نبض البلد - د. حازم قشوع
وسط استقبال دافئ غير مسبوق فى تاريخ العلاقات الأمريكية السورية، إستقبل الرئيس احمد الشرع فى البيت الأبيض من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذى راح بدوره يشيد بمناقبه ويثني على ما حققه من انجازات ويرفع عنه وعن سوريا كل أشكال الحظر، بما فى ذلك تجميد قانون قيصر الذى كان يضع سوريا على "القطعة الخضراء" التى تتجمد فيها الأصول وتستنزف فيها المواد وتحصر من خلال حركة الاقتصاد، وهذا ما جعل من سوريا ينقلب مثلثها الاقتصادي والمالي ليكون فى المقلوب قاعدته إلى أعلى وزاويته إلى أسفل لينقلب بها الحال من دولة غير مدانة ماليا للبنك الدولي، كونها قادرة على النمو الذاتي إلى دولة تحمل مديونية ثقيلة جعلت من قاعدتها المالية تكون الى أعلى وزاويتها الاقتصادية تحفر في خاصرة الدولة والمجتمع معا الى الأسفل، نتيجة ما ألم بسوريا من أعباء ثقال بعد دخول ايران لبيت قرارها الامني ودخول روسيا الاتحادية فى جيبها العسكري وتداعي الأنظمة الإرهابية لجغرافيتها السياسية كما يصف ذلك متابعين، وهذا ما هدد وحدة سوريا الجغرافية والديموغرافية كما عمل على تهديد مباشر للأمن الإقليمي والسلام الدولي.
ولعل زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تأتي من أجل طي صفحة وفتح صفحة جديدة من عمر سوريا السياسية، وهذا ما جعلها توصف بالزيارة التاريخية كونها تحمل فاصلة تاريخية لأنها تقوم للانتقال بسوريا من المعسكر الشرقي حيث روسيا التي زارها الرئيس الشرع إلى المعسكر الغربي حيث واشنطن ودول الناتو الذي مركزه الاردن في المنطقة.
وبهذا الاحتواء للناتو لسوريا تكون واشنطن قد حققت أربعة ركائز رئيسية لها في المنطقة، حيث تتمثل الأولى بإخراج سوريا من الحاضنة الشرقية إلى الحاضرة الغربية، وتتمثل الثانية بقطع خط الإمداد الواصل بين إيران وحزب الله، كما تتمثل الثالثة بحصر إيران بحدود جغرافيتها السياسية، وأما الرابعة فإنها ستجعل من سوريا عضوا عاملا وفاعلا فى بيت القرار الأمني للمنطقة التي يعمل ضمن وسائل ومسارات العمل الأمريكية، وهذا ما يجعلها تدخل بدور موجب في المنظومة العربية، وهو ما سعى الأردن لتعزيز قوامه منذ عودة الشرعية الأهلية للشعب السورى بقيادة الرئيس الشرع.
وبهذا الاحتواء الأمريكي لسوريا الذى يعقب انهاء ملف قطاع غزة بالطريقه السلميه عبر خطة ترامب للوصاية، تكون الولايات المتحدة ومعها دول الناتو قد أنهت ملفات مهمة بالمنطقة عبر تقليم اظافر دول المحور تمهيدا للخطوه القادمه التى ستكون موجه تجاه إيران بعد انقطاع قنوات التواصل الموصلة دبلوماسيا بين ايران وواشنطن، التي تسعى لوقف برنامج التخصيب النووي الإيراني كما تستهدف اعادة تأهيل ايران لتكون كما سوريا تسبح بذات الفضاء الغربي ليكون الجميع يحمل ذات السمة المقبولة بإطار دائرة سنتكوم الأمنية، قاطعة بذلك خطوط الإمداد والتمدد عن الصين لتقوم بحصرها فى إطار فضاءاتها الإقليمية.
وهذا ما جعل من زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض تحمل هذا الزخم من العناية وتحظي بهذا الاهتمام الرسمي والشعبي من قبل الجالية السورية بواشنطن، لكون ذلك سيجعل من سوريا لأول مرة ومنذ استقلالها تسبح بالفضاء الغربي الأمر الذي سينعكس على الحاله الامنيه والافتصاديه والمعيشيه للسوريين، وهو ما يأتي وسط ترحيب عربي ودولي كبير لكن ذلك بذات السياق ينذر أن المنطقة ستكون امام تصعيد جديد عنوانه القادم ايران حيث فضاءات المنتظر.
ان الاردن الذي قام بشكل متواصل على مدار الأزمة السورية بالعمل من أجل الحفاظ أولا على وحدة سوريا بالجغرافيا السياسية، والعمل على حفظ أمن المنطقة من واجهتها الشمالية والعمل للمحافظة على سلامة الشعب السوري عبر فتح أبوابه للأشقاء السوريين والعمل لوقف تصدير الأسلحة والمخدرات عبر حدوده مع العمق العربي، والعمل من أجل عودة سوريا إلى حاضنتها العربية فان الاردن سيبقى يعمل من أجل دعم حركة الاعمار في سوريا بالوقوف معها لتعود سوريا الى مكانه مجدها، وهذا ما يمكن توصيل قنواته الواصلة إقليميا عبر "مشروع جر مياه الفرات لسد الوحدة" الذي أجده مقترح مهم كونه يحقق للجانبين الاردني المياه والسوري الكهرباء، ليكون هذا المشروع احد المشاريع الواصلة بين البلدين التى تربط سوريا والاردن و تأصلها بالعلاقة التاريخية التي تقوم عليها الأردن و فحوى رسالته تجاه الهلال الخصيب الذي يحمل سمة وعنوان رسالة الهاشميين للأمة.