لبنان في مواجهة الفوضى.. ضرورة تعزيز سيادة الدولة وردع الانتهاكات

نبض البلد -

صليبا: تصعيد حزب الله يهدد استقرار لبنان وسيادة الدولة

جبر: لبنان في مرحلة حساسة ويتطلب تعزيز سيادته بمواجهة التحديات

الأنباط - رزان السيد
 

محاولة لإشعال فتنة داخلية في الساحة اللبنانية، هكذا وصف خبراء الأحداث الأخيرة في العاصمة اللبنانية بيروت، مؤكدين أنها محاولة لضرب جهود توحيد الصف اللبناني.
الهجوم على قافلة "اليونيفيل" ليس حدثًا عفويًا، بحسب الخبراء، الذين أكدوا لـ"الأنباط" أنه جزء من تصعيد مدروس يقف خلفه حزب الله، الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار السياسي الناشئ بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
وكان موكب تابع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" تعرض لهجوم عنيف مساء الجمعة، على طريق مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وأسفر هذا الهجوم عن إصابة نائب قائد اليونيفيل المنتهية ولايته، الذي كان عائدًا إلى وطنه بعد انتهاء مهمته، بالإضافة إلى إضرام النيران في إحدى مركبات الموكب.
وسارعت السلطات اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات حاسمة، إذ أعلن وزير الداخلية اللبناني، أحمد الحجار، عن توقيف أكثر من 25 شخصًا على خلفية الهجوم، مؤكدًا أن التحقيقات جارية لتحديد الفاعلين الفعليين، كما شدد على أن التعديات وقطع الطرق غير مسموح بها تحت أي ظرف، وأصدر أوامر صارمة للجيش والقوى الأمنية للتشدد ميدانيًا وضمان الأمن وحماية المواطنين.
ودانت الأمم المتحدة بشدة الهجوم، واصفة إياه بـ"الجريمة"، وطالبت السلطات اللبنانية بإجراء تحقيق شامل وفوري وتقديم جميع الجناة إلى العدالة، كما دانت وزارة الخارجية الفرنسية الاعتداء، مؤكدة أنه "غير مقبول"، وأعربت عن دعمها لموقف السلطات اللبنانية في التعامل مع الاعتداء.
وتأتي هذه الأحداث في وقت حساس، حيث كانت تستعد لبنان لاستقبال طائرتين إيرانيتين تحملان ركابًا لبنانيين، بعد أن تم منع هبوط طائرة إيرانية في مطار بيروت، ما أثار غضب أنصار حزب الله.
وأوضحت عضو مجلس النواب اللبناني الدكتورة نجاة عون صليبا، أن الهجوم على قافلة "اليونيفيل” ليس حدثًا عفويًا، بل هو جزء من تصعيد مدروس يقف خلفه حزب الله، الذي يسعى إلى زعزعة الاستقرار السياسي الناشئ بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك من خلال تحريك الشارع والدفع بمناصريه إلى التظاهر ضد الحكومة، مشيرة بأن الحزب يحاول فرض أجندته السياسية وإظهار أنه لا يزال لاعبًا رئيسيًا قادرًا على توجيه الأحداث في لبنان.

