الذكاء المحلي: موجة الذكاء الاصطناعي التي تقودها كريم من قلب عمّان

نبض البلد -

عمّان، الأردن – في مكتب مشمس في العبدلي، يعمل مجموعة من المهندسين الشباب في كريم على تطوير أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُغيّر الطريقة التي يتنقل بها ملايين الأشخاص في المنطقة، ويطلبون طعامهم، ويكسبون دخلهم. لكنها ليست مجرد قصة تقنية؛ إنها قصة عن كيف أصبحت عمّان القلب النابض لموجة الابتكار في المنطقة.
بعد أن كان يُنظر إليه سابقًا كموقع تابع، أصبح مكتب كريم في الأردن اليوم واحدًا من أكثر مراكزها الهندسية إنتاجًا وتأثيرًا. منذ عام 2021، نما عدد المهندسين في عمّان بنسبة 382٪، ليقترب من 100 مهندس ومهندسة يعملون على كل شيء، من البنية التحتية التقنية الأساسية إلى ميزات قائمة على الذكاء الاصطناعي داخل تطبيق كريم الشامل Everything App.
وأصبح فريق عمّان اليوم مسؤولًا عن أكثر من ربع الإنتاج الهندسي في كريم. ووفقًا لتقارير استخدام الذكاء الاصطناعي الداخلية لشهر يوليو 2025، فإن المطوّرين في الأردن يتصدرون قائمة مستخدمي أدوات الذكاء الاصطناعي داخل الشركة.
وعلق طارق خلف، مدير هندسة برمجيات، والذي عاد إلى الأردن للانضمام إلى كريم بعد 12 عامًا من العمل في شركات التكنولوجيا الأميركية: "في كريم، لا نستخدم الذكاء الاصطناعي فقط، بل نصمم فرقنا ومنصاتنا ومساراتنا المهنية لنتطور معه. الأردن أصبح ميداناً لهذه النقلة، والمهندسون هنا يبرهنون أن الابتكار الإقليمي يمكن أن يكون قابلاً للتوسّع والنمو."
وأضافت آلاء الخضيرات، مدير الهندسة الاعتمادية (SRE): "في كريم، الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل هو مدمج في طريقة تشغيلنا ونمونا وابتكارنا. فريقنا في الأردن حوّل مراقبة الأنظمة بالذكاء الاصطناعي إلى العمود الفقري للاعتمادية، من خلال أنظمة قادرة على الاكتشاف، والتفاعل، وقريبًا المعالجة الذاتية بشكل لحظي. إنها خطوة جريئة نحو عمليات مستقلة، تقودها مواهب محلية تصنع أثرًا عالميًا."


الذكاء الاصطناعي: اللغة الجديدة للهندسة
في جميع الفرق المنتجة داخل كريم، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا من الحياة اليومية. أطلقت الشركة مجموعة مبادرات داخلية لعرض إنجازات الذكاء الاصطناعي وتسليط الضوء على كيفية استخدام الفرق التقنية لنماذج اللغة الكبيرة (LLMs) وأساليب الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) لتعزيز الإنتاجية، وتحسين تجربة العملاء، وتبسيط العمليات.
بإمكان مهندسي كريم  على سبيل المثال حجز جلسات فردية (1:1) مع خبراء الذكاء الاصطناعي داخل الشركة، والالتحاق بتدريبات داخلية حول هندسة التعليمات (Prompt Engineering) وتقنيات RAG (الاسترجاع المدعوم بالتوليد)، إلى جانب الوصول إلى مركز تعلّم الذكاء الاصطناعي المركزي (AI Learning Hub)  وذلك ضمن جهود كريم لتعميم الابتكار داخليًا.

رعاية المواهب المحلية من خلال Careem NextGen
يعود جانب كبير من هذا الزخم إلى برنامج Careem NextGen، برنامج التسريع التقني الداخلي الذي يستقطب أفضل خريجي علوم الحاسوب من مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك الأردن. ينضم المشاركون في البرنامج إلى فرق المنتجات منذ اليوم الأول، حيث يتحمّلون مسؤوليات حقيقية ويحصلون على تدريب رسمي وإرشاد مهني.
وعلى عكس برامج التدريب التقليدية، فإن هؤلاء المهندسين يُوظَّفون بدوام كامل منذ البداية، ويتبنون الذكاء الاصطناعي كجزء أساسي من عملهم، وقد ساهموا بالفعل في مبادرات مؤثرة. بل إن بعضهم عرض مشاريعه في معارض الذكاء الاصطناعي على مستوى الشركة.
وقالت أمل طه، إحدى خريجات NextGen الأردنيات: "إن البرنامج بلا شك مسارًا سريعًا للنمو إذ قدّم لي مجموعة أدوات متكاملة لترك أثر واسع النطاق على عملي." ففي عملها كمهندسة برمجيات خلفية في كريم، أسهمت أمل في بناء أنظمة إنتاجية، وصقلت حسّها المنتج، وتعلمت كيف تستفيد من الذكاء الاصطناعي التوليدي للعمل بسرعة أكبر والتفكير بإبداع وتحسين الخدمات التي تقدمها.

من استنزاف العقول إلى استعادة العقول
من خلال هذه الاستراتيجية، تسهم كريم أيضًا في عكس ظاهرة "هجرة العقول" المزمنة في المنطقة. إلى جانب استقطاب المواهب الشابة من الجامعات الأردنية، قامت الشركة بتوظيف مهندسين ذوي خبرة عادوا من شركات تكنولوجيا عالمية.
طارق خلف، الذي أمضى سنوات في شركة تكنولوجيا كبرى في أمريكا قبل أن يعود إلى عمّان، وصف هذا التحول بأنه لحظة "استعادة العقول":"المنطقة التي وُلدت ونشأت فيها صنعت من أنا، وشعرت بمسؤولية عميقة لأُعيد لها ما تعلمته."
واللافت للنظر أن المواهب التي تبقى في الأردن أو تعود إليه ليست مجرد مواهب بل هي متنوعة أيضًا. إذ أن أكثر من 20% من مهندسي كريم في الأردن من النساء، ويبلغ متوسط العمر 29 عامًا، ما يجعل المركز الهندسي في عمّان ليس فقط منتجًا، بل نابضًا بالحياة ومتعددًا في تنوعه.

الطريق إلى الأمام: بُني في الأردن، للمنطقة
مع توسّع كريم في خدماتها، من التنقل والطعام إلى المدفوعات وغيرها، أصبحت العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والموهبة المحلية هي نقطة التفوّق التنافسية. سواء كانت مستندات تأهيل ذاتية التوليد (AI-onboarded docs)، أو نماذج تعلم آلي لتوجيه المركبات، أو مساعدين صوتيين محليين، فإن بعض أكثر أدوات كريم تطورًا يتم تطويرها اليوم في عمّان، إلى جانب مواقع الشركة الأخرى.
في منطقة طالما اعتُبرت مستهلكة للتكنولوجيا العالمية، تُظهر كريم للعالم أن الشرق الأوسط بامكانه أيضًا أن يكون صانعًا للتقنية.
من طابق شبه فارغ في 2021 إلى أحد أهم مراكز الهندسة في الشركة بحلول 2025، يُثبت مكتب عمّان أن الاستثمار الصحيح في الموهبة والرؤية والتقنيات الناشئة قادر على بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي من هنا، من قلب الأردن.