حسين الجغبير
الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إلى دائرة الاراضي وتحذيره من التقصير في خدمة المواطن المراجع لمثل هذه الدائرة وغيرها من الدوائر، تؤكد على أهمية تحفيز الموظفين الذين يؤدون واجباتهم تجاه المواطنين ومؤسساتهم على أكمل وجه، رغم إدراك الرزاز وكل الأردنيين أن موظفين بالدولة لن يتحولوا إلى ملائكة في مكاتبهم.
لم يعط رواد المواقع الإلكترونية لهذه الزيارة أهمية، بل تسابقوا إلى انتقادها باعتبارها ضربا من الخيال وشعارات ترفعها الحكومة من أجل كسب ود المواطنين ومحاولة منها لإرسال رسالة طمأنينة بأن احترامهم وانسانيتهم لدى مراجعتهم الدوائر الحكومية أمر لا مجاملة به.
لهؤلاء ما يبرر قولهم، وإن كانوا في حقيقة الأمر ينظرون إلى النصف الفارغ من الكأس، إذ إن لمثل هذه الزيارات والتصريحات أهمية بالغة في دفع عجلة العمل ، تحت عنوان الانجاز والاخلاص ، لأنه عندما يطلق رئيس الحكومة تنبيهات يجب في دول المؤسسات أن تؤخذ على محمل الجد ، لكن المطلوب في هذا المقام أن تعكس الحكومة جديتها والتزامها بذلك.
ويتأتى ذلك من خلال المتابعة المستمرة لكل الدوائر، ومن هنا جاءت فكرة المتسوق الخفي، والذي ستديره شركة خاصة تقول الحكومة أنها مختصة منذ سنوات في العمل بهذا المجال بحرفية، حيث تقوم الفكرة على أن يزور موظفو هذه الشركة بالتنسيق مع الحكومة الدوائر الرسمية كمواطنين، وكتابة تقرير مفصل يتضمن تقييما حول أداء الموظفين فيها.
لنكن متفائلين، ونعطي الحكومة الفرصة لاثبات جديتها في متابعة شؤون المواطنين الذي يعانون كثيرا لدى مراجعة الدوائر الرسمية ، حيث البيروقراطية ، ومزاجية الموظفين، بل إن هناك فئة قليلة جدا قد تذهب إلى ابتزاز الناس من أجل اجبارهم على دفع مبالغ مالية لتسهيل اجراءاتهم.
التسرع في انتقاد زيارة الرزاز وتصريحاته لا يخضع للمنطق، وعلى العكس يجب دعم فكرة استمرار هذه الزيارات التي تستهدف الوزارات والمؤسسات ومعاقبة الموظفين المقصرين وتكريم المميزين، لأن الاستمرار بالفكرة يعني أن تحول وأن يحدث في سلوك هؤلاء وبالتالي زيادة جودة الخدمة المقدمة التي يريدها المواطن.
جلالة الملك قدوة الجميع في العمل الميداني، لإدراكه الواسع بأن الاشتباك مع الناس يساهم إلى حد كبير في فهم مشكلاتهم وبالتالي العمل على حلها، ففي مثل هذه الزيارة فرصة لأن يوصل المواطنين أصواتهم، ويقدمون شرحا وافيا بشأن الصعوبات التي تواجههم، واقتراحاتهم لحلها.
مثل هذه الزيارات يجب أن لا تتوقف، فلا يمكن لأي مسؤول كان أن يحيط علما بكل تفاصيل الحياة العملية وهو جالس خلف أريكته بالمكتب، يحتسي القهوة ويشرب الشاي، فترك الأمور على غاربها هو من أوصلنا إلى ما نحن عليه من استهتار في معاملات المواطنين. فلا نستعجل الحكم على الرزاز بهذا الاتجاه ولنتمتع ببذرة تفاؤل.
ومتابعة شؤون المواطن