وأكدت صليبا خلال حديثها لـ"الأنباط" أن الواقع اليوم مختلف، إذ أن حزب الله لم يعد يملك النفوذ المطلق الذي اعتاد عليه، ومثل هذه المحاولات لن تؤدي إلا إلى مزيد من العزلة له ولحلفائه.
وتابعت أن المجتمع اللبناني الذي عانى من سنوات من الأزمات الاقتصادية والانهيارات المتتالية، لم يعد مستعدًا للانجرار وراء معارك الحزب أو دفع ثمن أجنداته الإقليمية.
وبينت أن تطبيق القرار 1701 واحترام سيادة الدولة اللبنانية هما الطريق الوحيد لإعادة الأمن والاستقرار إلى الجنوب والبلاد عمومًا، إضافة إلى أن محاولات حزب الله لفرض نفسه عبر التهديد والتصعيد لن تجدي نفعًا، لأنه ببساطة لم يعد يملك القوة الكافية لتحدي مسار الدولة والمجتمع الدولي كما كان في الماضي.
وأشارت إلى أن المطلوب اليوم هو اتخاذ موقف موحّد من القوى السياسية لدعم الشرعية، وإنهاء أي محاولات لتعطيل مسار الدولة أو استخدام الشارع كورقة ضغط.
من جهتها، قالت أستاذة العلوم السياسية الدكتورة أريج جبر، إن القوات الأممية المتواجدة في المنطقة الحدودية، جاءت بموجب القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن رقم 1701، وذلك في أعقاب عام 2006 والأحداث والمواجهات الدامية التي وقعت ما بين حزب الله والكيان المحتل، لذلك تم تأسيس هذه القوة لضبط الحدود، وبمحاولة استعادة الأمن والسلام في المنطقة.
وأوضحت جبر خلال حديثها لـ"الأنباط"، أنه على إثر أحداث طوفان الأقصى كانت هناك حاجة واسعة لإعادة هذه القوات إلى ممارسة مهامها بذات الصورة وذات الطريقة لضبط الحدود ومحاولة منع اقتراب الكيان المحتل وقواته المسلحة من الجانب اللبناني أو انتهاك سيادة لبنان.
وتابعت أن هذه القوات وجهت عدة مرات، ووجهت لها عدة ضربات مختلفة في وقت سابق لهذا التاريخ وقبل تشكيل الحكومة، ومن تلك الاستهدافات كانت منها ما هو منظم وممنهج من قبل الكيان المحتل، وذلك بهدف ضرب القرارات الأممية بعرض الحائط، وفرض أمر واقع على جنوب لبنان، أيضًا للسماح للكيان المحتل بالاتساع والتموضع في الأراضي اللبنانية وعلى حساب الأراضي اللبنانية، وفقًا للرؤية التي كان يروها ما وراء الليطاني، على اعتبار أنها أراضي أو نقاط عازلة لحماية أمن الكائن.
وأشارت جبر إلى أن ما حدث هو استغلال لحالة الإرباك والفوضى في الساحة اللبنانية، وهذه الفوضى جاءت لعدة أسباب، ومنها منع الطائرة الإيرانية من أن تحط في مطار بيروت، لذلك كان أنصار حزب الله يتواجدون في الموقع، كما كان هناك معارضين لهم يتواجدون في الموقع نفسه، بالإضافة إلى وجود قوات إسرائيلية في ذلك المكان، مؤكدة بأنه لا يمكن أن نقول أن أنصار حزب الله هم منفذي الهجوم.
وبينت أن الرؤية اللبنانية الرسمية تشير إلى أن هناك 29 متورطًا قد تم إيقافهم على خلفية هذه الأحداث من أتباع حزب الله، مضيفة بأن الكيان المحتل سيغادر المنطقة الحدودية بموجب الإتفاق والهدنة التي عقدت ما بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
وأوضحت أن لبنان كان يشهد أحداثًا دامية ومأسوية نظرًا لحالة عدم الاستقرار الطائفي ولكثرة القوميات الموجودة فيه، مؤكدة بأنه يطلب الآن من الرئيس اللبناني جوزيف عون أن يقف بحزم، وأن يفرض سيادة لبنان ويحاول السيطرة على كل الأحداث التي تهدد أمن الدولة، كما أن يقوم بإعلان أسماء المتورطين والجهات التي يتبعون لها والأهداف التي وقفت خلفها.
وبينت أن لبنان إلى حد ما لم ينعم بالاستقرار المنشود حتى اللحظة، كما أن هناك هدوء نسبي ولكنه هدوء حذر لم يصل إلى مرحلة الاستقرار المنشود.
واختتمت جبر حديثتها بأن الهدف وراء هذه الأحداث هو خلق فتنة داخلية في الساحة اللبنانية، وذلك في محاولة لضرب أي جهود ترمي إلى توحيد الصف اللبناني، والتأكيد على أن لبنان يجب أن تبقى في حالة من عدم الإستقرار، لأن استقرار البنان يعني تهديد أمن الكيان المحتل.