نبض البلد - طالما حيرني تاريخ الجيران من ابناء العمومة ودوما انقب في ثنايا هذا التاريخ الملتبس لاجد تفسيرات لجنون قياداتهم، وتهويماتهم التي تخلط عن سذاجة او عن قصد (بين تدين الدولة اليهودية، واوربتها او امركتها) وهي بضاعة فاسدة مفسدة على اي حال..
امس رجعت انقب في التاريخ الدموي الذي اصطبغت فيه (الصهيونية بالنازية الهتلرية) وهل تأثر احد منهما بالاخر!؟.. ورجعت في المراجعة الى قصص ثلاث بغية التنبوء او استظهار ما يريده (نتنياهو) من معركة الابادة الكلية لقطاع غزة !؟
القصة الاولى (سيف جدعون)
مسلسل صهيوني اعد بضراوة فائقة عقب (عملية ميونخ) التي ادتها حركة فتح وراح فيها زمرة من (اللعيبة الاسرائيليين) في الالعاب الاولمبية عام ١٩٧٣م اهم رسالة فيه ما قالته غولدامئير، رئيسة الوزراء وهي تودع رجالات الموساد الذين اخذوا على عاتقهم واجب قتل من تورط في ذبح ابناء اسرائيل، قالت لهم الرئيسة التي كانت على علاقة صداقة حميمة مع فلسطيني عاشق (عودوا من مهمتكم سالمين، ابعدوا الخطر عن دولتكم بقتل اعدائكم دون رحمة)!!
(من دون رحمة).. هذه وصية الوصايا التي صفنت فيها طويلا..! فهذا المجتمع الوليد في ظروف طارئة مثل معسكر طوارئ خلقته اوروبا على عجل خجلا وغسلا لعار (الهولوكوست) التي اقترفته اوروبا من دون حياء تحت شعار (معاداة السامية) رغم ان القصة اعقد من ذلك
هذا الكيان، المعسكر القلق المذبوح بازرداء نازي قبيح وبتخل اوروبي معيب والذي انشئ على اسطورة (الحق الديني) قد مزق مجتمعا قوامه مليون انسان لديهم حليب اطفالهم ومزارعهم ومساكنهم، وحتى مسارحهم وكلياتهم، كيف سيتمكن هذا المعسكر من خلق ثقافة العيش الطبيعي!؟
ذلك سؤال اودى بـ غولدا قول ما قالته اقتلوهم من غير رحمة.
لعل المعسكر الذي انتصب في فلسطين فجأة، وكاد ان ينال من الاردن لولا (حكمة عبدالله الملك الفذ) الذي ادرك عمق المأساة مبكرا دون غيره في ذلك الزمان الصعب.. أن هذا المعسكر قد عانى في نشأته الأولى محاولة التخلص من عقد تاريخية ثلاث وجد نفسه يكرسها بحمق قادته المتطرفين!
الاولى.. كيف يتحول (الغيتو) كمعنى إلى (وطن) كمبنى !!!
لقد عانى اليهود من فكرة الانعزال في كل تاريخهم الشفوي الملتبس من مشكلة الانفتاح على الاخر فصنعوا الـ (غيتو) الحرم اليهودي المخبوء وسط غابة من الظلام والسرية والانغلاق.. وعلى حين فجأة تحول هذا الغيتو بقدرة من اوروبا الاستعلائية الاستعمارية، إلى مجتمع ووطن ودولة..
كان ذلك اول مأزق الكيان الوليد البغيض ولقد ظل مفهوم الغيتو هو السائد حتى اللحظة التي يعربد فيها ابناء هذا الكيان في سماء غزة، يصنعون بحرا من دم لا حاجة لهم به كي يتأكدوا من وجودهم..
متى يأتي قائد او مجموعة قادرة في ذلك الكيان المنشأ بافتعال محزن من اغلاق باب الغيتو والشروع باخلاص لادراك معاني الدولة والجيران والتخلص من عقدة اسبارطة؟! في العلاقة مع الجيران..
لقد أكد يوم السابع من اكتوبر، في نواباه ونتائجه ان ألف حصان سيخترق طروادة الحصينة ما لم يتم القبول بالرضا.. ثمة قانونان في حياة البشرية قانون التقاضي ! وقانون التراضي !
