الشاكر: التبرُّع بالأعضاء لايزال "دون المستوى المطلوب" وتراجع بشكلٍ كبير بعد كورونا
أبو سنينة: آخر حالة تبرُّع بالأعضاء جرت في الشهر الأوَّل من العام الماضي
الأنباط-كارمن أيمن
تُعتبر فكرة التبرع بالأعضاء ثقافة ليست بمنتشرة في مجتمعاتنا العربية وعلى وجه التحديد في المجتمع الأردني على الرغم من أهمّيّتها والدور الذي تتبنّاه لإنقاذ حياة الكثير من الأشخاص، و رُبَّما يعودُ السبب لتخوّفهم من عملية التبرُّع أو نظرًا لبعض المُعتقدات والإيدولوجية السائدة حول الأمر، حيث بدأت نسب المُتبرِّعين بالأعضاءبالتراجع بعدما كانت الأردن سبَّاقة في عمليات التبرُّع على اختلافها، وهذا يستدعي تكاثف جهود الجهات ذات العلاقة للتوعية بعمليات التبرُّع وبتقديم الدعم اللازم للمؤسسات الخاصّة ومعرفة الأسباب الكامنة وراء التراجع.
وفي السياق، أشار نائب الأمير رعد بن زيد رئيس جمعية التبرُّع بالأعضاء أحمد الشاكر أنَّ الأردن قطع شوطًا كبيرًا في زراعة الأعضاء، حيث أنَّه تمَّت زراعة ما يقارب 3 آلاف كلية وما يقارب 5 آلاف قرنية، وتكلَّلت نتائج عمليات الزراعة بالنّجاح.
وأضاف أنَّ إجمالي الموصين بالتبرُّع بالأعضاء بعد وفاتهم بلغ عددهم نحو 75 ألفًا، لافتًا إلى أنَّ التبرُّع بالأعضاء لايزال "دون المستوى المطلوب" وتراجع بشكلٍ كبير لاسيّما بعد جائحة كورونا، على الرغم من أنَّ الأردن دخل قبل سنوات عِدَّة موسوعة غينيس بعدد الموصين بالتَّبرُّع بالقرنيات مقارنة بالأرقام الصادرة من الولايات المُتَّحدة الأمريكية.
وبيَّن أنَّ كُلفة غسيل الكِلى التي تدفعها الحكومة لمصابي الفشل الكلوي تصل من 55 إلى 60 مليون دينار سنويًّا، موضِّحًا أنَّ زراعة الكلى في هذه الحالة لعددٍ من المرضى يوفِّر مليون دينارًا سنويًّا، وفضلًا عن ذلك فإنَّ الفرد يستطيع العيش بشكلٍ طبيعي، حيث أنَّ قانون التأمين الصّحّي أجاز منح أحد أفراد عائلة المُتبرِّع بالأعضاء تأمينًا صحّيًّا مجَّانيًا.
ونوَّه الشاكر على أنَّ المواطنين بحاجة إلى توعية أكثر فيما يتعلَّق بالتبرُّع بالأعضاء، إذ أنَّ الأعضاء التي تؤخذ من فرد حيّ إلى آخر حيّ تتمثَّل في الكِلى وجزء من الكبد، إذ أنَّه محصورٌ بين الأهل وللدرجةِ الخامسة من القُرب.
وتابع أنَّه في حالات الوفاة التّامة للأفراد الموصين بالتبرُّع بالأعضاء فإنَّه يتم أخذ القرنيات، وفي حالات الموت الدماغي يتم أخذ بقيّة الأعضاء كالكبد والقلب والكِلى والرئة، ويتمّ إجراء العمليات داخل المستشفيات بشكلٍ مجّاني مُتكفِّلَةً بها الحكومة الأردنيَّة.
وأوضح أنَّ الجمعية الأردنية لتشجيع التبرُّع بالأعضاء تسعى جاهدةً إلى زيادة الوعي وتحفيز عملية زراعة الأعضاء من خلال تعيين مندوبات للجمعية في معظم أنحاء المستشفيات لاسيَّما الحكومية منها، بالإضافة إلى ما دعا له وزير الصحَّة الهوّاري بانتداب موظَّف في كل مستشفى من المستشفيات الحكومية بالمحافظات الأخرى للتواصل مع أهالي المرضى المتوفين للتبرع بالأعضاء.
