نبض البلد - المرأة تثبت حضورها في عالم الرياضة
الأنباط – ميناس بني ياسين
في عالم الرياضة وتحديدًا كرة القدم كثيرًا ما تُحاصر المرأة بسهام الانتقادات وكأن هذه اللعبة حكرٌ على الرجال وحدهم، يُنظر لحضورها وكأنه اختراق لمكان غير مسموح به، فتُحاط بالتعليقات التي تحاول هدم المعنويات والتشكيك بقدرتها على الإدارة والتأثير، بل ويُقال إنها لن تستطيع أن تحمل مشهدًا مثقلًا بالتحديات والصراعات.
لكن الواقع يُكذّب تلك النظرة الضيقة فالحضور النسوي في الرياضة اليوم لم يعد مجرد وجود رمزي، بل أصبح حضورًا فعّالًا قادرًا على التنظيم والقيادة وصناعة الفارق داخل الملعب وخارجه، سواء من خلال الإدارة، الإعلام أو حتى الأداء الميداني.
ومن بين أبرز النماذج التي كسرت تلك القوالب تبرز سمر نصار، الأمين العام للاتحاد الأردني لكرة القدم، التي أعادت رسم صورة الإدارة الرياضية بلمستها الاستراتيجية ورؤيتها الحديثة، لم يكن طريقها مفروشًا بالورود لكنها فرضت احترامها بعملها الدؤوب، لا سيما وأنها جعلت من الاتحاد الأردني لكرة القدم مؤسسة أكثر تنظيمًا وانفتاحًا على التطوير برئاسة سمو الأمير علي وقيادته.
إرث سمر نصار لا يُختصر في إنجاز رياضي واحد بل يتمثل في النهضة الإدارية والفكرية التي قادتها داخل الاتحاد، حيث أصبح التنظيم أكثر احترافية، والقرارات مبنية على دراسات وخطط، لا على اجتهادات فردية؛ لقد أثبتت أن المرأة ليست قادرة فقط على أن تكون جزءًا من كرة القدم، بل على أن تقود دفة التغيير فيها، وأن تكتب فصلًا جديدًا من فصول الحضور النسوي في الرياضة العربية.
وجاء فوز نصّار مؤخرًا بعضوية مجلس الاتحاد العربي لكرة القدم عن المقعد النسوي بالتزكية، لدورة جديدة تمتد من 2025 حتى 2029، ليمنحها ثقة متجددة للمرة الثالثة على التوالي، وذلك خلال اجتماع الهيئة العامة للاتحاد الذي عقد في السعودية، وشهد أيضًا تجديد الثقة بالأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل رئيسًا للاتحاد لدورة جديدة، هذا الفوز لم يكن مجرد استمرارية بل انعكاس لمكانة نصّار المتصاعدة كأحد أبرز الوجوه الإدارية في كرة القدم العربية.
ومنذ توليها منصب الأمين العام للاتحاد الأردني لكرة القدم عام 2020، كسرت نصّار الصورة النمطية، فأصبحت أول امرأة تشغل هذا الموقع لتدير بمنهجية صارمة ورؤية استراتيجية ملفًا يعد من الأثقل في الرياضة الأردنية وبفضل خبرتها الأكاديمية كحاصلة على ماجستير في الإدارة الرياضية التنظيمية من جامعة لوفان الكاثوليكية، وسيرتها الرياضية كونها سبّاحة سابقة أدخلت إلى الاتحاد روحًا جديدة جمعت بين العلم والخبرة الميدانية.
في عهدها تحولت كرة القدم الأردنية إلى مشروع نهضوي متكامل حيث قادت جهودًا لتطوير البنية التحتية وبناء ملعب جديد بمواصفات عالمية، ورفعت موازنة الاتحاد تدريجيًا لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، مع تخصيص موارد أكبر لدعم المنتخب الوطني والأهم أنها وضعت أسس رؤية واضحة لخصخصة الأندية وتحسين التشريعات الرياضية بما يضمن استدامة التطوير.
تحت إدارتها عاش الشارع الكروي الأردني لحظات تاريخية عندما وصل منتخب "النشامى" إلى نهائي كأس آسيا 2023 لأول مرة في تاريخه، وهو إنجاز وُصف بأنه لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تخطيط استراتيجي وتهيئة بيئة تنافسية عالية المستوى كما أسهمت في جذب رعايات جديدة وتنشيط التسويق الرياضي، وهو ما انعكس على الحضور الجماهيري والمردود المالي.
بهذا المسار أصبحت سمر نصّار عنوانًا لمرحلة جديدة في كرة القدم الأردنية والعربية، نموذجًا حيًا على أن المرأة قادرة على إحداث الفارق متى ما امتلكت الإرادة والمعرفة، لتكتب من موقعها الإداري فصلًا جديدًا من فصول النجاح والنهضة الرياضية.