تمزق في الرقبة، من فرط الأمل المزوّر

نبض البلد -
تمزق في الرقبة، من فرط الأمل المزوّر

في الأردن، لم تسجّل وزارة الصحة بعد عدد الإصابات بتمزق الرقبة،
لكن الواقع يشير إلى أن أغلب المواطنين يعانون من أعراضه،
ليس بسبب حادث أو إصابة جسدية، بل من كثرة الالتفات نحو ( الجانب المشرق ) الذي لا يُرى.

ذاك الجانب الذي يطلبه منك بعض المسؤولين في كل مناسبة:
(تفاؤلوا، اصبروا، انظروا للنصف الممتلئ، الوطن بخير ) ‼️

لكن الحقيقة؟ المواطن أنهكته محاولات التخيّل، ولم يعد يرى إلا واقعه كما هو: صعب، معتم، ومستنزف.

والمفارقة المؤلمة أن من يطلب من الناس الآن أن يتحلّوا بالصبر والوعي والانتماء،
هم ( بعض ) من كانوا في الصفوف الأولى للاعتصامات قبل المنصب،
يصرخون ضد الفساد، وينتقدون الحكومات، ويكتبون بجرأة عن وجع الناس.

أما اليوم، فقد جلسوا على الكراسي، وبدأوا يوزّعون دروس الوطنية،
وما إن صعدوا إلى كراسيهم، حتى تغيّر الخطاب،
وأصبحوا يعلّموننا الوطنية من فوق منابر السلطة، كأن حب الوطن يعني الصمت، لا المطالبة بالحق ، معادلة عكسية غريبة.

والمضحك والمبكي في نفس اللحظة، صاروا يعلّموا الناس كيف يحبّوا الوطن ‼️
الناس ملت من شعارات الإيجابية القسرية، ومن نصائح التفاؤل الجاهزة،
لأنها تعلم أن الشمس لا تُخلق بالكلمات… بل بالمحاسبة، والإنصاف.

تمامًا كالأيام الجميلة التي لم تأتِ قط، يبقى السؤال الأزلي: لماذا الجانب المشرق اشرقت شمسه على نوافذ ( بعض ) أصحاب القرارات السابقين، وتركت المواطن يتحسر على الغروب وكأنه مسلسل يومي لا نهاية له.