وأكَّد على متابعتهم مع وزارة الصّحة وإدارة الترخيص لوضع عبارة "البترُّع بالأعضاء" على البطاقة الشخصية وبطاقة التأمين الصّحّي لتسهيل العمليّة وتنشيطها من كافّة الوسائل، وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ الجمعية تتطلَّع لإنشاء مركز وطني لوجستي لزراعة الأعضاء ليضم كل الجهات المعنيّة بزراعة الأعضاء من مستشفيات وزارة الصّحة والخدمات الطبية والمستشفيات الجامعيّة والخاصّة.
ويأتي ذلك بالتعاون مع مجلس النواب والأعيان والحكومة ووزارة الصّحة، لتتحوَّل مديرية زراعة الأعضاء في وزارة الصّحّة لمركز وطني يحتوي على قائمة موحَّدة لمن هم بحاجة للأعضاء ولتسهيل عملية الحصول على الأعضاء لاسيَّما عندما يكون في مكانٍ بعيد.
ولفت إلى أنَّ الجمعية تجري اتِّصالات مع وزارة الأوقاف وشؤون المقدَّسات الإسلامية لتخصيص خطبة الجمعة عن جواز التبرُّع في الأعضاء، بالإضافة إلى التعاون مع جمعية "أصدقاء بنك العيون لإدخال ثقافة التبرُّع بالأعضاء ضمن المناهج المدرسية والجامعية، والتي يرأسها الأمير رعد.
وشدَّد على أنَّ الجمعية حصلت على فتوة شرعية من المُفتي العام للمملكة، إذ تُجيز التبرُّع بالقلب والقرنيتين والكليتين من أعضاء الإنسان للآخرين في حالة الوفاة وضمن شروط مُعيَّنة.
يُذكر أنّهَ في عام 1972 أُجريت أوَّل عملية زراعة عضو (كلية) ناجحة في الأردن وموثَّقة في العالم العربي، إذ كانت لعسكري أردني، وكان المتبرع من مدينة حيفا في فلسطين المُحتلَّة توفّي إثر حادث سير ويسكن في منطقة الأشرفية.
وبدوره، أوضح رئيس شعبة مرضى الفشل العضوي في وزارة الصّحّة رامي أبو سنينة أنَّ المديرية تُعنى في نشر ثقافة التبرُّع بالأعضاء سواءً كان من أحياء إلى أحياء أو من أفراد متوفّين دماغيًّا إلى الأحياء المُسجِّلين في قائمة الانتظار الوطنيّة في الدرجة الأولى.
وأكَّد على أنَّ الوفاة الدماغية "لا أمل من شفائها"، مشيرًا إلى عِظم أهمّيّة التبرُّع بالأعضاء، بحيث يكون الوريث الشرعي هو صاحب القرار، خاصّة أنَّ آخر حالة تبرُّع بالأعضاء جرت في الشهر الأوَّل من العام الماضي، وحالتين خلال عام 2021 وحالة خلال عام 2020.
وتابع أبو سنينة أنَّه على الرغم من وجود الكثير من حالات التبليغ عن الوفايات الدماغيَّة من قِبّل ضبَّاط الارتباط العاملين في جميع المستشفيات، إلَّا أنَّ المشكلة تكمن في قلِّة الوعي بأهميّة التبرُّع بهذه الأعضاء في المجتمع الأردني وتكاد تكون "ملغيّة".
ولفت إلى أنَّ عدد المُسجِّلين في قائمة الانتظار الوطنية والذين هم بحاجة لأعضاء بلغت نحو ما يقارب 450 شخصًا، على اختلاف احتياجاتهم من أعضاء الكلى والرئة والقلب والكبد ويتم تقسيمهم وِفقًا لفصيلة الدم ولتفاصيل حالة المريض وأولوياته.
وشدَّد على أنَّ مديرية التبرُّع بالأعضاء بحاجة إلى دعم من شتّى الجوانب، لاسيَّما بعد ما تقلَّصت صلاحياتها وعملها في عام 2021 وتحوُّلها إلى وحدة تابعة لإدارة الشؤون الفنّية للمستشفيات، إضافةً إلى ضرورة وجود تبنّي حكومي لنشر ثقافة التبرُّع في التلفاز ودور العبادة وفي وسائل الإعلام على اختلافها، نظرًا للتأثير الذي تحدثه لمساعدة الأفراد على تقبُّل فكرة التبرُّع بالأعضاء أكثرَ من السابق.