ان الصهيونية المتدينة الحمقاء (بن غفير وسموتريتس) ستخسر قضيتها بالقانونين (التقاضي والتراضي) وكلما امعن الكيان بالنزوع صوب مفهوم الغيتو فان الـ (السابع من اكتوبر) في انتظارهم بل واشد وانكى.. ما لم يرض اهل الحق التاريخيين بقبول هذا المعسكر الكيان
بالتراضي وان يرتاح الفلسطيني ويأمن فإن كيان الصهيونية سيظل نمرا من ورق!!
القصة الثانية (الهولوكوست)
قصة مجموعة بشرية تعرضت للذبح الجائر بصرف النظر على أن أمة العرب لا دخل لها بذاك الفعل مثل ما وقع مع كثير من الأمم والناس في العالم، وكانت النتائج مأساوية أكثر وأكبر من مأساة اليهود. لكن اليهود لم يستطيعوا تجاوز عقدة الذبح النازي لافاق الحياة الجديدة!!
السوفيات مثلا خسروا في الحرب (٢٥ مليون شخص) والغجر تم ذبحهم بنصل نازي قبيح كذلك الالمان انفسهم قد دفعوا ثمنا باهظا جدا من عمارتهم وحضارتهم وكرامتهم الانسانية، لكن كل تلك الامم الراقية قد لاذت بالحياة والأمل وانحازت لفكرة ارنيست رينان (اسقاط الاشياء والذكريات القبيحة من ذاكرتها)
لقد انحاز السوفيات الى مسرح الـ (بول شوي) وابدعوا وطارت تيريشكوفا وغاغارين الى الفضاء لصناعة معجزة غزوة لصالح الانسان كذلك فعل الالمان وتحدوا الصعب واستردوا عزهم بالتسامح والعمل وراح الغجر يرقصون في باحات اوروبا لتنسى مأساتها في الحروب إلا اليهود الصهاينة وقفوا موقف المنحاز للمأساة وكأنهم خلقوا لها ينظرون الى كل اخر بتربص مهين ولا يثقون بأي أحد مهما كان وفيا لفكرة القبول بهم
لقد صنعوا في الثنائي ابو عمار وابو مازن ما لم يصنعه انسان بانسان اخر! ولقد دقوا ناقوس الخطر في المنطقة كلها لعدم تقبلهم لانهم ليسوا اوفياء إلا لفكرة الرعب من إعادة الهولوكوست!!
الهولوكوست بضاعة لا تحتاج دولة اسرائيل الانطلاق منها كتعريف لهويتها ولانسانيتها وان استمر هاجس (Neveragain) فإنه سيتكرر في حياتهم كثيرا
إن تجربة غزة عليهم ان يحدقوا بها كثيرا وبنتائجها اكثر وصناعة الانطباع ليست فهلوة اعلامية يؤديها (الراقص الفاشل نتنياهو) الانطباع السيء جدا في نتائجه على الكيان اليهودي ما لم يتقدم حكماء وعقلاء لردمه جراء محرقة غزة ستكون له نتائج وخيمة على مشروع الدولة اليهودية تفوق في كارثيتها الهولوكوست ذاته
القصة الثالثة (التجارة بالمال واخلاق الحرب)
لم يعرف عن ابناء العمومة الثقلاء في جيرتهم انهم ابناء حرب وفروسية او قتال وما قصة (عقدة مسعدة) في تاريخهم سوى صورة انتحارية تعكس معنى اليأس اكثر مما تصور روح الفرسان القتالية.. وما عرف عن اليهود في التاريخ ذلك الدهاء الشايلوكي في الحرص على الحقوق او الابداع في الموسيقى (موزارت) او في فنون الغناء والطب والرسم وذلك يسجل لهم لا عليهم لكنهم لا يتوفرون في تاريخهم على اخلاق تعصمهم في المواجهات الكبرى من اقتراف الحرام واللجوء الى القتل الجماعي والاستزلام على المدنيين العزل
ومحاولة تجنب حروب المواجهة فصنعوا من الطائرة واقتنائهم لها حصنهم وملاذهم
ليس لدى اليهود ثقافة المواجهات الكبرى بل انني اكاد الزعم ان لجوءهم دوما الى الاعتقالات الجماعية التي ترهب المواطنين العزل ما هي إلا عقدة نقص يحاكي فيها المغلوب الغالب
كانت النازية اول من اصطنع المعسكرات الجماعية واحتجاز الابرياء في ثلج اوروبا القارس من اليهود خاصة!!
