نبض البلد - كلمة ملك وصوت وطن لا يساوم على الثوابت
ولاء فخري العطابي
لم يكن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة خطابًّا عابرًا، بل كان موقفًا حاسمًا يُجسد نهج الأردن الثابت في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية، فكلمة جلالته جاءت لتؤكد أن الأردن رغم كل الضغوط والتحديات ما زال يحمل راية الحق ويقف مدافعًا عن فلسطين والقدس وعن أمن قطر الشقيقة وعن مستقبل المنطقة بأكملها.
في القمة، كان صوت الملك واضحًا ثابِتًّا لا يحتمل التأويل: "العدوان على قطر دليل على أن التهديد الإسرائيلي ليس له حدود، ردّنا يجب أن يكون واضحًا وحاسمًا ورادعًا”، عبارة مُباشرة تختصر رؤية الأردن وتكشف عن خط أحمر يضعه الملك في وجه إسرائيل وحكومتها المتطرفة، حيث لم يكن هذا الموقف مجرد تضامن سياسي بل إعلان صريح أن الأردن ينظر إلى أمن أشقائه كجزء لا يتجزأ من أمنه الوطني والقومي.
ويظهر أن جلالته ركّز على ثلاث رسائل رئيسية: الأولى إدانة العدوان الإسرائيلي باعتباره خرقًا للقانون الدولي وتصعيدًا خطيرًا يُهدد استقرار المنطقة، والثانية دعم قطر دعمًا مُطلقًا مُؤكدًا أن "أمن قطر من أمن الأردن” موقف يعكس تماسك الموقف العربي حين يكون صادقًا ومُلتزمًا، أما الرسالة الثالثة فهي تحميل المجتمع الدولي مسؤولية التمادي الإسرائيلي مع دعوة العرب والمسلمين إلى توحيد الجهود العربية لمواجهة هذا الخطر الذي تمثلّه الحكومة الإسرائيلية.
اللغة التي استخدمها جلالته كانت مُباشرة وجازمة بعيدةً عن التورية والمجاملة وهو ما يعكس طبيعة الموقف الأردني الذي يرفض المُساومة على الكرامة العربية أو التفريط بالثوابت، لقد وضع الملك عبدالله الثاني القمة أمام مسؤولياتها مُطالبًا بقرارات عملية توقف الحرب على غزة وتمنع تهجير الفلسطينيين وتحمي القدس ومقدساتها وتحافظ على أمن الأمة ومصالحها ومستقبلها.
من يتابع الخطاب يلمس وضوح القناعة الأردنية بأن المعركة مع إسرائيل لم تعد معركة حدود بل معركة وجود وهوية، لذلك جاء موقف الملك بمثابة جدار صد سياسي وأخلاقي يؤكد أن الأردن سيبقى صوت الحق مهما تعاظمت التحديات وأن قيادته الهاشمية ماضية في حمل أمانة الدفاع عن فلسطين والقدس ومقدساتها كما في الوقوف مع كل دولة عربية تتعرض لتهديد.
الأردن في الدوحة لم يتحدث عن نفسه فقط بل تحدث باسم أمة عربية واحدة، كان صوت الحق الذي دوّى في القمة والدرع الذي يرفض الانكسار، ومع كل كلمة نطق بها الملك عبدالله الثاني تجدد الإيمان بأن الأردن سيبقى على عهده لا يساوم على فلسطين ولا يتراجع عن القدس، ولا يتخلى عن أشقائه، إنها رسالة قيادة وشعب مضمونها أن الحق لا يُهزم وأن الأردن سيظل حصن الأمة وضميرها الحي.
إنه الموقف الأردني الثابت الذي لا يعرف المساومة ولا التردد الموقف الذي يجعل من جلالة الملك عبدالله الثاني صوتًا للحق ودرعًا للوطن، وحاميًّا لثوابت الأمة.