نبض البلد - وكالات
تسريبات وتقارير يومية تزدحم بها وسائل اعلام عربية وعبرية واجنبية حول سيناريوهات لـما يسمى بـ"صفقة القرن"، والتي قد تكشف عنها الولايات المتحدة في يونيو/ حزيران المقب، وفقا لتصريحات مسؤولين امريكيين.
وفيما تظهر غالبية سيناريوهات التسريبات المتداولة تظهر انحيازا أمريكيا للاحتلال، واستبعادا لحل الدولتين التي طرحتها المبادرة العربية للسلام وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فان بعضها تتماشى مع الإجراءات الإسرائيلية والسياسات الأمريكية الأخيرة، بحسب سياسي فلسطيني.
ولعل من أبرز تلك السيناريوهات ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في 15 الجاري، وقالت "الخطة من المحتمل أن تُسقط ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة، ونقلت عن مصادر إن الرئيس الأمريكي، يعد فيها بـ"تحسينات عملية" لحياة الفلسطينيين.
وشددت على أن تعليقات من جاريد كوشنر، مستشار ترامب، ومسؤولين آخرين، تفيد بأن الخطة تلغي إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة.
وتحدثت عن ان كوشنر ومسؤولين آخرين ربطوا بين السلام والتنمية الاقتصادية والاعتراف العربي ب"إسرائيل"، وقبول نسخة تحاكي الوضع الراهن بشأن "الحكم الذاتي" الفلسطيني".
ويتوافق ذلك الطرح مع ما ذكرته صحيفة القدس الفلسطينية، في فبراير/ شباط الماضي، نقلا عن مصادر في واشنطن، من أن الخطة لا تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية.وتقوم على منح قطاع غزة حكما ذاتيا يرتبط بعلاقات سياسية مع سلطة حكم ذاتي في مناطق بالضفة الغربية.
ومن بنود الصفقة، إزالة معظم الحواجز الإسرائيلية، بما يضمن حرية حركة الفلسطينيين والحرية التجارية في المناطق الفلسطينية، ولكن المسؤولية الأمنية ستبقى بيد إسرائيل.
وبالنسبة للمستوطنات في الضفة، "الكتل الكبرى" ستُضم إلى إسرائيل، والمستوطنات خارج الكتل الكبرى ستبقى أيضا تحت السيطرة الإسرائيلية لكن دون توسيعها، أما الباقي ويضم النقاط الاستيطانية العشوائية، وسيتم تفكيكها.
ولا تشمل الخطة تبادل أراضٍ، بل دفع تعويضات سخية للفلسطينيين، الذين يمكنهم إثبات ملكيتهم لتلك الأراضي، بحسب التسريبات.
وتعتبر الخطة أن عدد اللاجئين الفلسطينيين (ملايين اللاجئين) يتراوح بين 30 ألفا و60 ألفا فقط، وسيعاد توطينهم بمناطق الحكم الذاتي الفلسطينية إن أرادوا ذلك، وسيُشكَّل صندوق لتعويض أحفاد من أجبروا على مغادرة قراهم وبلداتهم ومدنهم خلال حرب 1948، دون تصنيفهم كلاجئين. كما تركز الخطة على محفزات اقتصادية، وتشمل بناء ميناء في غزة، وتواصل بين غزة والضفة.
في يناير/ كانون ثاني الماضي، قالت القناة الـ13 الإسرائيلية، نقلا عن مسؤول إسرائيلي، إن الخطة تنص على إقامة دولة فلسطينية على 90 في المئة من أراضي الضفة، وأن "إسرائيل" ستحتفظ بالقدس الغربية وأجزاء من الشرقية.
وستمنح الخطة الفلسطينيين حق إقامة عاصمة لهم في القدس، والسيطرة على معظم الأحياء العربية في الشطر الشرقي المحتل، مما يعني أن "إسرائيل قد تحتفظ بكافة المناطق التي تضم المسجد الأقصى.
سيناريو آخر تحدث عنه موقع "ميديل إيست آي” البريطاني، نهاية 2017، نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي. وذكر الموقع أن الخطة تتضمن إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها غزة والمنطقتين "أ” و”ب” وأجزاء من "ج” بالضفة. كما تشمل توفير الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة الفلسطينية وبنيتها التحتية.
بينما سيتم تأجيل ملفي وضع القدس وعودة اللاجئين إلى مفاوضات لاحقة، بحسب الدبلوماسي. وتتضمن محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل ودول عربية، بقيادة السعودية.
أعلن كوشنر، في 17 الجاري، أن واشنطن ستكشف عن الخطة، بعد شهر رمضان، أي بداية يونيو/ حزيران. وأضاف كوشنر، أن الخطة تتطلب تنازلات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، و"لن تعرض أمن إسرائيل للخطر".
من بين كل تلك التسريبات وغيرها، يعتقد خبيران فلسطينيان أن سيناريو إسقاط حل الدولتين ومنح الفلسطينيين حكما ذاتيا في غزة وأجزاء من الضفة هو الأكثر تماشيا مع ما يجري على الأرض.
وأفادا بأن "إسرائيل" وسعت استيطانها بالضفة، واعترفت واشنطن، بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقلتها سفارتها إليها.
ويرى الكاتب السياسي الفلسطيني فايز أبو شمالة، إن "صفقة القرن تعتمد على ما هو قائم، والذي رسمه الاحتلال على مدار سنوات بالضفة وغزة والقدس". وتابع: "التصور الأكثر واقعية لصفقة القرن هو الاعتراف بالمنطقة (ج) تحت السيادة الإسرائيلية، ومنح الفلسطينيين ما يشبه الحكم الذاتي في المناطقتين (أ) و(ب)، مع سيطرة أمنية إسرائيلية بتلك المناطق.
واضاف، "إسرائيل تعتبر القدس بشقيها الشرقي والغربي موحدة وعاصمة لها، وهي أيضا وجهة النظر الأمريكية في صفقة القرن".
ورأى أن "قضية اللاجئين محسومة بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة، وهو رفض عودتهم إلى مناطق عام 1948، وإعادة عدد قليل منهم في حال رغبوا، إلى أراضي الحكم الذاتي الفلسطينية والعمل على توطين البقية".
ف"السلطة الفلسطينية لن تتمكن من اتخاذ أي خطوات عملية لمواجهة الصفقة بسبب النفوذ الإسرائيلي القوي، وعدم وجود موقف عربي قوي مساند لها".
فيما رجح الخبير إبراهيم المدهون، أن "الخطة الأمريكية لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وستنص على حكم ذاتي محدود بالضفة مع استمرار حصار غزة، والعمل على بقاء الانقسام الفلسطيني".
وأردف: "حتى اللحظة لا توجد مضامين متماسكة للصفقة، وأعتقد أنها لم تكتمل بعد، لذلك لم يتم الإعلان عنها، رغم أن الحديث حولها بدأ عام 2016".
وتوقع أن "جميع الأطراف الفلسطينية سترفض الصفقة، وسيتوافق ذلك مع موقف معظم الدول العربية".
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، إن "أية خطة أو مقترح أو صفقة لا تبنى على أساس حل الدولتين، مصيرها الفشل ومزابل التاريخ، وسيتم رفضها جملة وتفصيلا فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وأوروبيا ودوليا".
وشددت على أن الخطة تستهدف تقويض أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، والقدس الشرقية عاصمة لها. ووصفت الخطة بأنها "محاولات لتجميل المشروع الاستعماري وتمكينه، والانقلاب على قرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي".