د. ضيف الله الحديثات
لا شك ان حالة من القلق، كانت تسود الغرف المغلقة في الدولة الأردنية، قبيل شهر رمضان المبارك، خوفا من تكرار المشهد الذي حصل في رمضان الماضي، والذي تمخض عنه إطاحة الشارع في الحكومة،كما وراهنت بعض الصالونات السياسية وواضعي العصي بالدواليب، بان حكومة الرزاز لا تختلف عن سابقتها، وانها ستواجه المصير نفسه.
وها هو الشهر الفضيل غادرنا بسلام، ونحن اكثر لحمة وطمأنينة، لا بل شعر المواطن ان اهتمامحكومة دولة عمر الرزاز به إجرائي وعملي، فالرجل استبق رمضان وكان اكثر حصافة ونظافة وجلد ومثابرة، وان الطائرة التي تحدث عنها غير مرة هبطت على الأرض الأردنية بسلام، فالإجراءات التي اتبعها، خففت من حالة الاحتقان التي كانت بعض الحكومات السابقة تمعن بخلقها .
التوجيهات الحكومية، لشركات الكهرباء والمياه، بعدم فصل خدماتها عن المواطنين خلال رمضان، والطلب من البنوك تأجيل دفع القسط خلال الشهر الفضيل، دون ان يترتب عليه كلف مالية، وقيامها بتخفيض أسعار اغلب السلع الغذائية، في المؤسستين المدنية والعسكرية، وتكثيف الرقابة على الأسواق وجودة السلع والخدمات، ووضع سقوف سعرية لبعضها، ولم تحمل المواطن أعباء جديدة من خلال رفع الضرائب،كل هذا كان لها اطيب الاثر
اما ايجابية وبشاشة الدكتور الرزاز، وسعة صدره التي لم تغب أبدا، وتجلت في اللقاءات والحوارات، التي كان يجريها خلال جولاته الميدانية، برهنت على انه من امهر السياسيين الأردنيين، حيث استطاع كسب الخصوم، وتقريب وجهات النظر، وتطويع بعض الأفكار، وامتصاص ردات الفعل المتسرعة على حكومته، وهذا أكثر ما تجلى خلال لقائه مع قادة الحراك، والذي بث مباشرة من خلال وسائل التواصل، حيث جعل الشارع يعيد تقييم اغلبهم ، وانطبق عليه المثل "ناعم الرجال يأكل خشنها".
اما تعديلاته الأخيرة على حكومته، كانت إضافة نوعية لا ينكرها الا جاحد لا يرى النور، فإعادة الوزير العتيق سلامة حماد لوزارة الداخلية، أكدت على الجدية، في ضبط الأمن والسلم، وعدم التهاون في التعدي او التجاوز على حقوق المواطنين، وتعيين الخبير الاقتصادي الدكتور محمد العسعس وزيرا للتخطيط ووزيرا للاقتصاد، لم يقل أهمية عن رجل الميدان نضال البطانية، الذي عين وزيرا للعمل حيث تفوق في حواره مع المتعطلين عن العمل ابان توليه رئاسة ديوان الخدمة المدنية، هنا لا بد من الاعتراف ان التعديل هو إضافة دماء جديدة وانسجام أكثر بين الفريق الوزاري يصب في النهاية في خدمة المصلحة العامة.
قدر الأردن ان تعرض للعديد من المحن والأزمات, منذ 1948 الى 1967و1970 وحرب الخليج الاولى والثانية, لكنه كان يخرج كل مرة قويا ً رغم كل الصعوبات والأزمات الاقتصادية، واليوم رغم اننا في ادق المراحل التاريخية، التي تمر بها الدولة نجد ان الحكومة الرزازية استوعبت توجيهات جلالة الملك جيدا، وشرعت بترجمتها على ارض الواقع.
وبفضل المولى عز وجل علينا، وثبات وعزيمة جلالة الملك عبد الله الثاني، والشعب الوفي، وإدراك الحكومة لدورها المحوري، سيتمكن الأردن من الوقوف بقوة وشموخ في وجه العواصف والأعاصير، فلا خوف علينا من رمضان او شوال او صفقة القرن سيئة الذكر، ما دامت القلوب تنبض حبا ووفاء لوطننا الغالي .
ففي ظل ما تقدم، نقول بوركت السواعد التي تعمر وتعلي البنيان، وهنيئا للوطن والقائد برجال أمثالكم دولة الرئيس، وفريقكم الوزاري بان نذرتم انفسكم لخدمة المواطنين، دون منة من احد او طمع مادي او معنوي، فجازاكم الله عنا خير الجزاء .