القدس المحتلة-وكالات
إسماعيل عبادية، سائق شاحنة وأب لخمسة أطفال، لم ينجح في وقف ذرف الدموع عندما وقف أمام أنقاض بيته في الطرف الغربي لحي وادي الحمص في صور باهر. لقد دمروا حلمي وحياتي ، وأضاف: كل ما كان لي وديون لعدة سنوات استثمرتها في هذا البيت. أسكن مع والدي في شقة مكونة من غرفتين، وطوال حياتي سعيت إلى أن يكون لي بيت خاص. في 2015 بدأت ببناء البيت واعتقدت أن الحلم آخذ في التحقق. فجأة، قبل سنتين، قالوا لي إن البناء محظور، عندما كنت قد أنهيت كل شيء. أخرجونا بالقوة من البيت ورمونا في الشارع. والآن أقف أمام بيت مهدم تماماً. أشعر أنني ضائع ولا أعرف ماذا أفعل
بعد يوم على قيام قوات الشرطة والجيش بهدم 70 شقة في حي وادي الحمص شرقي القدس، يذكر الحي بمنطقة حرب تعرضت لقصف المدفعية. عدد من المباني هدم تماماً. وعدد آخر هدم بشكل جزئي وغبار الإسمنت المهدم تناثر في كل الاتجاهات. في أرجاء الحي شاهد السكان ما يجري بعيون مفتوحة ووجوه هزيلة. إذا كان سكان حي وادي الحمص، الأحد الماضي، حاولوا الحفاظ على روتين الحياة رغم الصعوبات التي يخلقها جدار الفصل الذي يفصل بين بيوت الحي، فإنهم بعد عملية الهدم غاضبون ومحبطون
قرب البيت المهدم لعبادية ثمة أنقاض مبنى مكون من ثمانية طوابق تم تفجيره. يعود المبنى إلى ملكية إدريس أبو طير الذي كان يمكن أن تعيش فيه أربعون عائلة. عندما فجروا المبنى شعرت أن قلبي تفجر في صدري ، قال أبو طير للصحيفة، وهو يشاهد الدمار من بقالته القريبة. الأمر يتعلق بمشروع سكني لعائلات العمال العاديين، الذين يدفعون الأجور كي يكون لهم مأوى. الآن كل شيء تحطم إلى شظايا. أقع بين المطرقة والسندان، من جهة أنا مدين لهؤلاء الأشخاص بالمال، ومن جهة أخرى ليس لدي ما أفعله، وكل شيء مدمر
أبو طير وعبايدة وسكان آخرون في الحي يرفضون بشدة الادعاء الذي يقف من وراء هدم 13 مبنى في الحي، الذي يقول إن هناك اعتبارات أمنية تقف وراء عملية الهدم. هذا ادعاء مدحوض ولا أساس له ، قال أبو طير، خلال المحكمة التي تجري، اقترحنا بناء جدار من الإسمنت بارتفاع 7 أمتار على طول الشارع المحاذي للجدار؛ لإثبات أنه لا توجد أي ذريعة للمس بالأمن . وحسب قوله، تبين في نهاية المطاف أنه لا يوجد عدل في المحكمة العليا، والعدل فيها يلائم نفسه مع جهاز الأمن والجيش. والهدف هو الهدم والضغط على السكان من أجل المغادرة
مثل سكان كثيرين آخرين، يعتقد أبو طير أن هدم البيوت عبارة عن نظام معاقبة واستخدام ضغط. شرحوا أن في الحي عشرات المباني التي لم تهدم رغم أنها محاذية لجدار الفصل، وبنيت قبل عقدين، وربما أكثر. أي أمن يحصلون عليه بهدم كهذا؟ سأل علاء عميرة، عامل بناء وأب لستة أطفال، هدم بيته بشكل جزئي. هم لا يعرفون أن كل طفل هدم بيته سيتخذ من الفاعل عدواً. أتفهم أي غضب وإحباط في أوساط الناس هنا؟
وقال إنه يعيش مع والديه، وخلال سنين كثيرة وفّر من أجل بناء بيت لعائلته. مثل الجميع، توجهت إلى وزارة الحكم المحلي الفلسطيني واستخرجت كل المصادقات والتراخيص، وبدأت البناء قبل سنتين. وحتى الآن لم أنجح باستكمال البناء؛ لأنه لم يبق مال لدي. والآن هم يدمرون كل شيء، لكنهم لن يكسرونا حتى في خيمة.. سأعيش على أرضي
عدد من أصحاب الشقق التي هدمت التقوا أمس ممثلي مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في المناطق اوتشا . اثنان منهم، هما علي حمادة وجعفر أبو حامد، كانت بيوتهم في مراحل البناء المتقدمة. هذه ضربة لا يمكن النهوض منها ، قال جعفر الذي بدأ ببناء بيته في 2015. الادعاء بأن البيت يقع قرب الجدار ادعاء مضحك ، قال أبو حامد، هناك بيوت كثيرة قريبة أكثر من بيتي، ولكن كل ما يفعلونه هو لإثبات أن هنا قوة عليا تفعل كل ما تريد. شاهدنا ضحك الجنود والضباط في الميدان وكأنهم حققوا نصراً باهراً في ساحة المعركة
لقد وقفت قرب البيت المدمر عندما جاء ضابط كبير إلى المنطقة وأثنى على الجنود ، قال أبو حامد، أحدهم قال له بابتسامة: احضر لنا المزيد من البيوت. أهذا هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم؟ . وأضاف: تشعر بأنهم مسرورون جداً بالهدم. وهذا كطعنة في القلب
اللقاء مع ممثلي الأمم المتحدة جرى في مكتب رئيس المجلس حمادة حمادة. ولكن، حسب قوله، لا توجد أي ضمانة بأنهم لن يهدموا أي منازل أخرى. هناك 11 مبنى آخر، سواء أكان الحديث عن مبان سكنية أم تجارية، لقد بتنا نخشى مما سيحدث في المستقبل ، قال حمادة، وفي حالة البيوت التي هدمت، فعلنا كل شيء من الناحية القانونية والشعبية والإعلامية من أجل منع عملية الهدم، لكن لم يتغير شيء. جاء إلى هنا في الأشهر الأخيرة سفراء وقناصل ومراسلون أجانب، وكانت شكاوى من السلطات الفلسطينية للمنظمات الدولية، ولكن كل ذلك لم يوقف جرافات الاحتلال
غالب أبو وهدان رافق المراسلين إلى المكان الذي كان يوجد فيه مبنى بناه قبل أربع سنوات كي يسكن فيه مع أولاده. كان المبنى يتكون من طابقين وأربع وحدات سكنية. أكثر من مليون شيكل استثمرتُ هنا كي يكون لي بيت. أعيش في مخيم شعفاط للاجئين، وأردت الخروج من هناك، وأبني بيتاً أسكنه مع أبنائي وأحفادي فيما بقي لي من الحياة. الآن الجميع يقولون إنهم إلى جانبي ويؤيدونني. ولا أعرف ماذا يعني هذا بالفعل. لأننا بقينا من دون شيء والعالم يصمت .