مقاربة تحليلية بقلم المهندس سعيد بهاء المصري
ملخص لمقالة عمر النعيم عمرفي مقالة بعنوان "الدولة القومية بين تصدعات الإثنيات وصعود الخوارزميات"، يطرح المدوّن السوداني عمر النعيم عمر رؤية نقدية لمستقبل الدولة القومية. يرى أن إخفاق العقود الاجتماعية التقليدية في ضمان عدالة توزيعية حقيقية جعل المجتمعات المتعددة الإثنيات عرضة للتشرذم، وأن عصر الذكاء الاصطناعي قد يفتح أفقًا جديدًا لما يسميه "السيادة التشاركية اللامركزية"، حيث تُدار الموارد والخدمات بخوارزميات شفافة تتجاوز تحيزات النخب.
أثر غياب العقد الاجتماعي والعدالة الاجتماعية في سوريا والعراق واليمن وليبياتُظهر التجارب في سوريا والعراق واليمن وليبيا كيف أن غياب عقد اجتماعي راسخ يقوم على العدالة التوزيعية والتمثيل المتوازن للمكوّنات الاجتماعية كان سبباً مباشراً في تآكل الوحدة الوطنية. في سوريا، أدّت المركزية المفرطة وتجاهل التعددية إلى تغذية الصراع وإضعاف الهوية الجامعة. أما العراق، فقد كشف مسار ما بعد 2003 عن هشاشة العقد الاجتماعي، حيث حلّت المحاصصة الطائفية محل مفهوم المواطنة. وفي اليمن، ظل غياب عقد اجتماعي شامل يدمج الشمال والجنوب سبباً أساسياً في تفجر الصراعات المسلحة. أما ليبيا، فإن سقوط السلطة المركزية بعد 2011 كشف عن عجز الدولة عن إدارة الثروة بعدالة، ما أدى إلى تنازع إقليمي وولادة سلطات متوازية. تشترك هذه الحالات في أن غياب العدالة الاجتماعية وعدم القدرة على تحويل التنوع إلى مصدر قوة جعلا التعددية وقوداً للتفكك.
نماذج ناجحة لإدارة التعدديةعلى النقيض، هناك تجارب ناجحة مثل سويسرا وكندا والهند تثبت أن العقد الاجتماعي يمكن أن يُعاد إنتاجه بنهج شامل. سويسرا اعتمدت الفدرالية المتعددة اللغات ومنحت الكانتونات استقلالية واسعة. كندا أرست سياسات التعددية الثقافية وحمت الحقوق اللغوية للأقليات. أما الهند، فبالرغم من تنوعها الهائل، استطاعت أن تحافظ نسبياً على وحدة الدولة عبر دستور يضمن التمثيل الإقليمي وآليات مشاركة سياسية واسعة. هذه الأمثلة تبرز أن النجاح ليس في القضاء على التعدد، بل في إدارته بعدالة ومأسسته دستورياً.
مقاربة عمر النعيم: الذكاء الاصطناعي كعقد اجتماعي جديد- الخوارزميات بدل البيروقراطيات: الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوزع الموارد بمعايير شفافة بعيداً عن تحيز النخب.
- الإنذار المبكر للنزاعات: تحليل البيانات الضخمة يتيح التنبؤ بالتوترات الاجتماعية والتدخل المبكر.
- هوية رقمية جامعة: لا تلغي الخصوصيات، لكنها تعزز مواطنة قائمة على المصالح المشتركة.
- سيادة تشاركية لامركزية: الدولة القومية ستُعاد صياغتها كشبكة من الوحدات المحلية المترابطة بخوارزميات.
الخلاصةيُظهر التاريخ أن العدالة الاجتماعية المطلقة لم تتحقق في أي عقد اجتماعي، وكان غيابها سبباً مباشراً في انهيار دول متعددة الإثنيات. لكن رؤية عمر النعيم عمر تفتح الباب أمام إعادة اختراع العقد الاجتماعي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والحوكمة الخوارزمية. إن تبني هذه الأدوات ليس ترفاً بل ضرورة لإنقاذ الدول المهددة بالتفكك وتحويل تنوعها إلى مصدر قوة بدلاً من أن يكون بذرة صراع.