نفرح بالإنجاز ...

نبض البلد -
إبراهيم أبو حويله


نعم الآمال كبيرة والتطلعات أكبر ، وما يراه المواطن هو ما يفقده في الحقيقة ، وهذا من جهة حق للمواطن، ومن جهة أخرى هو ظلم للحقيقة .

وبين الأمال الكبيرة والواقع مسافة هي مسافة الحلم ، ولم يكن الحلم في يوم من الأيام محرما ، ولكن الآمال لا تتحقق بالإحلام ، ولعمري لو كان الحلم هو باب النجاح ما وجدت على الأرض فاشلا .

لا بد مع الأمل والحلم من العمل ، وبدون عمل ستضيع جرة السمن المعلقة في الفراغ بعصا ذلك الحالم ، ولذلك عندما ننظر بعين العدل والقسط إلى ما مضى من سنوات مرت على هذا الوطن الحبيب على قلوبنا جميعا ، نجد أشياء كثيرة تستحق الإشادة والتكريم والنظر بعين الرضا ، وربما نحتاج في هذه الفترة إلى النظر بعين الرضا إلى هذه الإنجازات بعيدا عن تلك السلبيات ، التي نؤشر عليها دائما والتي نصدع بها دائما ، فهناك موطن لكل شيء ، واحيانا لا يصح بأن نجمع بين الإثنين .

إن الإستقرار الذي ينعم به الأردن في هذه البقعة الملتهبة لهو من نعم الله علينا ، وهذا الإستقرار توليه مؤسسة العرش أهمية بالغة ، فهي تحرص على تأمين كافة الإحتياجات والمتطلبات التي يحتاجها ، وتستطيع المرأة أن تتأخر في عملها وتصل بيتها دون أن تخشى شيئا ، وتسعى المؤسسة الأمنية إلى التعامل مع كل التحديات من تهريب المخدرات على الحدود الملتهبة ، إلى حفظ المال الخاص والعام والأمن المجتمعي .

والخدمات الأساسية تصل إلى جميع مناطق الوطن الرئيسية تقريبا ، وننعم بالماء الكهرباء والصحة والتعليم والمواصلات والإتصالات في كل بقاع الوطن تقريبا .

وهذه التقريبا نعلم جميعا إذا أردنا الإنصاف حجمها ، وهنا تحضرني تلك القصص المختلفة التي نسمعها من هنا وهناك ، في محيطنا عندما تصبح هذه الخدمات الأساسية من الأحلام .

ومن جهة أخرى ترتفع مستويات التعليم المدرسي لتشمل جميع أبناء الوطن تقريبا ، والتعليم الجامعي متاح وهناك جامعات تضاهي الجامعات العالمية ، وما قصة تفوق الجامعة الأردنية مؤخرا إلى مستوى قياسي على التصنيف العالمي ببعيدة عن جامعاتنا المتميزة ، وهناك تخصصات متاحة بتنوع كبير .

وهناك بيئة تنافسية وهناك العديد من المشاريع الناجحة الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، وهناك فرص وهناك أسواق ، هناك بيئة تسمح لك بأن تفتح مشروعا وتحاول ، نعم هناك تحديات وهناك إخفاقات وهذا الحال الجميع وليس هنا فقط ، فليس التوفيق حليف الكل نعم .

والحياة السياسة متاحة وسقف الحريات والتعبير مرتفع جدا ، والنقد البناء الهادف ليس له سقف ، وهذه حقيقة يستطيع الكل أن يلمسها ، نعم في المقابل هناك جهاز أمني قوي ومحترف ويتعامل بمهنية عالية مع كل التحديات التي تواجه الوطن ، نعم قد يكون للحس الأمني أحيانا إعتبارات مرتفعة ، ولكن النتيجة تستحق ، فنحن ننعم جيمعا بنعمة لا تقدر بثمن ، وقد كان هناك محاولات عديدة تسعى إلى ضرب هذه النعمة الأمنية ، سواء من خلال العبث ببعض الأدمغة بفكر متطرف يصل إلى اقصى اليسار من جهة ، وإلى اقصى اليمين من جهة أخرى ، وهو بعيد كل البعد عن روح الانسانية المتسامحة في المذاهب الفكرية ، ولا يمس من الجهة الأخرى روح الإسلام المتسامحة التي تسعى للعدل والمحبة والتعايش ، وتفتح روح الإسلام الباب كبيرا للتصويب والعمل والأنتقاد بمهنية .

ومع كل ذلك لم يغلق الباب لا على جماعات اليسار المعتدلة ، ولا على الجماعات الإسلامية المعتدلة .

طريق البناء طويل وما تم انجازه يستحق أن نحافظ عليه بأرواحنا ، فليس هناك تعسف في إستخدام السلطة ، ولدينا مؤسسة قضاء مشهود لها بالنزاهة ، حتى وهي تتعامل مع من يسعى لهدم الوطن ومؤسساته ، ويظن أنه بهدم هذه المؤسسات وهذا الوطن يحقق شيئا .

ولا يدري أنه لا ولن يحقق إلا الخراب والقتل والدماء ، وما شهدناه ولمسناه من المناطق المحيطة بنا لهو خير شاهد على ذلك ، بل حتى المجتمعات الغربية التي فقدت هيبة الدولة ومؤسساتها ، دخلت في بحر من الدماء ولم تعرف الإستقرار إلا بعد أن قضى مئات الألاف من الأبرياء ، وأقرأ أن شئت ما فعلت الثورة الفرنسية ، وما فعل جيرانهم الأنجليز ، وأختم بما حدث في الحرب الأهلية في أمريكا .

لا ولن تكون طريق الهدم في يوم طريق بناء في المجتمعات التي تتصف بقدر من العدالة والإتزان والتسامح ، بل على العكس سيفتح ذلك طريقا لتلك الأنفس التي فيها مرض ، لتحاول العبث بكل شيء من الحقوق إلى الأموال إلى السياسة إلى العائلة وحتى حياة الفرد وكرامة المرأة والإنسان .

ولذلك لا بد من أن نقف معا وجميعا ضد من تسول له نفسه العبث بهذه المقدرات ، ليفتح المجال لكل من في نفسه هوى ومرض ، وعندها لن يكون إلا ما رأيناه بأعيننا ، واذكر هنا ذلك القول الذي قاله من أصابته الفتنة ، كيف أصبح ذلك الجار الودود الذي كنّا نتبادل التهاني والهديا والزيارات في المناسبات ، هو نفسه ذلك العدو الذي يحمل سلاحه ويقتل الجميع .

ننعم بوطن ونعيش فيه بتسامح وحب وعمل ، وينقصنا أن نعلم أنفسنا وأبناءنا وكل من حولنا ، أن الحب والعمل وبناء الإنسان العادل المتعلم العامل هو الطريق لبناء الوطن ، وليس أي طريق أخر .

شكرا مؤسسة العرش ، شكرا صاحب الجلالة عبدالله الثاني وكل عام وأنتم بألف خير في يوبيلك الفضي ، ونشد على يدك لتكمل المسيرة التي بدأها أجدادك قبل مئات السنين ، وأن تبقى هذه الواحة الهاشمية دار عدل ومحبة وسلام .