.
القمة تأتي في وقت حساس، حيث يتفاقم العدوان الصهيوني ويهدد استقرار المنطقة بأسرها، إذ سيتم خلال القمة مناقشة آليات الدعم السياسي والإنساني التي يمكن تقديمها لغزة، بالإضافة إلى السعي لتوحيد الجهود الدولية لإيقاف العمليات العدوانية وتوفير حماية عاجلة للمدنيين الفلسطينيين، كما تعكس هذه القمة التزام الدول المشاركة بمواجهة التحديات التي تفرضها الاعتداءات الإسرائيلية وتأكيدًا على التضامن العربي في مواجهة هذه الأزمة المتصاعدة.
وأوضح المحلل السياسي الدكتور محمد الطماوي، أن القمة العربية الطارئة ستعقد وسط تحديات غير مسبوقة حول القضية الفلسطينية، وتسعى الدول العربية حاليًا إلى بلورة موقف موحد لمواجهة التهديدات التي تستهدف الحقوق الفلسطينية في وقت تتصاعد فيه المحاولات الإسرائيلية لفرض واقع جديد على الأرض، من هنا بات ملحًا على العواصم العربية أن تتحرك بقوة لإعادة التأكيد على رفض التهجير القسري، ودعم إعادة الإعمار لغزة.
وأكد الطماوي لـ"الأنباط" على موقف المقاومة الفلسطينية بتمسكها بخيار الصمود، ورفض أي محاولة وحلول تنتقص من الحقوق الوطنية المشروعة، مشيرًا إلى الموقف العربي، ووقفة الشعوب العربية والتي أعربت عن تقديرها العميق للمواقف الحاسمة التي تبناها الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، والتصدي لمحاولات تستهدف تغيير الواقع الديموغرافي والسياسي في الأراضي المحتلة.
وبين أن الأردن ومصر والسعودية، بالإضافة إلى دول عربية أخرى، اصدروا بيانات رسمية للتأكيد على الحقوق الفلسطينية المشروعة، ومنع فرض أي حلول قصرية تؤدي إلى تغيير التركيبة السكانية في الأراضي المحتلة.
ووفقًا لتصريحات مصر الرسمية وتحركاتها الدبلوماسية أعلنت بصراحة رفضها القاطع لمحاولة التهجير، واعتبرت أن هذه الخطوة تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري والعربي، وقادت بذلك القاهرة مبادرة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة في إطار رؤيتها الاستراتيجية التي تهدف إلى تثبيت الفلسطينيين في أرضهم، ومنع استغلال الأوضاع الإنسانية التي يمر بها سكان غزة لفرض تسويات غير عادلة عليهم، بحسب الطماوي.
وأشار إلى موقف الأردن والذي يتحمل مسؤولية الوصاية الهاشمية على المقدسات، إذ يواصل الملك عبدالله الثاني جهوده الدبلوماسية لمنع إجراءات تهويد المدينة المقدسة وتغيير هويتها الديموغرافية، كما يقود جلالته تحركات إقليمية ودولية مكثفة لتثبيت الحقوق الفلسطينية، وللتأكيد أيضًا على أن أي تسوية لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية لن تحقق الاستقرار المنشود في المنطقة.
وأوضح أن الدول العربية تسعى إلى تعزيز موقفها الموحد بالتأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست ملفًا تفاوضيًا، بل هي جوهر الأمن القومي العربي وأن أي مساس بها سينعكس سلبًا على استقرار الإقليم، من ناحية أخرى أشار الطماوي أنه في مواجهة هذه التحديات تؤكد المقاومة الفلسطينية أنها لن تقبل بأي حلول قد تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، وأن أي محاولات لفرض تسويات قسرية ستواجه برفض قاطع، وتستند في ذلك على القرارات الشرعية الدولية التي تؤكد حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة، ومنها قرار مجلس الأمن أيضًا 2234 الذي يؤكد على رفض الاستيطان الإسرائيلي غير المشروع، إضافة إلى القرار 194 في التمسك بحق العودة.
وأوضح أن القمة العربية الطارئة تمثل لحظة حاسمة في مسار القضية الفلسطينية، إذ سيكون على الدول العربية ترجمة مواقفها إلى خطوات عملية، منها ممارسة ضغوط دبلوماسية على الاحتلال لوقف عدوانه وانتهاكاته المستمرة، بالإضافة إلى تعزيز الدعم العربي للمؤسسات الفلسطينية، بما يضمن استمرار صمود الفلسطينيين في أراضيهم، كما يمكن التأكيد على رؤية مصر وطرحها في ملف إعادة إعمار غزة.
