الانباط - وكالات
لا يكاد يمر حدث على الساحة الفلسطينية إلا ويبادر طلبة جامعة بير زيت بردود فعل مختلفة، فبعد الإعلان عن استشهاد الأسير بسام السايح الأسبوع الماضي سُجلت لهم وقفة وطنية بدعوتهم للقوى والفصائل بالتوجه إلى نقاط التماس مع الاحتلال لإظهار الغضب الشعبي على استشهاده.
ولا تخلو مسيرة أو اعتصام من وجودهم ولا حتى ساحة مجلس الطلبة من الوقفات الاحتجاجية ضد الاعتقالات وهدم المنازل وتهويد الأراضي وغيرها من السياسات الإسرائيلية.
وبينما يعتبر كثيرون أن موقع الجامعة الجغرافي إلى الشمال من مدينة رام الله يلعب دورا في سهولة التأثير على رأي الشارع من خلال التواجد في قلب الضفة المحتلة، يرى آخرون أن الحركة الطلابية في بير زيت صنعت لها صرحا ضخما من المواقف بحيث تصدّرت المشهد على مدار عقود عدة لأسباب مختلفة ربما أبرزها تاريخ الجامعة النضالي والتعددية السياسية فيها.
ونتيجة لذلك، يرى مراقبون، أن الاحتلال يعتبر الجامعة مصنعا للوعي المقاوم فيستهدفها عبر سياسات، أبرزها قرارات إبعاد لبعض الطلبة عنها واعتقالات في صفوفهم واقتحام للحرم الجامعي، ولعل مشهد اختطاف المستعربين لرئيس مجلس الطلبة عمر الكسواني من أمام مبنى المجلس في أيار 2018 لم يُمح بعد من عقول الكثيرين؛ في مشهد أثار الرأي العام الفلسطيني والدولي وأعاد تركيز الأنظار نحو بير زيت.
ويعتبر الطالب في الجامعة والناشط عبد الرحمن علوي، أن الحركة الطلابية تمتاز بنسيج وطني متماسك يؤهلها لأن تحمل الكثير من القضايا الوطنية وتتصدر بها المشهد. ويقول الجامعة كانت على مدار عقود منارةً للعمل الوطني الطلابي وكان طلبتها لا يتوانون عن دعم ثوابت القضية الفلسطينية سواء عبر الإضراب أو المسيرات أو الاعتصامات.
ويبين أن اسبابا أنتجت هذه الحالة، أبرزها تاريخ الجامعة النضالي الذي يمتاز بوجود شخصيات ما زالت فاعلة، كما قدمت شهداء كانت لهم بصمات واضحة في القضية الفلسطينية مثل المهندس يحيى عياش والدكتور كمال ناصر وصالح التلاحمة وصائب ذهب وغيرهم، وهذا أمدّ الحركة الطلابية بالدعم المعنوي اللازم لإكمال المسيرة بل شعرت بوجوب الاستمرار في هذا المستوى من الأداء.
ويعزو تميز طلبة بير زيت عن غيرهم إلى التعددية السياسية فيها والتي تعكس فهما صحيحاً للتنافس الإيجابي، لافتا إلى أن إدارة الجامعة وأساتذتها يلعبون دورا كبيرا وهاما في دعم هذا التوجه. ويشير إلى أن دور الطالبات كذلك مميز في بير زيت، كما أن الاحتلال استهدف بالاعتقال العديد من طالبات الجامعة كانت آخرهن ميس أبو غوش وسماح جرادات.
أحداث عديدة مفصلية وهامة صنعها طلبة جامعة بير زيت أدت إلى تميز الحركة الطلابية عن غيرها؛ ففي عام 2000 اشتُهرت حادثة رشق رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك "ليونيل جوسبان" بالحجارة داخل حرم الجامعة خلال زيارتها بسبب وصفه للمقاومة بالإرهاب، وتعرضت الجامعة لإغلاق طويل خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وما زالت الانتخابات فيها تحظى كل عام بمتابعة من الكل الفلسطيني.
بدورها، ترى الأكاديمية في الجامعة والناشطة رولا أبو دحو، أنه على الصعيد التاريخي اعتبرت بير زيت من أوائل الجامعات التي التحق بها الطلبة في الضفة وكانوا على التصاق دائم بالقضايا الوطنية بسبب تزامن الانتفاضات والهبّات الشعبية، كما تأثرت من قرار الاحتلال بإغلاقها في ثمانينيات القرن الماضي في محاولة لتخفيف النشاط الشعبي المقاوم.
وتضيف:" بير زيت تعتبر تجمعا للقوى والنشاطات السياسية التي تميز الجامعة، كما أن إدارتها وأساتذتها كانوا دائما جنبا إلى جنب مع طلبتهم في تصدر المشهد الوطني".
وتشير أن كل هذه الظروف كوّنت حركة نشيطة للحركة الطلابية بقي أثرها موجودا إلى اليوم، حيث يتصدر طلبة الجامعة المشهد والذين لم يسمحوا للانقسام الفلسطيني بالتأثير على أجوائها.