العبداللات : رسمة كاريكاتير واحدة تغنيك عن مئات المقالات

نبض البلد -

 

الرسام الأردني يؤكد الكاريكاتير أداة فعّالة لنقل الرسائل والتعبير عن الرأي

خوارزميات التواصل الاجتماعي تعيق انتشار الفن والكاريكاتير العربي يمر بمرحلة تراجع

 

حمزة زقوت

 

الكاريكاتير ليس مجرد رسمة ساخرة، بل لغة بصرية تتجاوز حدود الكلمات، تعبّر عن قضايا معقدة بلمسات فنية قد تبدو بسيطة، لكنها عميقة التأثير. وفي السنوات الأخيرة، تحوّل هذا الفن إلى أداة مؤثرة في تشكيل الرأي العام وتسليط الضوء على قضايا إنسانية وسياسية.

في هذا السياق، أجرت صحيفة الأنباط حوارًا مع رسام الكاريكاتير الأردني عمر العبداللات، الذي برز كأحد أبرز الفنانين في هذا المجال، لما تحمله رسوماته من مضامين إنسانية وسياسية لافتة. في هذا اللقاء، تحدث العبداللات عن دور الكاريكاتير في دعم القضية الفلسطينية، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي، والتحديات التي تواجه هذا الفن في العالم العربي.

 

الكاريكاتير.. لغة تتجاوز المقالات

يرى العبداللات أن الكاريكاتير أداة فعّالة لنقل الرسائل والتعبير عن الرأي، قائلًا: "رسمة واحدة يمكن أن تغنيك عن مئات المقالات”. ويؤكد أن للكاريكاتير قدرة كبيرة على إثارة النقاشات واستقطاب اهتمام الجمهور تجاه القضايا الإنسانية والثقافية، لافتًا إلى أن فعاليته تكمن في بساطة الشكل وعمق المعنى.

 

 

القضية الفلسطينية في مرآة الكاريكاتير

يشدد العبداللات على أن الكاريكاتير يلعب دورًا محوريًا في تسليط الضوء على عدالة القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن "الصورة الواحدة يمكن أن تختزل تاريخًا من الصراعات، وتوصل الرسالة بشكل مباشر للجمهور في الغرب وخارج الوطن العربي”.

ويرى أن التغيير لا يصنعه الفن وحده، بل حين يتكاتف رسامو الكاريكاتير مع الإعلاميين والناشطين والدبلوماسيين، عندها تصبح الرسالة أكثر تأثيرًا، داعيًا إلى تنسيق الجهود بين الفنانين العرب والغربيين لتوحيد الخطاب حول فلسطين.

كما يلفت إلى أهمية التوازن بين الجانب الفني والسياسي، موضحًا أن المتابعة المستمرة للأحداث تمنح الرسومات عمقًا ومصداقيةً، مشيرًا إلى ضرورة تجنب الخطاب التحريضي أو الانفعالي، وتحكيم العقل لا العاطفة في تناول القضايا.

 

الخوارزميات.. عقبة رقمية أمام حرية الانتشار

وحول أثر وسائل التواصل الاجتماعي، أوضح العبداللات أن هذه المنصات فتحت له آفاقًا واسعة لم تكن متاحة عبر الوسائل الورقية، لكنها في الوقت نفسه فرضت تحديات جديدة بفعل "طوفان الخوارزميات".

ويقول: "القواعد التي تفرضها المنصات – وغالبًا ما تُدار من دول ذات خلفيات ثقافية مختلفة – تعرقل انتشار الرسوم الفنية، وتحدّ من وصولها إلى الجمهور"، مؤكدًا أن هذه الخوارزميات تسهم أحيانًا في تهميش المحتوى الجاد لصالح ما هو أكثر جاذبية تجاريًا.

 

 

النقد البنّاء يدعم التطور

ويرى العبداللات أن النقد البناء جزء مهم من رحلة الفنان، مشيرًا إلى أن تباين الآراء يثري النقاش ويعزز من جودة العمل. لكنه يحذر في الوقت نفسه من النقد الهدّام الذي لا يضيف قيمة، ويشكل عبئًا على التطور الشخصي والمهني.

ويؤكد أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بعدد المتابعين، بل بمدى التأثير الإيجابي الذي يُحدثه العمل الفني، مضيفًا: "قد لا تصل إلى ملايين الناس، لكن إذا ألهمت شخصًا واحدًا ليُحدث فرقًا، فهذا هو النجاح الحقيقي".

 

 

الكاريكاتير العربي.. من وهج الربيع إلى التراجع

يشير العبداللات إلى أن الكاريكاتير في العالم العربي يشهد حالة من التراجع، نتيجة للقيود المفروضة على حرية التعبير. ويوضح أنه مع بداية الربيع العربي، شهد الفن طفرة كبيرة، لكن سرعان ما أُحبطت هذه الطموحات بفعل القمع والخوف الذي خيّم على صنّاع المحتوى.

ويرى أن الرسام الحقيقي لا ينعزل عن قضايا مجتمعه، بل يتحمل مسؤولية إنسانية تجاه الشعوب والثقافات، مؤكدًا أن الفن يمكن أن يسهم في إعمار الأرض وتقديم الدعم للنهضة الإنسانية.

 

 

الإلهام من رموز النضال

في ختام حديثه، عبّر العبداللات عن تأثره بشخصيات عالمية نضالية كـ نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي، بالإضافة إلى رموز عربية قاومت الاستعمار. كما أشاد بالناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ، معتبرًا صوتها دفاعًا قويًا عن القضايا الإنسانية، ومنها القضية الفلسطينية.

ويختتم بقوله: "آمل أن تتحلى البشرية بروح النضال من أجل الحرية والحق، تمامًا كما فعل أولئك العظماء الذين ألهموا العالم".