وبين أن ملف إعادة إعمار غزة مطروح بقوة في القمة الطارئة، وقد يكون الأهم في التحركات العربية والدولية، إذ تسعى مصر في ملف إعادة الإعمار إلى إصلاح البنية التحتية التي دمرها العدوان الإسرائيلي، وإعادة بناء المنشآت الاقتصادية لتمكين سكان القطاع من استعادة نشاطهم التجاري والصناعي، وتحقيق استقرار إنساني عبر تأمين الخدمات الأساسية وبذلك يضمن بقاء الفلسطينيين في أرضهم ورفض أي محاولات للتهجير القسري.
وأضاف أن عدم التصدي الحاسم لمخططات التهجير القسري والعدوان المستمر على الأراضي الفلسطينية لا يقتصر تأثيره على فلسطين وحدها بل يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي ككل، إذ يمكن أن يترتب على ذلك تداعيات خطيرة من زعزعة الاستقرار الإقليمي، ووجود محاولات لفرض تهجير قسري للفلسطينيين، سواء إلى سيناء أو إلى الأردن أو أي دولة عربية أخرى، ما سيؤدي إلى إعادة إنتاج أزمات تاريخية، مثل أزمة اللاجئين الفلسطينيين عامي 48 و67، والذي بدوره سيشكل ضغطًا هائلًا على الدول المضيفة، وفي مقدمتها مصر والاردن والتي تدرك خطورة هذا السيناريو. لذا أعلنتا بشكل واضح وصريح رفض أي محاولة لفرض نزوح جماعي للفلسطينيين.
من جهته، أوضح مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في عمان، خالد العيسوي، أن القمة العربية الطارئة التي دعت لها مصر الشهر المقبل كان من المفترض أن تقام في شباط الحالي، وتم تأجيلها إلى 4 آذار، لضمان تواجد أكبر عدد من القادة العرب.
وبين أن جدول أعمال القمة الرئيسي يتمحور حول رفض التهجير من غزة والضفة ودعم الموقفين المصري والأردني، بالإضافة إلى العمل على وضع حلول جذرية لما طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خطة لتهجير الفلسطينيين، والتأكيد أن الأرض الفلسطينية هي ملك للفلسطينيين أنفسهم، مؤكدًا على أنه لا يوجد من يستطيع أن يخرجهم منها.
وتابع أن الموقف المصري والأردني كان واضحًا منذ اللحظة الأولى بأن هناك خطة مصرية واضحة المعالم لإعادة إعمار غزة دون خروج أهلها منها كما يعتقد ترامب، وربما هذا الموقف ظهر جليًا ودعمه الملك عبدالله الثاني خلال زيارته إلى أمريكا ولقائه مع ترامب، وكان واضحًا حينما سُئل عن الوضع في غزة، إذ قال إن "هناك خطة مصرية عربية سيتم عرضها على الإدارة الأمريكية من أجل إعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين"، مشيرًا إلى التراجع الذي ظهر مؤخرًا في الموقف الأمريكي إزاء هذه الخطة، وقول ترامب إنه سيكون فقط عارضًا وموصيًا على خططه ليس جابرًا لأحد عليها.
وأكد العيسوي لـ"الأنباط"، أن هذه القمة ربما تكون الأولى التي وضعت لها جدول أعمال محدد ونتائج محددة وهدف محدد لا يوجد خلاف عليه، مضيفًا أنه قد يكون لأول مرة داخل أروقة الجامعة العربية عدم وجود خلافات عربية إزاء قضية معينة، لأن الجميع متفق على أنه لا تهجير للشعب الفلسطيني من غزة، سواء من خلال تصريحاته المباشرة أو غير المباشرة، وربما أكدوا أيضًا أن القمة المصغرة الأخوية التشاورية التي عقدت بالرياض، يوم الجمعة الماضي، ورغم عدم خروج بيان يوضح تفاصيل هذه القمة إلا أن البيان الذي خرج من المملكة العربية السعودية كان واضحًا بأن القضية الفلسطينية ودعم القضية الفلسطينية كان أساس هذا اللقاء التشاوري.
وخلال القمة المصغرة كان الأمر جليًا وواضحًا بأن الدول الكبرى التي تستطيع أن تتحكم في القرار العربي قد ارتأت وتوافقت واتفقت، وأنه لا يوجد أي تباين في موقفها بأنه لا تهجير للشعب الفلسطيني، وبالتالي بين العيسوي بأن قمة قاهرة سيكون هذا هو محورها وستكون هذه هي نتائجها، وستلبي طموحات وآراء الشارع العربي الذي ينتفض من شماله لجنوبه وشرقه وغربه ضد فكرة التهجير، بحسب العيسوي.
