نبض البلد - ولاء فخري العطابي
كم هو جميلٌ ذاك المشهد الذي اكتست به شوارع الأردن وحدائقه وبيوته وأزقته وحتى شاشات التلفاز في يوم الاستقلال، مشهدٌ لا يشبه سواه مليءٌ بالفرح، بالزينة بالموسيقى، والابتسامات، بالقلوب التي تخفق حبًا وولاءً وانتماءً لهذا الوطن.
في يوم الاستقلال، لم يكن الاحتفال مجرد مناسبة عابرة بل كان تعبيرًا حيًّا عن علاقةٍ مُتجذّرة بين الشعب الأردني ووطنه، الكبار والصغار، النساء والرجال، خرجوا يحملون أعلامهم وابتساماتهم، يشاركون في رسم لوحة وطنية لا تُنسى، تفيض أملًا بأن الغد أجمل، وأن الأردن دائمًا بخير ما دام أبناؤه على هذا العهد.
شعبنا يحب الفرح ينتظره ويصنعه، ويتمسك به حتى في أصعب الظروف لأنه يعرف تمامًا أن الفرح جزءٌ من الكرامة، وأن من يحب وطنه يفرح له ويحتفل بوجوده كلما كانت هُناك فرصة، ففرحنا بالاستقلال لم يكن مجرد مناسبة وطنية فقط، بل كان نبضًا شعبيًا يعكس ما بداخل القلوب من محبة حقيقية لهذا البلد الطيب، ولهذه القيادة الهاشمية التي لطالما ألهمتنا بأننا نحن الشباب الأمل والمستقبل.
في صباح اليوم التالي، كانت الدعوات ترتفع من قلوب الناس البسطاء، دعواتٌ بأن تبقى هذه الأرض آمنة، حرة، مزدهرة، أن يكون مستقبل أبنائنا مشرقًا كما يتمنونه، مليئًا بالإنجازات التي نبنيها بسواعدنا لا بالوساطات، وبالعدل لا بالظلم، وبالرحمة لا بالتجبر، هكذا تُبنى الأوطان: لا بالتسلّط بل بالإخلاص، لا بالاستعلاء بل بالمحبة والعمل.
نعم، الوطن يحتضن أبناءه كما الأم تحتضن صغارها، يراهم يكبرون أمامه، ويكبر بهم، ويزداد فخرًا بنجاحهم وأملهم وإصرارهم على صنع مستقبل يستحقونه.
فليكن الاستقلال في كل عام تذكرةً لنا بأن الفرح حق، والانتماء شرف، والعمل طريق، وأننا هنا، في حضن الأردن، نكبر بالحب، بالكرامة، وبالفرح الذي لا يُقهر، نكبر حين نؤمن أن البناء يكون بالهمة لا بالمحسوبية، وبالاستحقاق لا بالتحايُّل، وبالعدل لا بالمجاملة، فالوطن لا ينهض إلا بسواعد مخلصة، تؤمن أن الطريق إلى الغد يُعبَّد بالجهد والإخلاص.