خليل النظامي

ناطقون إعلاميون يتحدثون بلا لغة وبلا صوت،،

نبض البلد -

خليل النظامي 
من يتابع أداء الناطقين الإعلاميين في بعض الوزارات الأردنية، سرعان ما يكتشف أن هذه المناصب تحولت إلى موقع للديكور أكثر من كونها أداة للتواصل، فـ المفترض أن يكون الناطق الإعلامي حلقة الوصل بين المؤسسة أو الوزارة والصحفيين والمؤسسات الصحفية، إلاّ أنه اصبح في كثير من الأحيان حاجزا فولاذيا يوضع أمام الصحفيين بدل أن يفتح لهم الأبواب.
فالضعف الذي يميز أداء كثير من هؤلاء الناطقين لا يعود إلى تعمدهم التضييق على الإعلام أو ممارسة سياسة الكتمان المقصود، بل بكل بساطة إلى انعدام الخبرة، وغياب المهارات الأساسية التي يتطلبها هذا المنصب، فالغالبية تم تعيينهم بالواسطة، وأحيانا بالمحسوبية، وكأن هذه الوظيفة مجرد مكافأة أو منصب فخري، لا تحتاج إلى شخص مدرب يعي متطلبات العمل الإعلامي ويعرف كيف يتعامل مع أسئلة الصحفيين.
والنتيجة..!!!؟
الصحفي يلهث خلف المعلومة كمن يطارد سرابا في صحراء النقب، والناطق إما يطلب مهلة لـ التنسيق أو أخذ "الأوردر" ثم يختفي، أو يرسل بيان إنشائي لا يجيب عن شيء، فتجد أسئلة الصحفي بواد وإجابات الناطق بواد آخر، وكأن وظيفة الناطق تحولت من توضيح الحقيقة إلى إخفاء الحقيقة بطريقة لطيفة.

الى ذلك، وزارة الاتصال تتعامل مع الأزمة وكأنها مسألة تدريب وليست مشكلة اختيار، فتراها تعلن كل أسبوع عن ورشة عمل للناطقين الإعلاميين يدرب فيها جهابذة معهد الإعلام الأردني، وكأن الحل يكمن في زيادة الجرعات التدريبية، حتى أصبح الأمر أشبه بمحاولة تعليم شخص لا يعرف السباحة عن طريق إلقاءه في البحر كل يوم مع إعطائه بروشور تعليمي على الشاطئ.
والضحية الكبرى هو الإعلام الرسمي، الذي بات مرهقا وفاقدا لطاقته ورونقه، يعتمد على تصريحات خشبية لا تحترم عقل المتلقي، وبات المواطن يعرف مسبقا أن ظهور الناطق الإعلامي يعني تكرار العبارات نفسها والمتمثلة بـ "نحن نتابع"، "اللجان المختصة"، "التنسيق جار"، مجرد شعارات جاهزة يمكن طباعتها على قوالب بلاستيكية وتوزيعها بدلا من المتحدثين أنفسهم.
الحل لا يكمن في المزيد من الورش والبرامج النظرية، والمدربين المزورين المستعرضين، بل في إعادة النظر جذريا في آليات اختيار الناطقين الإعلاميين، فـ المطلوب ببساطة أن يمنح المنصب لمتخصصين حقيقيين، يفهمون الإعلام ويقدرون دوره، ويملكون الشجاعة لتقديم المعلومة بدل إخفائها. 
في النهاية، الناطق الإعلامي في الوزارات أصبح عنوان لأزمة أعمق تتجسد فيها غياب المهنية وتغول الواسطة وتراجع الثقة،،