تتواصل الإجراءات التعسفية التي تمارسها سلطات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإن اختلفت أشكالها ومواقع ارتكابها، لكنها تصب في خدمة المشروع الاستعماري الاحلالي الذي يسعى للسيطرة على الأرض بعد تفريغها من سكانها الأصليين تمهيدا لإقامة البؤر والتجمعات الاستيطانية لتصبح أمرا واقعا في أية تسوية مستقبلية.
قرارت الاستيلاء ووضع اليد لم تتوقف في الضفة، بشكل يضرب بعرض الحائط كل القرارات والمعاهدات الدولية، لم تحترم "إسرائيل" أي شرعية على هذا الكوكب، وتمارس ما تشاء متجاهلة كل المواقف الرافضة والمنددة محليا وعربيا ودوليا، مدعومة بالتأييد المطلق من الإدارة الأميركية التي تسعى لنسف الحقوق الفلسطينية المشروعة وتكريس الاحتلال.
في محافظة قلقيلية توالت القرارات الاستيطانية، فلم يمض شهر على قرار تمديد وضع اليد على 2975 دونما من المحافظة، ليتبعه قرار الاستيلاء وتجريف نحو 27 دونما تتبع لقرية كفر لاقف شرق المدينة، ثم آخر يقضي بالاستيلاءعلى عشرات الدونمات الزراعية في المحافظة. وبموجب قرارات الاستيلاء والسيطرة أصبحت عشرات المشاتل الزراعية الواقعة جنوب المدينة وتحديدا خلف جدار الفصل العنصري رهينة للاحتلال بعد صدور قرار يهدف لتوسعة الشارع الاستيطاني رقم "55"، قرب مستوطنة "الفي منشيه"، ما يهدد قطاع الاشتال الزراعية بالمحافظة.
وفي هذا الاتجاه، قال نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة وزراعة قلقيلية كمال السبع، إن قلقيلية تنتج 80% من الأشتال الزراعية في فلسطين، فهي تنتج نحو 10 ملايين شتلة سنويا، من 53 مشتلا. وتابع: إن 50% من الانتاج يسوق في الضفة، و40% في أراضي 1948، و10% يصدر للخارج، ويحاول المزارعون تذليل عقبات التسويق والشروط التعجيزية التي يضعها الاحتلال للتصدير، إلى جانب فرض الضرائب الباهظة، الأمر الذي بات يهدد مصادر دخل عشرات العائلات التي تعتمد في معيشتها على العمل في المشاتل.
ظهرت مهنة انتاج الأشتال في قلقيلية في ثلاثينات القرن المنصرم، واقتصرت على انتاج أشتال الخضراوات والحمضيات، والجوافة، ثم تطورت الى انتاج مختلف أنواع الأشجار المثمرة، ثم الى أشتال الزينة، حسب المتحدث باسم أصحاب المشاتل في قلقيلية حسن شقيرو. وقال: نعمل حاليا على دعم مختبر لزراعة الأنسجة النباتية في المدينة، من شأنه انتاج نباتات بأعداد هائلة بوقت قياسي، ذات جودة عالية وخالية من الأمراض، وتستطيع أن تتأقلم مع البيئة، لتعزيز قطاع الاشتال وازدهاره.
وأشار مدير عام مديرية زراعة قلقيلية أحمد عيد إلى أن المشاتل الزراعية تقام على مساحة أرض تتراوح ما (1000-1500) دونم، معظمها تقع خلف جدار الضم والتوسع منذ عام 2000، وتوفر (250-300) فرصة عمل . وتطرق إلى معاناة المزارعين في الحصول على المياه بسبب تحكم الجانب الإسرائيلي في مصادرها، والمعاناة الحقيقية في الحصول على التصاريح اللازمة للوصول إلى المشاتل الواقعة خلف الجدار.
وتابع: إلى جانب تأثر قطاع الأشتال، سيتأثر القطاع المائي بالمحافظة، فالمخطط بالاضافة الى سلبه اراضي زراعية، سينسف بئرا ارتوازية، وسيشتكي المزارعون خلف الجدار حينها من عدم وفرة المياه، ليس فقط لمشاتلهم وانما لمحاصيلهم الزراعية، وستتولد هنا مشكلة عصية في الحصول على المياه، وربما يعزف المزارعون عن أراضيهم ويهجرون زراعتها، وهو ما يخدم أطماع الاحتلال في السيطرة على الأرض ونهبها .
وتمثل قلقيلة قطاعا زراعيا ومائيا غنيا، فهي تحتوي على 72 بئرا ارتوازية، محفورة منذ عام 1967، 10 منها متوقفة عن العمل بفعل اجراءات الاحتلال الذي يرفض تشغيلها ويمنع صيانتها، فيما تقع 12 خلف الجدار، ويمنع الاحتلال وصول الكهرباء اليها، ما يضطر المواطنون الى تشغيلها باستخدام الديزل.