ليس بين يدي اليهود اي ثقافة او اخلاق للفرسان ومزاعمهم ان جيشهم مدجج بالاخلاق تفضح ذلك الزعم الوقائع فهو اكثر جيش في الكون ملاحقة للاطفال منذ مذبحة الاطفال الاولى في انتفاضة سنة ١٩٨٧م وهو أكثر جيوش العالم ممارسة لهدم المنازل للخصوم
لم يتبق جيش يفعل هذا سواهم وهم اقبح من يعتقلون اعتقالات جماعية وهم ايضا يلجؤن إلى حكايا غير انسانية بدءا من الاستيلاء على ارض الغير حتى التجويع المقصود للنساء والاطفال
هذه هي اكاديميتهم العسكرية لقد كرس (شارون) معنى المذبحة الجماعية كمقصد عسكري اريد به الارهاب في مهيمات وادعة حين جز اعناق ما يزيد عن الثلاثة آلاف رقبة بريئة
ان من يريد ان يعرف حجم النفاق الصهيوني عليه ان يتوقف على القرار الوزاري اليهودي والمحكمة التي قضت في مذابح صبرا وشاتيلا سنة ١٩٨٢ م المنكوبة (لا يحق لشارون ان يتقلد منصب وزير الدفاع، ويجوز له ان يكون رئيسا للوزراء) كان نتنياهو يطلق عليه وصف (الدب) حين كان مع نتنياهو وزيرا للبنى التحتية عام ١٩٩٧م.. كان هذا الدب بعقده التاريخية قد كرر جرائمه بجنون غير مسبوق في الضفة الغربية في الانتفاضة الثانية سنة ٢٠٠٠م وكما اخطأ ياسر عرفات بانحيازه لـ حماس ومعسكر الانتفاضة كما استغل ذلك (الدب الصهيوني) ذاك يذبح من جديد ويجعل من (جنين) صبرا وشاتيلا اكثر دموية
لقد اهدى العرب كأمة للبشرية كلها مصطلحين (المجاهد) و(الفتح).. لقد كانت هذه الفلسفة وراء هذه التسمية، من حال دون وقوع اية مذبحة عرقية اقترفها العرب في عصرهم الامبراطوري على عكس كل الامم التي مارس (جندها المحترفون) الذبح والقتل من مذبحة الارمن لليهود لـ غزة لـ حي القصبة، كلها مجازر يعرق لها الجبين الانساني
والان وبعد كل الذي جرى في غزة اوليس هذا اليهودي بقادر على ان يرى! مصلحته كلها اضحت موضع سؤال، كأن التبجح لدى نتنياهو قد بلغ درجة المساومة للحليف الرديء المنحاز (ادارة امريكا) اما ان تضرب ايران والا سادمرها انا
تخيل هذا النمر من ورق دولة مثل ايران عقيدتها ملتبسة وجغرافيتها بعيدة واقتصادها من حصار الى حصار واستسلمت تحت ضغط العراق وحده هذه الدولة بمليشيات او تنظيمات تحالفت معها في غزة وفي اليمن وفي العراق وسوريا ولبنان قد ادمت روح الارهابي البشع نتنياهو واخرجته من عالم الحلم والغطرسة الى واقع الذل والتخبط…
أمة العرب كلها لم تكن معنية في هذا الصراع!!
سؤال.. إلى كل دهاقنة الصهيونية العالمية في اسرائيل وخارجها ماذا لو حاربكم العرب..!؟
الستم بحاجة إلى مراجعة تعيد لكم أملا ضاع في البقاء؟!
لا تضحكوا على انفسكم، حتى لو مسحتم غزة والقيتم بها في البحر وانتم غير قادرين بالطبع على ذلك فإن الهزيمة قد حلت بكم حين عدتم (محمية او مشيخة يقودها نتنياهو وعصابة المجانين) احتجتم إلى زيارة بايدن وقواته لكي تحميكم السابع من اكتوبر اما ان تكون لديكم شهادة منشأ لفكر جديد تحتاجونه وإما انها شهادة هزيمة مدوية لم تستيقظوا بعد من تبعاتها