نبض البلد -
أحمد الضرابعة
تستضيف دولة قطر قمة عربية - إسلامية بعد أسبوع من تعرّض عاصمتها الدوحة لهجوم إسرائيلي جوي أدى لوقوع خسائر بشرية ومادية، لكنه لم يحقق أهدافه التي أشارت لها الصحف الإسرائيلية التي تضمنت اغتيال القادة السياسيين لحركة حماس. تضع قمة الدوحة الدول العربية في مواجهة الحقيقة الصعبة، وهي أنها تواجه انكشافاً استراتيجياً لا يمكن الثقة بأن التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية كفيلٌ بتخليصها منه، وبالتالي فإنها مجبرة على البحث عن بدائل استراتيجية تؤمِّن احتياجاتها الأمنية دون أن تضطر للقيام باستدارة حادة في تحالفاتها وعلاقاتها الدولية. ضمن هذا السياق، تأتي الدعوات المصرية والعراقية لإطلاق تحالف عربي يوفر الغطاء الأمني اللازم للدول العربية، وهي فكرة قديمة لها جذورها في الأدبيات السياسية والقانونية والعسكرية في العالم العربي، ويجري استحضارها في كل مرة تتصاعد فيها التهديدات الإسرائيلية أو الإيرانية ولكنها ظلت حبيسة الأدراج ولم يكتب لها التنفيذ. الدعوة لتشكيل تحالف عربي أو إسلامي لها وجاهتها في المنظور المصلحي، وهي إن تمت قد تعدل ميزان القوى في المنطقة، ولكنها تصطدم ببعض العوائق السياسية، فعلى سبيل المثال، هل تتفق كافة الدول العربية على سياسة خارجية موحدة ؟ .. وهل يمكنها معاً الوقوف على أرضية مشتركة من المصالح التي تتيح لها التحرك في أي اتجاه بشكل جماعي ؟ .. وهل يمكن للدول العربية أن تجتمع على تعريف محدد لهوية الأصدقاء والأعداء ؟ .. وعلى أي قاعدة استراتيجية يمكن أن تلتقي في إدارة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل ؟
قد يكون من الصعب الوصول إلى إجابات عربية موحدة
لهذه الأسئلة وغيرها التي تدور حول جوهر العمل العربي المشترك، لكن ذلك ليس مستحيلاً، ففي التاريخ الحديث أمثلة عديدة على أن العرب في المحطات الفصلية قاتلوا في الخنادق كتفاً إلى كتف، ووظّفوا قدراتهم السياسية والاقتصادية لدعم مواقفهم القومية، لكن ذلك كان في وقت حضرت فيه سوريا ولبنان والعراق واليمن وليبيا، ولم يكن العالم العربي منقسم على ذاته كما هو اليوم. في كل الأحوال، الظروف الصعبة لها سحرها كما يقال، وما زال في جعبة العرب ما يمكنه أن يرد لهم اعتبارهم. قمة الدوحة إن لم يسفر عنها الحد الأدنى من المخرجات التي تعيد حسابات الإسرائيليين في المنطقة، فإنها ستصبح جزءً من الذاكرة السياسية العربية المتخمة بالأحداث الكبيرة التي لم ترتقي مخرجات القمم العربية في حينها لمستواها، وستكرس حالة الإحباط الشعبي من كافة الجهود التي تُبذل على الصعيد الرسمي...