نبض البلد -
يبعث النهج الميداني الذي بدأ به وزير الصحة الجديد الدكتور إبراهيم البدور روحًا من التفاؤل في نفوس الأردنيين، إذ جسّد منذ اللحظة الأولى معنى القرب من المواطن ومتابعة التفاصيل على أرض الواقع، حين وصل مساء أمس إلى مستشفى الزرقاء الحكومي فور انقطاع الكهرباء عنه لبضع دقائق، ليتفقد بنفسه ما حدث، ويلتقي بالمراجعين ويستمع إلى آرائهم. كان هذا المشهد رسالة واضحة بأننا أمام قيادة صحية تؤمن أن الإصلاح يبدأ من الميدان لا من المكاتب.
وفي العقبة، المحافظة التي تمثل البوابة الاقتصادية والسياحية للأردن، يتطلع المواطنون إلى أن تمتد يد الإصلاح الميداني لتشمل ملفاتهم الصحية التي طال انتظارها، وفي مقدمتها إنشاء مستشفى حكومي متكامل، أو تحويل المستشفى الميداني الذي أُقيم خلال جائحة كورونا إلى منشأة دائمة، بما يواكب التطور العمراني والاقتصادي الذي تشهده المدينة، ويخدم سكانها وزوارها على حد سواء.
ورغم أن العقبة تحظى بتعدد في المنشآت الطبية، من مستشفى الأمير هاشم العسكري الذي يقدم خدمات نوعية، إلى المستشفيات الخاصة التي تساهم في تعزيز الرعاية الصحية، والمستشفى الجامعي قيد الإنشاء الذي يُرتقب أن يشكل إضافة نوعية، إلا أن الحاجة ما زالت قائمة لتعزيز بعض التخصصات الطبية، وتطوير قدرات الطوارئ والعناية المركزة، وتوسيع الخدمات التي تغني المرضى عن السفر لمسافات طويلة لتلقي العلاج.
إن الجهود التي تبذلها وزارة الصحة في جميع المحافظات، ومنها العقبة، تجد صدى طيبًا لدى المواطنين، خاصة مع ما توفره المكرمة الملكية السامية من إعفاءات طبية تصدر خلال دقائق، لتضمن حصول المرضى غير القادرين على العلاج في الوقت المناسب، وهي لمسة إنسانية تعكس عمق العلاقة بين الدولة والمواطن. كما أن توسيع مظلة التأمين الصحي ليشمل جميع الأردنيين سيشكل خطوة تاريخية نحو تعزيز الأمن الصحي الوطني، ويمنح الجميع شعورًا بالطمأنينة في مواجهة أي ظرف صحي طارئ.
إن العقبة، بتاريخها ودورها الاقتصادي والسياحي، تستحق أن تكون نموذجًا للخدمات الصحية المتطورة، والمطالبات بإنشاء مستشفى حكومي دائم أو تطوير المستشفى الميداني القائم هي دعوة لتعظيم الإنجاز وتسريع خطوات الإصلاح. ومع النهج العملي الذي أعلنه الوزير البدور، وثقافة الباب المفتوح التي أطلقها باستقبال أي مظلمة مباشرة في مكتبه، فإن الأمل كبير بأن تشهد المرحلة المقبلة قرارات استراتيجية تُترجم إلى واقع ملموس، وتؤسس لمرحلة جديدة من الخدمات الصحية في العقبة وسائر محافظات المملكة.
إن الإصلاح الميداني الذي بدأته وزارة الصحة لا يمثل مجرد تحسين في البنية التحتية، بل هو استثمار في صحة الإنسان الأردني، ورسالة بأن الدولة حاضرة في كل محافظة وقرية، وأن حق المواطن في الرعاية الصحية هو أولوية وطنية. وفي ظل هذا التوجه، فإن العقبة على موعد مع مستقبل صحي أفضل يليق بمكانتها، ويعكس صورة الأردن الذي نريد.
عماد عبدالقادر عمرو
رئيس مجلس محافظة العقبة سابقًا