نبض البلد - بقلم: عبير المصري / لبنان
شعرت وكأنني أستمع لصوت الراوئي وأنا أقرأ ما كتب في روايته "كويت بغداد عمّان".
إن أسلوب الروائي في الكتابة يشبه أسلوبه في الحديث في نقاشات نادي قاف للكتاب. رجل مثقف، لديه دفق غزير من المعلومات يجتاح دواخله لا تتسّع لها الصفحات ولا الوقت. دقيق الملاحظة في مراقبة التفاصيل وفي سردها، كما يحللها بعمق وذكاء وجرأة وصدق.
في بعض الأحيان، صرت أتساءل لماذا لم يصيبني الملل؟! ولماذا أمسك بالرواية كما لو أني اصطدت دفتر مذكرات سرّي لأحد الأصدقاء؟ لذلك لم أتمالك فضولي من عدم فتحه، وقراءة محتوياته، بغض النظر عن أهمية أخباره بالنسبة لتفاصيل حياتي الشخصية.
هكذا كان الحماس الذي قرأت به الرواية. لن أتنازل عن معرفة معلومات وُجدت في دفتر خاص وأنا حصلت عليه خلسة!!
إن استعمال الروائي للأمثال والأغاني والذكريات والأقاويل والحقائق الدقيقة والمفصّلة، وتحاليله الخاصة للأحداث جعلت هذه الرواية في خانة السهل الممتنع بأسلوب سردي جذاب ومتكامل.
كما كان وصف الأحداث نابع من قلب موجوع فاتشحت الكلمات بالأحاسيس رغم عدم وضوح ذلك بسهولة، وهذا أشدّ ما يجذب في روايةٍ ما. شعرت أيضا بأن الروائي يكتب بعفوية كل ما يخطر على باله، وطبعا بإحترافية تامة، وموضوعية مجرّدة، وكأننا جلسنا في جلسة عائلية وعبّرنا فيها عن دواخلنا وأفكارنا فيما بيننا.
كانت "كويت بغداد عمّان " قصة تحمل وجعاً ومتعةً معاً، فاستطاعت أن تجذب القارئ وأن تأسره حتى نهايتها.
كانت رواية عميقة وخفيفة الظلّ في آنٍ واحد. أمتعتنا وجذبتنا أكثر مما أرهقتنا رغم كثرة التفاصيل المذكورة فيها.