الأنشطة الصفية.. أداة تربوية أم عبء مادي على الأسر؟

نبض البلد -

زريقات: الأنشطة تعزز المهارات والقيم لكنها تفقد قيمتها حين تتحول لاستعراض

بني سلمان: التعلم بالأنشطة يكمل البناء الأكاديمي ويعزز الثقة بالنفس

الأنباط – شذى حتاملة

تُعدّ الفعاليات والأنشطة الصفية التي تنفذها المؤسسات التعليمية جزءًا محوريًا من العملية التربوية، إذ تسهم بشكل فعّال في تنمية شخصية الطلبة وصقل مهاراتهم وبناء قدراتهم القيادية. غير أن هذه الأنشطة، التي يُفترض أن تكون مساحة للإبداع والتعبير، قد تتحول أحيانًا إلى عبء ثقيل على كاهل الأسر، خصوصًا عندما تُرفق بمتطلبات مادية مبالغ فيها أو حتى "تعجيزية” تفوق قدرة الكثير من العائلات.

 

هذا الواقع أثار تساؤلات في الأوساط التربوية حول جدوى تلك الفعاليات، ومدى تحقيقها فعليًا للأهداف التعليمية المنشودة، أم أنها باتت أقرب إلى مظاهر شكلية تفقد معناها التربوي الحقيقي.

 

 

 

ركيزة أساسية

 

المستشارة التربوية ومديرة إدارة التعليم الخاص السابقة الدكتورة ريما زريقات أكدت أن الأنشطة اللاصفية تُعد ركيزة أساسية في بناء شخصية الطالب، إذ تساعده على اكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين التي تستهدفها منظومة التعليم الحديثة، وتنسجم مع مؤشرات المدرسة الفاعلة العشرين.

 

وأضافت أن الفعاليات المدرسية، بمختلف أشكالها، تُعتبر أداة فاعلة في تنمية روح الفريق والعمل الجماعي، وتعزيز الحس بالمسؤولية والانتماء الوطني، كما تُرسّخ القيم وتربط التعلم بالحياة الواقعية.

 

وأوضحت زريقات أن هذه الأنشطة تكسر حاجز الخوف والخجل لدى الطلبة، وتتيح لهم إبراز مواهبهم وقدراتهم الأدائية المتنوعة، فضلًا عن تنمية الذكاءات المتعددة لديهم.

 

إلا أنها نبهت إلى أن بعض الفعاليات في مؤسسات تعليمية معينة قد تفقد قيمتها التربوية عندما تتحول إلى استعراض شكلي أو متطلب إجباري، خاصة إذا كانت تتطلب تكاليف مالية عالية تقع على عاتق الطلبة وذويهم.

 

واستذكرت مثالًا على ذلك قائلة إن "الكثير من الفعاليات، مثل المؤتمرات المدرسية، تنتهي دون تنفيذ توصياتها أو متابعتها بجدية، فتتحول إلى جسد بلا روح، رغم ما تتكبده المدارس من تكاليف مرتفعة في ظل ظروفها المالية الصعبة”.

 

ودعت زريقات المؤسسات التربوية إلى تنظيم فعاليات هادفة تستثمر الموارد المتاحة بفعالية، وتعزز التواصل مع المجتمع المحلي وأولياء الأمور، من خلال الشراكات المهنية بين المدارس والمؤسسات المختلفة، بما يسهم في تحقيق نتائج تربوية ملموسة دون إرهاق مادي.

 

 

 

تطبيق المعرفة عمليا

 

من جانبها، أكدت المعلمة إيمان بني سلمان أن الأنشطة الصفية واللامنهجية تشكل جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية، إذ تتيح للطلبة تطبيق المعرفة عمليًا، وتُسهم في صقل مهاراتهم القيادية وتنمية روح العمل الجماعي، بما يعزز الشخصية ويقوي الثقة بالنفس.

 

وأوضحت أن هذه الأنشطة تمثل أداة تربوية فعالة تحقق أهدافًا عميقة كالمسؤولية الاجتماعية والانضباط من خلال وسائل ترفيهية جذابة، معتبرة أن "الترفيه هنا ليس هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لجعل التعلم أكثر رسوخًا وتأثيرًا”.

 

وبيّنت بني سلمان أن إدارات المدارس تضع الإطار العام والتعليمات المنظمة للفعاليات، بما ينسجم مع فلسفة وزارة التربية والتعليم، خصوصًا في المناسبات الوطنية والرسمية، مشيرة إلى أن هذا الإطار يمنح المعلمين حرية تصميم أنشطة تناسب قدرات الطلبة واهتماماتهم.

 

وأضافت أن تنفيذ الأنشطة لا يتطلب تمويلًا كبيرًا بالضرورة، إذ يمكن إنجاز فعاليات مؤثرة بموارد بسيطة، مثل مشاريع إعادة التدوير أو تنظيم مسابقات داخل المدرسة.

 

أما في حال الحاجة إلى خدمات خارجية أو مواد مكلفة، فتتم تغطية النفقات من ميزانية المدرسة أو من خلال الشراكات المجتمعية، لتبقى العملية التعليمية متوازنة بين القيمة التربوية والاعتبارات المادية.