التحديات الإقليمية… ما هي أولويات الأردن؟

نبض البلد -

د. خالد العاص
يقف الأردن اليوم أمام شبكة معقدة من التحديات الإقليمية المتشابكة. على مدى السنوات الماضية، شهدت المنطقة اضطرابات سياسية وأمنية متكررة، سواء في شكل نزاعات داخلية أو حروب بين دول، الأمر الذي جعل المملكة تواجه تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على مختلف الأصعدة. تدفق اللاجئين عبر الحدود، والتهديدات الأمنية المحتملة، والضغوط الاقتصادية والاجتماعية، كلها عوامل شكلت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأردن على الصمود وإدارة أزماته الداخلية والخارجية.
يمثل الأمن والاستقرار الإقليمي حجر الزاوية في أولويات السياسة الأردنية .فقد حافظت المملكة على موقف ثابت حيال القضية الفلسطينية، رافضةً أي توسع استيطاني في الضفة الغربية، ومؤيدةً بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة. وبالنظر إلى مشاريع التوسع مثل "إسرائيل الكبرى"، يؤكد الأردن موقفه الحازم. أما على صعيد غزة، فهو يطالب بوقف العدوان فورًا وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون تأخير، محذرًا من أن أي تصعيد للصراع ينعكس بشكل مباشر على الأمن الداخلي واستقرار المنطقة بأسرها.
في الوقت ذاته، يعكف الأردن على تعزيز دوره كوسيط في الأزمات الإقليمية، خصوصًا الأزمة السورية. من خلال التعاون مع دول الخليج والولايات المتحدة، يسعى إلى دعم استقرار الجارة الشمالية، بما يحد من تهريب المخدرات والأسلحة، ويقلل من خطر تسلل الجماعات الإرهابية. هذه السياسة المتوازنة تعكس إدراك المملكة بأن أمنها مرتبط ارتباطًا وثيقًا باستقرار محيطها الإقليمي، وأن أي فوضى في الدول المجاورة ستنعكس على الداخل الأردني بسرعة.
على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، تواجه المملكة تحديات كبيرة. ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب، وتراجع النمو الاقتصادي، والضغط المالي الناجم عن المديونية، كلها عوامل تضيف عبئًا على صناع القرار. كما تأثرت قطاعات حيوية، مثل السياحة، بنتائج النزاعات الإقليمية، مما يفرض على الحكومة البحث عن حلول مبتكرة لتعزيز الاقتصاد ودعم الاستقرار الاجتماعي في الوقت نفسه.




الأولويات الأردنية الحالية تعكس مزيجًا من الواقعية السياسية والرؤية الاستراتيجية. الحفاظ على الأمن الوطني، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وإدارة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، كلها متطلبات متداخلة. كما أن تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، والاستثمار في التنمية المستدامة، يعد جزءًا أساسيًا من استراتيجية المملكة للتكيف مع التحديات المستقبلية.
في خضم الصراعات الإقليمية، يقف الأردن كحارس يقظ، يلعب بمهارة على خيوط النفوذ المتشابكة بين المحاور المتصارعة. المملكة توفق بين التزاماتها الداخلية ومسؤولياتها الإقليمية، محافظة على أمن مواطنيها واستقرار المنطقة، حيث كل خطوة سياسية محسوبة، وكل تحرك ينطوي على مناورة دقيقة بين التحالف والحياد لضمان حماية مصالحها ومحيطها العربي.