وأشار إلى أن مصر والأردن استطاعتا بقيادتهما الحكيمة الرشيدة أن تضعا النقاط على الحروف، وأن يشكلا موقفًا عربيًا واضحًا ضد فكرة التهجير وضد خطة ترامب، وضد المخططات الإسرائيلية التي كانت هدف ما بعد 7 أكتوبر، وبالتالي القمة الطارئة واضحة المعالم والنتائج قبل أن تنعقد، وهي أنه لا تهجير للشعب الفلسطيني، وأن هناك خطة عربية مصرية واضحة المعالم بكل تفاصيلها وكل توقيتاتها ستعرض على ترامب، وستكون هي الناسف الحقيقي لمخططه التهجيري.
ويعتقد العيسوي أن ما ظهر من الموقف الأمريكي خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد أن هناك قبولًا للخطة العربية المصرية، وربما تكون هناك بعض العراقيل والانتقادات لهذه الخطة من جانب الإدارة الأمريكية أو الإسرائيلية، لكنها حتمًا ستنجح، لأن هذا هو الموقف العربي، وهذه هي القرارات التي ستخرج بها القمة، وستكون الخطة المصرية العربية محل التنفيذ ومحل القبول لا محالة من الإدارة الأمريكية، لأنه لا يوجد خطة أخرى.
واتفق المحلل الأمني والسياسي، محسن الشوبكي، مع سابقيه بأن القمة تأتي في ظروف صعبة، خاصة بعد ما طرحه ترامب من خطط تتعلق بمستقبل غزة، وأخطرها على الإطلاق عملية التهجير من غزة إلى الأردن ومصر، إذ تتلاقى هذه الخطة مع المواقف المتطرفة للحكومة الصهيونية التي قامت بإبادة الحياة في غزة تحت حجج واهية، كما عملت على احتلال غزة ومحاولة فرض واقع سياسي جديد يتعلق بمحاولات قبل إدارة ترامب لتهجير أبناء غزة.
وأوضح، لـ"الأنباط"، أن القمة العربية تواجه تحديات وملفات عديدة، أبرزها التأكيد على أهمية السلام وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، بالإضافة إلى رفض خطة ترامب المتضمنة تهجير أبناء غزة نحو الأردن ومصر، مبينًا أنه من المتوقع أن تقدم مصر مشروع إعادة إعمار غزة من دون تهجير سكانها، ويأتي هذا كرد عملي على خطة ترامب.
وفيما يتعلق بإدارة غزة، قال الشوبكي إن القمة ستدعو الفلسطينيين لتوحيد موقفهم بخصوص إدارة غزة، والبناء على الحوارات السابقة التي أشرفت عليها مصر بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وذلك لإيجاد واجهة فلسطينية قادرة على إدارة شؤون غزة، مستبعدًا أن يتم اتخاذ أي قرار بإدارة غزة من قبل أي دولة عربية، أو أن يتم اتخاذ قرار نيابة عن الفلسطينيين بشكل عام، مع التأكيد على أن الكيان الصهيوني يرفض أي خطط بخصوص إدارة غزة، من أن تكون بديلة عن استمرار سيطرته على غزة.
من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عمرو حسين، أن القمة العربية المقبلة استثنائية، وتأتي في ظروف تاريخية، خاصة القضية الفلسطينية المعرضة لمخططات التهجير والتصفية، والتي قوبلت بالرفض الرسمي من قبل مصر والأردن، في تكاتف مصري أردني أدى إلى دعم عربي كبير لموقف الدولتين، مشيرًا إلى الضغوط التي واجهت الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلا أن إرادتهما قوية جدًا، وجاءت في ظل دعم شعبي كبير لقيادة بلدهما لصد ذلك المخطط.
وأضاف حسين أن القمة العربية المصغرة في السعودية، كانت بمثابة اصطفاف عربي، ورسالة قوية تؤكد على وحدة الصف العربي في ظل ترتيبات تتم بين القادة العرب، حتى يتم الاتفاق بشكل نهائي من قبل كل الدول العربية على رفض التهجير ودعم حل الدولتين والاعتراف الدولي بدولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 1967، مؤكدًا أن الإصرار العربي والاتفاق حول الخطة المصرية لإعادة إعمارغزة، أدى بكل تأكيد على تراجع الرئيس ترامب في تصريحاته الأخيرة عن فرضه خطته لتهجير أهل غزة وهي الخطة التى قوبلت برفض كل دول العالم، بما في ذلك الدول الداعمة للكيان.