نبض البلد - د.محمد الرشايدة
لقد شهدت المناطق الفلسطينية ولا سيما الضفة الغربية منها منذ عشرات السنوات، تصاعدا مستمرا في الاستيطان، وهو بالذات لم يكن مجرد حدث فردي أو ظاهرة تذهب وتزول بل ما يزال ظاهرة عالمية ممنهجة منذ الأزل اتسم بتنظيم ودعم رسمي وسياسي، ليأخذ ابشع الصور في عالم القانون الدولي وحقوق الإنسان، حين وصل هذا العنف إلى الممارسات غير الأخلاقية والتي تمثلت بالاعتداء الجسدي على الفلسطينيين، وسلب اراضيهم واحتجازهم وبيع ممتلكاتهم ممتلكاتهم.. كل ذلك لا يشكل إلا جزء بسيط من تلك السياسة الممنهجة التي تجسدها حكومة الكيان الغاصب..
هذا العنف مع الأسف الاستيطاني قد تحول من مجرد فعل واحد إلى تنظيم يدرس ويقرأ.. وهو ما تأكده تقارير الأمم المتحدة مؤكدة وقوع أكثر من ألفي حادثة عنف مستوطنين في الضفة الغربية بين أكتوبر 2023 وديسمبر 2024، بمعدل 4 اعتداءات يوميًا، مع التركيز الأكبر في نابلس، والخليل.
هذا الرقم يعكس ما أود الحديث عنه بأن هذه الظاهرة لم تعد مجرد هامش بل اتسعت رقعتها على نطاق واسع جداً، لتؤكد أن العنف الإسرائيلي لم مقتصراً على أفراد، بل وجود هياكل تنظيمية داخل مجتمع استيطاني أمثال فتية التلال و"جيش الرب” والتي يبرز دورها في تهجير السكان والسيطرة على الأرض!
إضافة لذلك فإن هذا الاستيطان الممنهج لم يحدث مباشرة وإنما في وعاء دولي مبني على السياسة والامن، حيث جاء تقرير حقوقي ل منظمة هيومن رايتس ،بأن الجيش يوفر الحماية للمستوطنين أثناء الاعتداءات، أو يتغاضون عن التدخل لمنعها. ومن هنا تجد أن الدعم تجاوز الجانب الأمني مروراً بالسياسة. في تحويل النفوذ الميداني للقوة السياسية داخل حزب الليكود، بغية إيجاد أو صورة من صور التأثيرات على صناع القرار السياسي العالمي وتقنين القوانين السياسية التي تجعل توسع الرقعة الاستيطانية أمراً في غاية السهولة!
والمعضلة الأكبر لم تكتف إلى هذا الحد بل بوجود برامجية براغماتية، أيديولوجية وعسكرية للشباب اليهودي تؤدي دوراً مهماً في غرس ثقافة الاستيطاني المتطرف. بأنه دفاع عن حق مكتسب بموجب الشرعية والمشروعية الدولية حيث كان من أبرزها، برنامج مخينا عولاميت للطلاب اليهود في العالم، حيث يقدم هذا المخيم تدريب عسكري، وتعليم ديني يهودي سياسي يؤكد أن العنف هو دفاع عن أرض إسرائيل!
حيث أن وجود هذه البرمجية اليهودية تلعب الدور اكثر رغبة في استمرارية العقيدة اليهودية تجاه جيل حديث وتعطيهم الرغبة في المشاركة بالأعمال العدائية داخل هذه المخيمات وهو ما يعرف بتجنيد الاطفال في النزاعات المسلحة، ونصت على ذلك الكثير من مواد القانون الدولي الا ان اسرائيل لا تكترث لأي منها وما تؤكد سوى فكرة واحدة فلسطين لنا..!
ما تؤكده لنا هذه المنهجية أنها مبنية على بنية المجتمع نفسه باعتبار أن ما فعله نتنياهو يؤكد جذرية هذا المنهج المجتمعي وبأن السلاح الإسرائيلي قد تحول من أداة قتل إلى قوانين سياسية في عملية دمج المتطرف بالأحزاب الليكودية بغية تحويل هذا الاستيطان إلى قانون رسمي في الدولة اليهودية
وبالتالي أصبحت الحاجة اليوم إلى إيجاد إرادة دولية جادة لخلق قانون دولي حقيقي يمنع هذه الانتهاكات ويوقف البرامج التي تعزز ثقافة العنف
وفي فلسطين: فإن هذه الظاهرة قد تركت الألم الذي لا ينسى في للحياة اليومية من التهجير والحرمان والتدمير وبحرق الممتلكات والعزل الأمني والسياسي....!
د.محمد الرشايدة ✏️