قمة الأخوة .. ذكاء سعودي بالهروب إلى الأمام

نبض البلد -
محور الاعتدال في الواجهة بعد انهيار محور الممانعة

حماس تتصرف بذكاء وسلمت القمة أوراق القوة وتخرج من الباب الكبير

وهذه أسباب عدم دعوة عباس للقمة الأخوية

مشروع إعمار غزة يقوم على ردم البحر وتوسعة القطاع ومساحة أمان على الشمال

الأنباط – عمر كلاب

هربت الشقيقة السعودية إلى الأمام, بإعلانها القمة السباعية لقاء أخوة, مما يعني أنها ليست رسمية بالمعنى الحرفي, وأن قراراتها ليست ملزمة لباقي الأطراف العربية, أو على الأقل ليست استباقًا لمخرجات قمة القاهرة الطارئة, التي يُنتظر منها تجسيد الإجماع العربي, على رفض التهجير والتطبيع المجاني, بانتظار تركيب اقدام لقرارات متوقعة, اعتاد العرب على بقائها داخل الأدراج, فجاء نحت مصطلح لقاء أخوة, لضبط مستوى التوقعات, على الحدود الدنيا, وإبعاد الإعلام قدر المستطاع, أو تكييف نقله للقمة بحدود الانضباط المعقول.
التسمية كانت دون شك ذكاء من القيادة السعودية, هكذا وصفها ديبلوماسي ليبي سابق للانباط, فهي لا تريد مزيدًا من الضغط الأمريكي عليها, تحديدًا بعد أن القى الرئيس الأمريكي الكرة في الملعب العربي, بتراجعه عن مشروعه بتهجير الغزيين, لعدم استجابة مصر والأردن لمشروعه, وإن كان التصريح الترامبي, بمثابة تبرئة للنظامين من موجة التشكيك التي قادرتها أصوات سياسية مربوطة بمرضعة خليجية, إلى أنها بالمقابل وضعت الكرة كما أسلفنا في الملعب العربي, فهو يقول, رفضتم ما عندنا, فأعطونا ما عندكم.
القمة جمعت أطياف محور الاعتدال العربي, هذا المحور الذي بات في الواجهة, على حد تعبير الدكتور موسى اشتيوي الذي تحدث للأنباط بوصفه الأكاديمي, وليس بمركزه السياسي, كرئيس للمجلس الاقتصادي والاجتماعي, فهو يرى أن محور الاعتدال قد بات هو المحور المواجه للسياسة الأمريكية, بعد تلاشي محور الممانعة, أو خروجه من دائرة التأثير, وهذا سيرفع الكلفة على المحور الذي اعتاد على البقاء في دائرة الصداقة مع واشنطن أو تنفيذ مشروعها السياسي, لكنه اليوم سيكون هو الممانع لهذا المشروع, وهذه خطوة جديدة على هذا المحور, بل يحتاج إلى نمط تفكير غير مألوف عند هذا المحور.
هذه المفارقة, يسترسل الدكتور حسن المومني, رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية, في شرحها باستفاضة, حيث يرى أن العبء على المحور ارتفع طرديًا, مع الهدنة واقتراب موعد الجولة الثانية من المفاوضات, حول اليوم التالي لقطاع غزة, وعلى المحور أن يلعب دور الممانعة للأفكار الترامبية التي تستهدف مدّ نتنياهو باوكسير الحياة, على حساب هذا المحور, الذي عليه أن يقوم بلعب دورين في آن واحد, دور الممانعة ودور الصديق, دون الحاق أي ضرر بأي دور.
الرسالة الأقوى التي أرسلتها القمة الأخوية, كانت باستثناء دعوة الطرف الفلسطيني, على غرار استثناء دعوة الطرف الأوكراني, في لقاء الرياض بين الولايات المتحدة وروسيا, أي أن طرف المعضلة ليس حاضرًا, وعليه الاستجابة فقط, وهذا ما أشار إليه بوضوح طرف فلسطيني رفض الإفصاح عن اسمه, فاليوم التالي لغزة, لن يكون بحضور حركة حماس أو السلطة الفلسطينية, بشكل علني على أفضل تقدير, وبالتالي ليس من واجب لحضورهما, وإن كان المصدر قد المح إلى ذكاء حركة حماس, التي أرسلت إشارات إيجابية للقمة, بأنها لن تكون طرفًا في تعطيل أي مشروع عربي, طالما التزم بالمشروع برفض التهجير وإعمار القطاع.
وزاد المصدر بأن حماس, طلبت إبقاء موظفيها على كادر الإدارة الجديدة, أو إحالتهم على التقاعد شريطة الالتزام برواتبهم التقاعدية, وأنها لن تكون جزءًا من اليوم التالي, وبذلك تكوم الحركة قد أحرجت السلطة الفلسطينية, التي نقل رجلها القوي رسالة معاكسة إلى القيادة السعودية, مفادها أن الرئيس عباس لن يلتقي أي فصيل فلسطيني معارض, وكان أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية, حسين الشيخ قد زار الرياض مؤخرًا, وتردد أنه ناقش بصراحة الوضع الفلسطيني وخيارات عباس مع مسؤولين بارزين في الجانب السعودي معتقدًا بأنه لن يندفع لإجراء مصالحة فلسطينية داخلية ما دام على قيد الحياة, لأنه يؤمن بأن فصائل المقاومة تآمرت عليه وأجهضت مشروعه وأضعفت السلطة, وهنا يقول المصدران حديث الشيخ له أثر في الغياب الفلسطيني.
القمة ناقشت ملامح الخطة المصرية, التي تروج مصادر بأنها شبه جاهزة, وتقوم على إدارة غزية مستقلة بالمعنى السياسي, عن حماس وفتح, وانها ستقوم بإعادة إعمار غزة وفق نظرية وضعها مطورون مصريون وإماراتيون, تعتمد استخدام الركام الغزي لتوسعة قطاع غزة عن طريق ردم البحر, لتعويض المساحة الزراعية التي ستكون بمثابة مساحة أمان أو حدود مكشوفة مع الجانب الإسرائيلي, شمال القطاع, وتلك نظرية ليست جديدة كما يقول الدكتور حسن المومني, فهي مطروحة منذ مدة طويلة, لكن يبدو أن الظرف الموضوعي قد نضج لتنفيذها.
القمة الأخوية في الرياض, وضعت الجميع أمام استحقاقاته ومسؤولياته, بانتظار يوم الرابع من آذار القادم, لوضع تصور كامل, قد يحمله طرف عربي إلى واشنطن, ومرشح لذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, الذي أجل زيارته لواشنطن, وسيكون هذا المقترح قابلًا للمواربة وشراء الوقت, كما هو المقترح السعودي من أجل ترتيب الوضع الفلسطيني والغزي حصريًا من حيث الإدارة والقيادة, وأيضًا من أجل ضبط إيقاع وخطوات أطراف خليجية, تستعجل العلاقة مع تل أبيب, وأخرى توارب على الحبلين, في ظل ثبات أردني مصري وسعودي, نافيًا المصدر,أن تكون القمة قد شهدت عتبًا مصريًا على الأردن, بخصوص تصريحات أردني عن انتظار الخطة المصرية, مؤكدًا المصدر أن مصر والأردن يسيران على خطى ثابتة من التنسيق الكامل.